مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
السبت 23 نوفمبر 2024 07:42 مـ 22 جمادى أول 1446 هـ

تاريــــــــــــخ مصـــــــــــر المعاصـــــــــــــــــــر والحديث

 

  بعد وفاة سعد زغلول عام 1927م، تولي مصطفي النحاس رئاسة الوفد، و شكل وزارة إئتلافية ســـرعان ما انهارت تحت وطأة المناورات الحزبية و الملكية و الإنجليزية و بعد أن أقال الملك وزارة مصطفي النحاس في 25 يونيو 1928م، كلف محمد محمود القائم بأعمال رئيس الأحرار الدستوريين بتشكيل الوزارة الجديدة .

كان محمد محمود يتمتع بمساندة قوية من دار المندوب السامي و كان ذو شخصية قوية، فأراد أن يسيطر علي الشارع السياسي فعلق دستور 1923 م و عطل البرلمان.... ثم  دخل في مفاوضات مع الإنجليز بشأن الاستقلال عرفت بمفوضات ( محمد محمود .... هندرسون ).

ثم رأت دار المندوب السامي  أهمية تشكيل وزارة لها شعبية لتوقيع الاتفاق الناجم عن المفاوضات ، فاستقالت وزارة محمد محمود في  أكتوبر 1929م ، وأضطر الملك لإعادة الحياة النيابية فكلف عدلي يكن بتشكيل حكومة انتقالية و إجراء الانتخابات التي فاز فيها حزب الوفد بأغلبية ساحقة. و شكل مصطفي النحاس وزارة وفدية.

كان العداء بين وزارة مصطفي النحاس و الملك فؤاد شديدا حتي أن الوزارة لم تمكث أكثر من 6 أشهر ، فبعد فشل مفاوضات ......النحاس- هندرسون ...... أستغل الملك فؤاد الموقف و أخذ يتعمد تعطيل المراسيم الحكومية في عدة أمور حتي قام النحاس باشا بتقديم استقالته في 17 يونية 1930 و انهي بذلك وزارته الثانية التي لم تمكث أكثر من ستة أشهر نتيجة مؤامرات الملك فؤاد.

كلف الملك... اسماعيل صدقي بتشكيل الوزارة. فقام اسماعيل صدقي بحل البرلمان و إلغاء دستور 1923م... و أصدر دستورا جديداً عام 1930 سمي بدستور صدقي. و في هذا الدستور ازدادت سلطات الملك قوة

و زاد عدد النواب المعينين من قبل الملك.

و لقد رفض الوفد و الحرار الدستوريين الدستور و اسموه  دستور الحكومة بدلا من دستور الأمة.

كما وضع اسماعيل صدقي قانونا جديدا للإنتخابات و شكل حزبا هو حزب الشعب، و خاض به المعركة الإنتخابية التي قاطعها الوفد ، فحصل صدقي علي أغلبية مطلقة في البرلمان.

كانت تلك الإجراءات التعسفية مستفزة للشعب فتحولت الشوارع إلي ساحات قتال بين الطلبة و الأهالي من ناحية و البوليس من ناحية أخري. واستخدم اسماعيل صدقي أقصي أنواع البطش لإيقاف الإضطرابات حتي قيل أن الإجراءات البوليسية التي اتخذتها هذه الوزارة تعادل ما حدث في ثورة 1919م ...و لكن اسماعيل صدقي الموالي للملك لم يكن يتخيل أن تأتيه الطعنة من الملك نفسه الذي خشي علي سلطته من سلطة رئيس وزرائه القوي فقرر التخلص منه،

و بالفعل تقدم إسماعيل صدقي باستقالته من الوزارة في 31 سبتمبر 1933م. و كلف الملك عبد الفتاح يحيي باشا من حزب الشعب أيضا بتشكيل الوزارة. و لكن المندوب السامي ما لبث أن تدخل بعد استفحال ديكتاتورية الملك فؤاد و اقصائه لحزب الأغلبية مما ينذر

بانفجار شعبي ، فضغط المندوب السامي سير مايلز لامبسون Sir Miles Lampson علي القصر لتنحية رئيس الوزراء الموالي له، و بالفعل استقال عبد الفتاح يحيي في نوفمبر 1934م و تشكلت وزارة برئاسة توفيق نسيم الوفدي و كانت وزارة مدعومة من الوفد و المندوب السامي، و كان أول عمل لها هو إلغاء دستور 1930 و إعادة العمل بدستور 1923م ..

