جرجس بشرى يكتب: هل يُكشِر”السيسي” عن أنيابه ؟
المباني المخالفة في مصر تعتبر من أخطر الملفات الشائكة التي يخشى المسئولين اختراقها، وإن حاول بعض المسئولين اختراق هذا الملف تحت ضغوط إعلامية وشعبية عقب سقوط مبنى على رؤوس من فيه وسقوط ضحايا ومصابين، إلا أن استمرار المسئولين في اختراق الملف تتوقف وتهمد لتظل المشكلة كما هي بل وتزداد خطورة وشراسة كل يوم بشكل يهدد أرواح المصريين، ولعل ما نشرته وسائل الإعلام اليوم عن العقار المائل بمنطقة الأزاريطة بالإسكندرية ما هو إلا فضيحة من سلسلة الفضائح التي تؤكد على تغلغل الفساد في المحليات نتيجة لانعدام القيم وغياب القوانين الصارمة التي تردع بلا هوادة المسئولين الفاسدين الذي باعوا ضمائرهم للشيطان من أجل المال.
ولعل أيضا عدم وجود مرتبات عادلة تضمن للعاملين في المحليات حد أدنى للحياة الكريمة لهم ولأسرهم قد يدفع معدومي الضمير لارتكاب هذه الجريمة، فالفساد هو المرادف والوجه الآخر للمحليات التي أصبحت مثل الطابونة والعزبة وأشبه بالعصابات والقلاضيش التي تتهافت وتتسابق وتتراقص على أشلاء وأجساد شعبنا، فكم مبنى مخالف تم بناؤه في مصر بالرشوة ؟ وكم عمارة به أدوار مخالفة ربما تزيد عن الأدوار المصرح بها قانونا في مصر ؟
وكم برج سكني مخالف أساسًا وبه أدوار مخالفة ويسرق الكهرباء والمياة تم بناؤه أمام مدرسة تتهدد حياة التلاميذ والمواطنين ؟ .. هل يعلم حضراتكم أن عدد المباني المخالفة في القاهرة فقط بلغ في نهاية عام 2015 إلى نحو 4.9 مليون مبنى، وأن إجمالي العقارات المقامة بدون ترخيص بلغ 317 ألفا و948 عقارا ؟ وذلك وفقا ً لتقرير نشره المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، فإن كان هذا الفساد المتغلغل في محافظة القاهرة فقط فما بالكم بباقي محافظات الجمهورية، والحق أقول أن هذا الملف الشائك سيزداد خطورة وتوحشا ووعورة على حياة المصريين إذا سارت الحكومة على نهج الحكومات السابقة في التعامل معه، وهو ما يتطلب في رأيي الشخصي تدخل الرئيس السيسي شخصيا لحله حفظا لحياة المواطن واستمرارا في تنفيذ وعوده الحاسمة بملاحقة الفاسدين والحرامية الذين تخيلوا أن مصر طابونة وتكية وعزبة يرتكبوا فيهم جرائمهم بحق الشعب وهم يدركون مسبقا أنهم بعيدين عن المحاسبة والملاحقة.
فكما كشر السيسي عن أنيابه في ملف أراضي مصر المنهوبة وأعاد لمصر وللشعب ما سرقه ونهبه الهليبة والحرامية وواضعي اليد وما زال، إلا أنه يجب على الرئيس السيسي أن يكشر عن أنيابه ويظهر العين الحمراء في ملف المباني والعقارات المخالفة بمصر، وذلك بتشكيل لجنة إدارة أزمات لهذا الملف تقوم بتحديد وحصر المباني غير المرخصة في مصر التي تسرق حقوق الشعب في الكهرباء والمياة وسرعة تقنين أوضاعها وترخيصها والحصول على غرامات مالية من مالكي هذه العقارات وليس من السكان عن مخالفات عدم الترخيص وأيضا عن سرقة التيار الكهربائي والمياه.
وأيضا بالنسبة للعمارات والأبراج التي تبني أدوارا زائدة مخالفة والتي تهدد حياة المواطنين يجب وعلى الفور إزالة هذه الأدوار وبقوة وحسم مع توقيع عقوبات صارمة على المسئولين في الحي والمقاول أو صاحب المبنى المخالف، وتوقيع غرامات مالية كبيرة عليهم وتحصل هذه الغرامات في صندوق يخصص لهذا الغرض كحق أصيل للشعب، كما يجب تعديل القوانين القديمة والبالية وعدم المصالحات في قضايا الفساد خاصة إذا كان المبنى به أدوار مهالفة تشكل خطرا على حياة السكان والمواطنين، وأنني من هنا أطالب الرئيس السيسي شخصيا بفتح هذا الملف وأثق تماما في قدرته على اختراق هذا الملف الشائك الذي سيحسب لتاريخه ورصيده الوطني ، خاصة وأن مليارات الجنيهات سيتم تحصيلها من الفاسدين سواء من أصحاب المباني المخالفة أو الفاسدين القابعين في مفاصل المحليات.