بشير العدل.. يكتب العذاب اسمه بطاقة التموين
المتتبع لأداء حكومتنا – اللهم إنى صائم – يكتشف للوهلة الأولى أنها تتفنن فى آليات تعذيب خلق الله فى أرض بلادى مصر، خاصة المعدمين منهم، والذين يعانون شظف العيش، وضيق ذات اليد، وأغلبهم من أصحاب بطاقات التموين.
تعذيب الحكومة للناس تعددت آلياته، فبجانب عدم قدرتها على ضبط الأسعار، وترك الأمور لجشع التجار كى يتاجروا باحتياجات المواطنين من السلع الأساسية، فرضت عليهم عذابا جديدا اسمه بطاقة التموين، التى لم تعد مصدر أمن غذائيا لكثير من المواطنين، بل زادتهم عذابا على عذابهم.
فما إن يشعر المواطنون ببعض الأمان تجاه ما يصرف لهم من سلع على البطاقة، يقول المسئولون– اللهم إنى صائم – إنها توفر سلعا مدعومة ومتميزة الإنتاج ورغم عدم صحة ذلك تقبل المواطنون خداع وكذب المسئولين، إلا أنهم لم يسلموا من آليات العذاب باسم البطاقة.
فتارة تقوم الجهات المعنية بإلغاء ملايين البطاقات وتطالب بتجديدها، وتحرم أصحابها من المقررات التموينية خلال فترة التجديد التى تصل إلى 3 أشهر، وتارة أخرى تلجأ إلى ما يسمى تجديد بيانات البطاقات، وتارة ثالثة إلى تنشيطها.
وفى جميع الحالات يعانى المواطنون الأمرين، من سعى بين مكاتب التموين ووزارته ومكاتب البريد، والذهاب المتكرر ولكن دون جدوى، حتى يسلم المواطن أمره لله لحين انتهاء الإجراءات فى وقتها الطبيعى.
والحقيقة فى كل تلك الحالات، سواء كانت التجديد، أو تأكيد البيانات، أو التنشيط، فإنها تعد مداخل لفرض أعباء مالية على المواطنين، وحرمانهم من المقررات التموينية، وهى لعبة تقوم بها الحكومة لصالح شركات خاصة، أو حتى لصالحها دون مبرر.
فما إن ينتهى المواطن من حلقة إلا ويدخل فى أخرى لينتهى به المطاف إلى لعن الأيام والليالى، وصب جام الغضب على المسئولين، الذين بدا للكثير منهم خاصة فى الوزارات الخدمية، أن تعذيب المواطنين والروتين فى التعامل معهم أصبح منهج حياة.
وإذا كنا نتحدث عن مصر الجديدة، فلا يمكن أن نصل إليها فى ظل استمرار تلك السياسة العقيمة التى تتعامل بها بعض الجهات مع المواطنين، تحديدا الذين يعانون أوضاعا اقتصادية متردية، وأحوال معيشية متدنية، لتكون تلك الجهات والقائمون عليها عقبة نحو التقدم إلى مصر الجديدة.