لم يمكث  الملك أحمد فؤاد كثيرا بعد وزارة توفيق نسيم حتي تدهورت حالته الصحية  وتوفي في 28 أبريل عام 1936م ، و خلفه علي العرش ابنه الوحيد فاروق من زوجته نازلي.

و كان  الشعب المصري  يكره أحمد فؤاد و كان بالنسبة له رمزا للتسلط و الدكتاتورية و عدوا للدستور و الحياة النيابية ( الديمقراطية ) و أحد أذناب الاحتلال البريطاني الذي لا يريد لمصر استقلالاً و لا حرية.

كما أن فؤاد هو الذي أتي بأكثر الوزارات بطشا و هي وزارة اسماعيل صدقي التي ألغت الدستور و أتت بدستور جديد يعظم سلطات الملك.

و لكن الحقيقة التي لا جدال فيها  أن عهد الملك أحمد فؤاد لم يخلو من الإنجازات علي مستويات أخري غير السياسية. فالملك فؤاد بالرغم من حكمه الدكتاتوري كانت له رؤية لتحديث مصر علي المستويات الأخري، ففي عهده ظهرت مشاريع كان لها أكبر الأثر في تطور مصر الاقتصادي و الثقافي، منها إنشاء بنك مصر، و بنك التسليف الزراعي،

و مصر للطيران، و الإذاعة المصرية، و معهد الفن و التمثيل. فهو الذي وقع علي مرسوم إنشاء بنك مصر  علي الرغم من معرفته أن المشروع يحارب نفوذ الإنجليز الاقتصادي.

جرت انتخابات نزيهة في مايو 1936 و فاز فيها الوفد بأغلبية ساحقة،

و شكل مصطفي النحاس الوزارة التي خاض بها المفاوضات مع الإنجليز و انتهت بمعاهدة 1936 و التي نصت علي :

1.         ــ إنهاء الاحتلال البريطاني

2. ــ       تبقي القوات البريطانية في مناطق محددة قوامها 10 ألف جندي في منطقة قناة السويس.

3.         ــ تقوم بعثة عسكرية بريطانية بتدريب و تسليح الجيش المصري

4. ــ       تحالف الدولتين المصرية و الإنجليزية و تقدم مصر المساعدات لحليفتها وقت الحرب أو في حالة التهديد بها و توضع جميع مطارات مصر و خطوط المواصلات فيها في خدمة القوات البريطانية وقت الحرب.

5.         ــ يستمر بقاء هذه القوات حتي يصبح الجيش المصري قادراً علي الدفاع عن قناة السويس

6.         ــ تقوم مصر بتنفيذ طرق برية و سكك حديدية لخدمة المتطلبات العسكرية للقوات البريطانية.

7.         ــ عودة قوة مصرية محدودة إلي السودان مع استمرارية العمل بمقتضي اتفاقيتي 1899 م

8.         ــ تساعد انجلترا مصر في الحصول علي عضوية عصبة الأمم

9.         ــ عصبة الأمم هي التي تنظر فيما ينشأ من خلافات حول تفسير مواد هذه المعاهدة ....

أختلف الساسة المصريون في الحكم علي معاهدة 1936م، فمنهم من رأي مزاياها و هو تقليص الوجود العسكري البريطاني في مصر، ومنهم من رأي مساؤها ، و هو اعتراف مصر بالوجود البريطاني و شرعيته.

و الحقيقة أنه من أهم إنجازات معاهدة 1936 أن بريطانيا أعترفت باستقلال مصر و بناءا عليه ساعدت مصر في التخلص من الامتيازات الأجنبية في معاهدة  .... منترو .... سنة 1937م.

إلا أن ذلك لم يمنع حدوث انقسامات داخلية في الوفد بسبب المعاهدة أدي إلي إنشقاق محمود فهمي النقراشي و أحمد ماهر عن الحزب

و تكوين حزب جديد هو حزب الهيئة السعدية أو السعديين نسبة إلي سعد زغلول. ....كما أن قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939م أضاع الاستقلال النسبي الذي حصلت عليه مصر بموجب هذه الاتفاقية، فقد زادت سيطرة الإنجليز علي الأمور في البلاد لخدمة معاركهم الحربية، كما زادت أعداد القوات البريطانية في مصر عن العدد المحدد لها في المعاهدة، و انتشرت في القاهرة و الاسكندرية و في كل أرجاء مصر لمواجهة الخطر الألماني القادم من الغرب.

