الأزهر يرد على كاتب فرنسي اتهم الإسلام بأنه دين الغزو والإخضاع
فرّغ مرصد الأزهر "فرنسي" محادثة صوتية (فيديو) على شاشة قناة TV Libertés، تحدث فيها أحد الكتاب الفرنسيين عن خوفه من سيطرة الإسلام على فرنسا في المستقبل القريب، كما أعرب عن استيائه من الدين الإسلامي، واصفًا إياه بأَّنه دين الغزو والإخضاع.
يأتي هذا في غضون ما تنتويه فرنسا بالفعل من إعادة هيكلة مؤسسة "إسلام فرنسا"، التي تهدف في مقامها الأول إلى سياسة إخضاع الإسلام للعلمانية ولقيم الجمهورية الفرنسية، ومن الواضح من خلال إلصاقه الإرهاب بالإسلام أّنه جد متأثر بداعش وأخواتها.
ورأى مرصد الأزهر أنه ليس من الإنصاف أن تطبق سياسة التعميم فى هذا الأمر، بل يجب أن يتم تصحيح تلك المفاهيم الخاطئة لديهم، وهو أن الإسلام بريء من داعش وأخواتها، وأن مثل تلك الجماعات لا تمثِّل إلا نفسها فقط.
بدأت المحادثة التى قام المرصد بتفريغها بتوجية سؤال للكتّاب الفرنسيين نصه "نستضيفكم اليوم بمناسبة نشر كتابكم الجديد بعنوان "هل سيتوقف قرع الأجراس بالمستقبل" الذي تقولون فيه إن الوقت حان لشرح رؤيتكم لمستقبل فرنسا، بعد أن أصدرتم من قبل كتاب "مساجد رواسي" عام 2006، وجاء في صفحته رقم 169 أّنه لن يكون هناك إسلام في فرنسا، بل سيكون هناك فرنسا إسلامية، وبعدها بعشر سنوات تقولون إنه يوجد بالفعل فرنسا إسلامية الآن".
ورد الكتاب "نعم، لقد تطورت الأمور على غير ما تشتهيه الأنفس، وأتذكر جيدًا أنه عندما قدم بجولة لوسائل الإعلام عام 2006، كان أول سؤال للصحفيين: "سيد فييله، هل أنت متأكد مما تقول؟" في حين كان الكتاب يحتوي، تمامًا كالكتاب الأخير، على مستندات أجهزة سرية وأجهزة استخبارات فوق مستوى الشبهات، وفي الواقع، اتضح أن كل ما كتبته عام 2006 كان صحيحًا، ومع ذلك لم يجرِ أي صحفي حوارًا معي، وما فاجأني أنني تعرضت لنفس الموقف عندما نشرت كتابي الأخير أيضًا.
سألني أحد الصحفيين: من أين تأتي بتلك المعلومات؟ هذا يعني أن هنالك مئات المناطق تشبه حي "مولينبيك"، ويقول جهاز الاستخبارات المختص بملف الإرهاب: إن هناك بعض المجتمعات الريفية الصغيرة في طريقها إلى أن تصبح قرى سلفية، إنهم لا ينظرون إلى فرنسا كما نراها نحن ولا يعيشون بنفس البلد، أو بالأحرى هناك ثلاث قوى تتنافس:
* العلمانية، التي تسبب الفراغ الذي سيملؤه المتطرفون.
* التعددية الثقافية، التي ستؤدي إلى الحرب الأهلية.
* اليسارية الإسلامية، التي تسيطر على شركات وسائل الإعلام.
ويتضح الآن جليًا أنه لو كنا اتبعنا دستور المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ودستور مجلس الدولة باسم مبدأ عدم التفرقة العنصرية، لكنا أسكتنا قرع الأجراس تمامًا - كما يحدث في البلاد الإسلامية - لتحل محلها أصوات المؤذنين.
إن سمفونية الإرث الخاص ببلادنا تتعرض الآن لخطر وجود أصوات المؤذنين وخطر أسلمة فرنسا وبناء المساجد، ولهذا ألفت هذا الكتاب.
لقد تلقيت الكثير من مستندات الأجهزة الاستخبارية تؤكد للنخب السياسية في بلادنا تحالفات شرق أوسطية وتحالفات مع كل من المملكة العربية السعودية وقطر، وذلك لأن المملكة العربية السعودية تقوم بدعم السلفيين وإيوائهم وتمويلهم وحكمهم، ومن ناحية أخرى تقوم قطر بدعم وإيواء وتمويل وتوجيه جماعة الإخوان المسلمين المنافسة للجماعة السلفية في فرنسا.
وبما أنه يجب الاختيار بين قطر وبين المملكة العربية السعودية، فهناك بعض الأحياء التي تنتمي لقطر وأحياء أخرى تنتمي للسعودية، فيشبه هذا "السوق"، على غرار النموذج الشرقي لبيع الأسلحة في مقابل خدمة السياسة الوهابية الخارجية، ويمكننا القول بأن هناك سوقًا انتخابيةً أخرى لبيع الأصوات مُقابل المساجد.
وفي الكتاب أقدم للفرنسيين الأجوبة عن السؤال: كيف ولماذا تركت النخبة الدولة منذ 40 عامًا للإسلام؟ وكيف ولماذا تتهيَأ للتخلِي عن الأرض؟ وكيف ولماذا يجب الاختيار بين فرنسا والقرآن؟
إننا بصدد غزو سكاني مُتوافق عليه فيما يُشبه نوع من أنواع الطقوس التي يُشارك فيها كل من النخب والإسلام، فالنخب تبحث عن العمالة بسعر قليل، وبما أننا لا نملك السكان توجب عليهم البحث عن الشعوب بالخارج، وهذا هو مشروع استبدال الشعب الذي يتوافق مع مشروع الإخوان المسلمين، الذي يسمى "التمكين" أي: الأسلمة بسلاسة، فالنخبة من ناحية تنادى بتجديد التوزيع السكاني، وطارق رمضان من ناحية أخرى ينادي بتغيير الشعب.
