لبنى إبراهيم تكتب: ”عندما يبكي القلم حرقة على دماء الوطن”
ولا زال الإرهاب في ثوبه الأسود المتجدد علامة دنيئة على خارطة كل دولة من دول العالم، ولا نقول إن هذه الخسة والدناءة سمة من سمات قطر ما ولكن نحن نبحث في خبايا هذه الظاهرة التي أصبحت أول مهام الصعوبات السياسية التي تواجه استقرار كل دولة، لأن هذه الظاهرة الدنيئة تمحو كل سمات الأمن القومي للبلد الواحد.
في السنوات الماضية ومنذ زمن بعيد برزت هذه الظاهرة في بلاد المغرب العربي وبالتحديد في دولة "الجزائر" وضرب الإرهاب الأسود هذه البقعة الجغرافية الجميلة والتي كان يطلق عليها "باريس الثانية" لما تحلت به من جمال الموقع الإستراتيجي الذي كان يجمع بين جمال الطبيعة واعتدال المناخ.
دك الإرهاب الغاشم هذا الوطن وأصبح خلية للإرهاب والإرهابيين الذين لا يميزون بين طفل وكهل وشاب وشيخ وفتاة وعجوز ولايفرق بين قبيح وجميل ولا فقير وغني، يأتي بكل جبروته وظلمه ويدمر كل ماهو طيب وحسن ويغتصب الحياة من كل حياة.
وباتت "الجزائر" الحالمة بالحياة المستقرة والآمنة بعد سنوات الإستعمار والمكابدة في تحقيق الاستقلال، يسكنها هاجس الإرهاب الذي يحمل معه الخوف والهلع والرعب، وباتت الشوارع المزدحمة ليل نهار خالية بعد ساعات قليلة من اليوم.
كيف لا والمرء يفتقد الطمأنينة والأمن في سريره وفي بيته وفي حارته وفي وطنه.
ولم تكتف الأيادي السوداء برقعة جغرافية معينة من العالم ولكن بدأت تمتد إلى هنا وهناك إلى أن وصلت إلى البيت الأبيض الأمريكي في حادثة الإرهاب الحالك في الحادي عشر من سبتمبر الشهير والذي ضرب أمريكا صانعة القوة العسكرية والسياسية والإقتصادية في العمق، حتى يمرر رسالته إلى هذا القطر العملاق من الأرض ويقول أن يد الإرهاب طويلة وممتدة إلى مالا نهاية له.
ومنذ ذلك اليوم والولايات المتحدة الأمريكية التى كانت أحدوثة كل الدول والضليعة في توفير الأمن والأمان لأبناء وطنها أصبحت لا تهدأ ولا تمل من تطوير قواتها الأمنية والعسكرية وخبراتها في تحديث تقنيات إحباط كل عمليات الإرهاب.
وفي الزمن غير البعيد أصبحنا نتحدث عن صناعة الإرهاب وعولمته حتى يشمل كل البلدان إن لم نقل أغلبها ولا داعي للبوح بأعداد الضحايا المهول الذي يزداد مع كل عملية عمياء وعتماء.
لكن في السنوات الأخيرة اشتدت حدة الإرهاب القاتل في بلاد النيل "مصر" أم الدنيا وبدأت عابرة وغير مخطط لها في الوهلة الأولى فاستهدفت الأجانب في المناطق السياحية، وتتالت بعدها الواحدة تلو الأخرى وكانت في كل مرة تستهدف فئة معينة من أبناء الشعب المصري، فأتت الهجمات الإرهابية المرتدة على الأقباط وسالت دماء كثيرة وبريئة جراء ذلك ودمرت كنائس ومثلها مساجد وهوجمت دور العبادة التي كانت تمثل مأمنا من كل هلع، وتضاعفت خلايا الإرهاب وكذلك ضحاياه.
لكن الغريب هو أن أكثر العمليات الإرهابية كانت تستهدف لا فقط المدنيين ولكن المجندين ورجال الجيش والشرطة وحماة الوطن، حتى بات هؤلاء في هلع من هذه الوظائف الرسمية، وتهدأ نار الإرهاب في مصر لأيام معدودات وتعود من جديد بوتيرة متسارعة حتى بات الإرهاب جزء من العملية السياسية في خارطة مصر.
والسؤال المطروح من وراء هذا العمل الخسيس الذي يستهدف كل فئات المجتمع على اختلاف أعمارهم وأجناسهم؟وهل لنا أن نقول إن صانعي الإرهاب هم من اليهود والنصارى لأنهم يستهدفون المسلمين دون غيرهم أو نرشح العكس ونقول أن ممولي الإرهاب هم من المسلمين لأن الضحايا هم فقط من الأقباط.وهكذا حتى تكون الرؤية واضحة أمام إستراتيجي اللعبة السياسية والذين يحاولون إيجاد حلول إيجابية في مواجهة تحديات الإرهاب لكسر كل الجهود الدولية المبذولة لإرساء السلم والسلام المرجوين، وحتى يدرك المحللون السياسيون أن صناعة الإرهاب أحادية المصدر من الديانات المتطرفة أو غير ذلك،وإما أن تكون صناعة متعددة الأطراف تمولها جهات مختلفة الأعراق.
لكن لحين إيجاد حل لهذا اللغز هل ستبقى الضريبة البشرية المدفوعة في تزايد؟ وهل ستظل هذه الأيادي السوداء تغتصب الحياة من كل من أرادوا الحياة؟ وإلى متى سيظل هذا الكابوس يهدد حياة البشرية جمعاء.
وما يندى له الجبين أن قمما عربية وأخرى أوروبية وغيرها لا تنفك تنعقد لمواجهة الإرهاب وتنتهي على ما انعقدت عليه دون الوصول إلى حل سياسي لهذه الأزمة المضمحلة والتي لا ترحم صغيرا ولا كبيرا.
مصر اليوم من أكثر البلدان المستهدفة دون غيرها؟ لماذا لست أدري ربما لأن مصر منذ الأزل مطمعا إستراتيجيا مهما للعديد من الدول الغربية وأمن مصر وإستقرارها يعني عدم رضوخها وإستسلامها للطغاة وهذا طبعا مالا يرضاه الحاقدون على مصر ومالايتمنوه لها.فأن تظل مصر مهددة بالهجمات الإرهابية يعني طلب العون وشد الأزر من الدول المجاورة،وهذا هو المكر الدنيء حتى تظل مصر راكعة لجملة من الدول.
مصر اليوم مطالبة بشد أزرها نفسها بنفسها،بيديها قادرة على أن تفتك بيد الإرهاب الغاشمة،بتآزر أبناءها وشد عضدهم ببعضهم البعض،فالكل مطالب بالكفاح ضد الإرهاب ومواجته.