توفي الملك أحمد فؤاد في 28 أبريل 1936، و كان ابنه فاروق في ذلك الوقت خارج مصر يتلقي تعليمه في إنجلترا، فمالبث أن عاد الابن

ليخلف اباه علي عرش مصر.

و يعد فاروق أول حاكم يحكم مصر منذ محمد علي بناءا علي الدستور المصري و ليس بناءا علي فرمان عثماني أو حكم بريطاني. و لكن هذا

لا يعني أن ما نص عليه الدستور لم يتم بالاتفاق مع دار المندوب السامي البريطاني في مصر.

الحقيقة أن فاروق لم يمكث في إنجلترا إلا ستة أشهر فلم تتح له الفرصة إكمال تعليمه سواء في إنجلترا أو في مصر. و عاد  إلي مصر

في 6 مايو 1936 و نزل في رأس التين ، ثم استقل القطار إلي القاهرة.

كان شعب مصر في قمة التفاؤل و الفرحة من تولي فاروق عرش مصر وزوال حكم الملك فؤاد الدكتاتوري الموالي للإنجليز و المناهض لكل الحكومات الشعبية التي جاءت في عهده مثل حكومة سعد زغلول

تفاءل شعب مصر خيرا بتولي الملك الشاب عرش مصر، و أصطفت الجماهير تصفق له و ترحب به علي طول الطريق من الأسكندرية

إلي القاهرة. لم يكن فاروق قد بلغ سن الرشد بعد،  فتولي الحكم مجلس وصاية مكون من الأمير محمد علي و علي عزت و شريف صبري و هو خال الملك فاروق، حتي أتم فاروق 18 سنة في 29 يولية 1937 م و تولي دفة الحكم بنفسه.

أحب الشعب الملك فاروق في البداية لصغر سنه و يتمه في هذه السن الصغيرة و تحمله المسئولية و هو لم يبلغ بعد سن الرشد. ثم أحبه بعد ذلك لبراءته الشديدة البادية في وجهه و خفة ظله و ميله للاختلاط بالناس و خاصة البسطاء منهم. فكان يخرج للشوارع بدون حراسة و يصافح الناس و يستمع لمشاكلهم.

كما عمل علي ماهر و أحمد حسنين علي زيادة شعبية الملك حتي طغت في بعض الأحيان علي شعبية الزعيم الجليل مصطفي باشا النحاس. فكثرت الدعايات التي تصف الملك فاروق بالورع و التقوي و الوطنية و حبه للناس، فهو يطٌلع علي شكاوي الناس بنفسه و يتبرع للفقراء من جيبه الخاص و يشجع الصناعة المصرية.

 

ورث فاروق عن ابيه كرهاً كبيراً للوفد و مصطفي النحاس، فسعي إلي تفتيت القاعدة الشعبية للوفد بالتدريج، و عمل علي استقطاب العمال

و الطلبة الذين يشكلون أساس شعبية الوفد، كما ضغط علي الوفد لتفكيك فرق القمصان الزرقاء من الطلبة التي يستخدمها الوفد لتحريك القاعدة الشعبية لصالحه ضد القصر. و زادت المشاحنات بين الملك

و رئيس وزرائه مصطفي النحاس في قضايا عديدة مثل تعيين رئيس الديوان الملكي التي انتهت بانتصار القصر في تعيين علي ماهر،

و كذلك تحديد السن القانونية التي يتولي فيها فاروق عرش مصر

بدون وصاية، فقد ضغط القصر علي تحديد سن الثامنة عشر، في حين أن النحاس أرادها واحد و عشرين. و لكن القصر مرة اخري انتصر بعد أن استصدر فتوي من الشيخ المراغي، شيخ الأزهر، بأن سن البلوغ هو 18 عاما. وبلغت المواجهات بين رئيس الوزراء مصطفي النحاس و الملك فاروق ذروتها بعد تولي فاروق سدة الحكم بخمسة أشهر فأقدم علي إقالة وزارة مصطفي النحاس في 30 ديسمبر 1937 م معتمدا علي شعبيته الكبيرة التي كان يتمتع بها في الشارع المصري. و بالفعل تقبل الشعب الإقالة بهدوء، و غطت أخبار زواج الملك القادم علي توابع إقالة الوزارة. و تزوج الملك فاروق من صافيناز سعيد ذو الفقار و اقيم حفل الزفاف في 20 يناير 1938 و سميت بالملكة فريدة. و كانت تتمتع برقة متناهية و ثقافة و ذكاء عال فأحبها الشعب المصري و بارك هذه الزيجة التي يريدها لملكه الشاب.