يطالب البعض بالتخلي عن بعض المناطق من أجل إنقاذ المناطق الأخرى، ما رأيكم؟
باسم الحرية سنعطيكم جزءًا من الأراضي الفرنسية، حيث يمكنكم تطبيق الشريعة الإسلامية على غرار بعض المناطق بالمملكة المتحدة في صفقة تبادل السلام مقابل التقسيم.
لقد وقفت طويلاً في حالة من الذهول أمام تصريحات الرئيس "فرانسوا هولاند" لاثنين من صحافي جريدة "لو موند"، عندما رد عل سؤال: كيف يمكن أن نتجنب التقسيم؟ هذا هو ما يحدث بالفعل.
ويعزز هذا ما قاله رئيس الوزراء الفرنسي "مانويل فالس" بالأمس القريب "الإسلام يحتل مكانًا في فرنسا"، إذًا فالهدف نقول للفرنسيين: نحن الفرنسيين نصافح النساء، ولا ترتدي نساؤنا تنورات القرون الوسطى، والأجراس تدق في بلادنا، والقرآن ليس فرنسيًا، إن القرآن لا يحمل سوى:
أولاً: "الجهاد" أي: الغزو، وبناء أمةٍ أخرى تخضع لله، وهذا ما لا يمكننا القبول به، لأن هذا لا يعني الهجمات الإرهابية وحسب، بل يعني الغزو، فهو دين الإخضاع.
ثانيًا: "الشريعة فالإسلام"، كما يقول أحد الكتاب، هو دين البربر، إنه أكثر من مجرد دين؛ لأنه نظام سياسي ديني، وهذا يعني وجود كل من أمةٍ ومجتمعٍ ودِين وقانون، فالقانون في الإسلام هو شريعة الله المقدسة التي لا يمكن تعديلها أو سنها، فجميعنا يعلم حكم ضرب المرأة في هذا القرآن الذي بجواري الآن.
وفي حوار مع الملك "محمد الخامس" قال لي: إنكم لن تستطيعوا جعل المغاربة فرنسيين؛ وذلك يرجع إلى وجود مفهوم الأمة الإسلامية التي تجمع المسلمين فقط، حيث يوجد في الإسلام ما يُسمى بـ"دار الإسلام"، فما من مؤاخاة خارج هذا السياق، لذا لا يمكن أن يصير المسلم جزءًا من أمة أُخرى، لذا فقد قام المسلمون بتكوين أمة خاصة بهم في قلب الأمة الفرنسية تحتل المناطق الريفية، وتبني علاقات مع سوريا، ولو كنا قطعنا تلك العلاقات لما حدث هجوم مسرح "الباتاكلان".
كما قرروا أن يجعلوا من الإسلام قوة انتخابية، ولذا لا يستطيع أحد التطرق لهذا الأمر، في الواقع لم تعد فرنسا مستقلة، حيث إننا نعمل مع حلِيفين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، لقد انخرطنا في حرب مع الولايات المتحدة في كوسوفا في الماضي، والآن نتحالف ضد بوتين وضد الأسد، فيما يقاتل بوتين والأسد جماعتي أحرار وأنصار الشام، الذين وصفهم السيد "فابيوس" بأنهم "يقومون بعمل جيد".
أما عن مرشحي الانتخابات الرئاسية كـ"آلان جوبيه" الذي يصفه المسلمون في بوردو بأنه خاتم في إصبعهم، و"نيكولا ساركوزي"، فيتصورون أن الحل لأزمة الإسلام في فرنسا هو جعل المجتمع الفرنسي مجتمعًا متعدد الثقافات، وأنا أرى أن هذا ليس حلاًّ، إنما هو مدخل للحرب الأهلية.
أما عن دوري، فأنا أسعى إلى إيقاظ الفرنسين وتنبيههم إلى أن فرنسا تواجه خطر الاندثار، حيث يجب أن يعلموا أن الإسلام والمسلمين ليسوا أمرًا واحدًا، ويقولون نحن نرفض الإسلام، وفرنسا لا تريد أن تكون الابنة البكر للإسلام، فلا مزيد من بناء المساجد، ولا لتسلُّل الوهابية والأموال الأجنبية.
في حقيقة الأمر يحب الاختيار بين القرآن وبين فرنسا، فقد شهدت فرنسا كثيرًا من المسلمين ممن اختاروا فرنسا وممن اختاروا الإسلام، لذا يمكن أن يوجد مسلمون فرنسيون ولا يمكن أن يوجد إسلام فرنسي، ويوم أن يحدث هذا سيعني أن فرنسا أصبحت دولة إسلامية، وهذا ما سأُحاربه حتى آخِر قطرة في دمي، ففرنسا ستظل دائمًا فرنسا.
وأقول إلى كل مَن يسمعني الآن: لا تتخلوا عن شبر واحد من الأرض، فنحن أصحاب حضارة عظيمة، وبالنسبة لشعب كالشعب الفرنسي هناك حقَّان حتميان:
* الأول: حق الاستمرار التاريخي، وهو حق حماية رموزه وثقافته وآثاره.
* الثاني: حق إثراء العلوم الإنسانية بحضارتنا والتفريق بين ما هو دنيوي وما هو روحي، وفهم دور المرأة.
إن فرنسا هي من اخترع فن اللباقة، وبرؤية المرصد يمكن أن تعَذى هذ الأمور الإسلاموفوبيا التي شاركت داعش ومن على شاكلتها في صناعتها.