بعد إقالة الملك لوزارة النحاس، تمكن فاروق من أن يوجه دفة الحكم

عن طريق وزارات تخضع له و تنفذ مشيئته، فتتابعت الوزارات من 30 ديسمبر 1937 إلي 4 فبراير 1942م : محمد محمود ثلاث وزارات، وزارة لعلي ماهر ، وزارة لحسن صبري و وزاراتين لحسين سري.

شكل محمد محمود الوزارة برئاسته و تم حل البرلمان الوفدي، و أقيمت الانتخابات و تم تزييف النتائج بأمر ملكي لإقصاء الوفد.

تولي محمد محمود وزارة مصر بعد الانتخابات. و في تلك الوزارة ازداد تسلط الملك فاروق و زادت مضايقاته لرئيس وزرائه محمد محمود صاحب الشخصية القوية. كما بدأ الملك في استقطاب أصحاب القمصان الخضراء و هو حزب مصر الفتاة برئاسة أحمد حسين ..... و وجد الملك في حزب مصر الفتاة منافس مستقبلي لحزب الوفد لذلك عين كامل البنداري من هذا الحزب وكيلا للديوان. كما عمل علي استقطاب جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تأخذ موفقا معاديا للوفد.

استمرت المشاحنات بين الملك و رئيس وزرائه حتي أرسل الملك لرئيس وزرائه خطاب استقالة حكومته في 12 أغسطس و تقدم بها محمد محمود في 18 أغسطس 1939م.

كلف الملك فاروق .... علي ماهر بتشكيل الوزارة، و لكن الوزارة لم تكن متعاونة مع الإنجليز في الحرب العالمية الثانية، و اتخذت موقفا متشددا بضرورة وقوف مصر علي الحياد في الحرب، و خاصة مع توالي انتصارات المحور المدوية في ذلك الوقت، و استيلاء الألمان علي الترويج و سقوط فرنسا. و لكن الإنجليز ضغطوا بشدة لتغيير الوزارة لدرجة تهديدهم بخلع فاروق عن العرش، فاضطر علي ماهر للاستقالة في يونية 1940م .

فكلف فاروق حسن صبري بتشكيل الوزراة التي جمعت مختلف الأحزاب ما عدا الوفد. و لكن رئيس الوزراء توفي بصورة مفاجئة و هو يلقي خطبة العرش، فخلفه حسين سري في 15 نوفمبر 1940م.

كانت وزارة حسين سري موالية للإنجليز، فعمل فاروق علي أن يصور نفسه أمام الشعب علي أنه الوطني المتضامن مع الشعب في آماله في التحرر و المناوئ للإنجليز، كما عمل علي أن يصور وزارة حسين سري علي أنها متواطئة مع الإنجليز و متسببة في أزمة الغلاء التي حدثت بسبب قيام الحرب العالمية الثانية و قيام مصر بتموين جيش الحلفاء بالمحاصيل الزراعية مما أدي إلي ارتفاع اسعارها و حدوث

أزمة تموينية شديدة.

و لقد حدثت مظاهرات بالفعل في الجامعة و في الأزهر تهتف للملك

و لدول المحور مثل ( نحن جنودك يا رومل ، إلي الأمام يا رومل ، يحيا فاروق ، فاروق فوق رأسك يا جورج، يسقط الإنجليز ) ...

طلب رئيس الوزراء من فاروق وقف المظاهرات، و لكن فاروق لم يفعل شيئا، فتقدم حسين سري باستقالته في 2 فبراير 1942م . و ذكر حسين سري للمندوب السامي أن فاروق شخصية انفصامية.

كانت الحرب تسير علي غير ما يرام بالنسبة للحلفاء، و بدأ زحف جيوش المحور نحو حدود مصر الغربية، و كان فاروق يؤيد دول المحور، إيطاليا و ألمانيا، و يعلن هذا التأييد في كل مكان ، و غضب بشدة من رئيس وزرائه عندما أقدم علي قطع العلاقات مع حكومة فيشي في فرنسا الموالية لدول المحور. ووجد الإنجليز أن فاروق يجب أن يرحل لأنه يصعد حالة العداء في مصر ضدهم ، و يمنع تعاون الوزارة مع الإنجليز في الحرب، و يعلن علي الملأ أنه يعد مصر لاستقبال دول المحور المنتصرة. كما أراد الإنجليز رئيس وزراء قوي له شعبية يسيطر علي الأمور في مصر التي بدأت تنذر بخطورة واضحة نتيجة تأييد الشارع لدول المحور،

و هو ما لم يكن متوفرا إلا في مصطفي النحاس و حزب الوفد.

تعنت الملك في قبول طلب الإنجليز بتشكيل مصطفي النحاس للوزارة، لأنه رأي أنه يمكن أن يستفيد من الموقف لزيادة شعبيته فيظهر أمام الشعب بمظهر المناوئ للإنجليز و يظهر الوفد بمظهر موال للإنجليز.

و بالفعل في صباح يوم 4 فبراير 1942 م تم توجيه انذار للملك من المندوب السامي البريطاني سير مايلز لامبسون  إما القبول بتشكيل النحاس للوزارة أو التنازل عن العرش ...

تأخر رد الملك، فحضر في مساء ذلك اليوم السفير البريطاني لامبسون Lampson بصحبة الجنرال ستون و بعض الضباط المسلحين إلي القصر، و أخذت المدرعات و المصفحات مكانها حول القصر و علي متنها 2250 جنديا بريطانيا. ودخل لامبسون و الجنرال ستون إلي غرفة الملك و كان معه أحمد حسنين، و بدأ الحديث بين الطرفين، و بين لامبسون لفاروق أن رده علي رسالته الصباحية قد تأخر. حاول فاروق أن يدخل في جدال و لكن لامبسون أوقفه و سرد عليه جميع أفعاله المضادة للإنجليز، و انتهي إلي القول { و كل هذا يبين بوضوح، عدم صلاحية جلالتكم أكثر من ذلك للبقاء علي العرش}  و سلمه وثيقة التنازل عن العرش. و كان موقفا صعبا، و صمت فاروق، و بدفعة من أحمد حسنين، طلب فرصة حتي يحقق الطلب الإنجليزي و بالفعل  تحقق لهم مطلبهم و تم تشكيل وزارة النحاس.

استمرت وزارة النحاس رغم أنف فاروق حتي انتصر الحلفاء في معركة العالمين في 23 أكتوبر 1942م ، و بذلك أصبح لا يوجد داع لدي الإنجليز للتمسك بالنحاس و تركوه لمصيره مع الملك الذي ظل يتحين الفرصة لإقصاء غريمه.

ثم ظهر الكتاب الأسود لمكرم عبيد يكشف فيه مفاسد حزب الوفد برئاسة مصطفي النحاس، فقضي علي ما تبقي من هيبة الحزب في نفوس المصريين. و مرة أخري ظهر الملك فاروق بمظهر الحريص علي إقصاء مفاسد الوزارة، و بدت القطيعة بين الملك و رئيس وزرائه لا رجعة فيها. و لقد استعان الملك بمصطفي أمين ليستخدم الإعلام في تهيأة الرأي العام لإقالة وزارة النحاس، وبالفعل جاءت إقالة الملك لوزارة النحاس في 8 أكتوبر 1944م بعد يوم واحد من توقيع بروتوكول الجامعة العربية .... و بعد إقالة وزارة النحاس، كلف الملك فاروق أحمد ماهر بتشكيل الوزارة في 8 أكتوبر 1944، و كانت وزارة موالية للملك. ولكن ذلك لم يمنع الملك من إهانة حكومته و الاستهتار بها كلما سنحت له الفرصة، و من ذلك اقدامه علي السفر إلي السعودية و الالتقاء بالملك عبد العزيز بن سعود دون علم رئيس الوزراء أو وجود ممثل للحكومة معه.

كان أحمد ماهر من أرائه دخول مصر الحرب إلي جانب الإنجليز لأن ذلك سيعطي الجيش المصري خبرة ميدانية يفتقدها، فهو جيش لم يدخل حربا منذ عهد محمد علي 1839م ، لذلك فهو غير قادر علي حماية مصر و حماية قناة السويس، و هي الذريعة التي تتذرع بها بريطانيا لإبقاء قواتها في مصر.

عرض أحمد ماهر موضوع دخول مصر الحرب علي البرلمان، و بينما كان البرلمان يناقش الأمر، قام شاب مصري معارض لدخول مصر الحرب بإغتيال أحمد ماهر يوم 24 فبراير 1945م و هو في البهو الفرعوني في البرلمان المصري.