مارتينا مدحت تكتب: ”أبمثل هذا السخف قد كنا”
"أتلو رسائلنا فتضحكني.. أبمثل هذا السخف قد كنا؟"..
هذا البيت لنزار قباني، يثير بداخلى العديد من المشاعر المتضاربة والأسئلة العديدة التى أبرع فى الإجابة عنها تارة وأتجنب مواجهة نفسي حين لا أجد ردًا كافيًا عليها تارة أخرى.
"أبمثل هذا السخف قد كنا حقا؟" أم هى حيلة دفاعية لإكراه النفس على تقبل سُبُل مفروضة على مستقبل تم وأدُه، وهل وجب التشبث بكل ما يُذَكرك بـ"أنت القديم"، بكل ما فى ثناياه جزءًا منك؟ بكل ما يحمل فى طياته تفاصيلك؟ أم أن العمر مجرد سلسلة من المراحل الانتقالية ولا حاجة بالإمساك المضنى بتلابيب الذكريات.
أزداد اختناقا تجاه هذه الحالة من الإدراك والتحليل والركض وراء الأسئلة، ومحاولة وضع إجابات ملائمة لتخطي هذا الشعور بالحيرة، أزداد اختناقا تجاه هذا الوعى المفرط الذى ذكره "دوستويفيسكى" فى كتابه "مذكرات قبو" واصفًا إياه قائلا :"أؤكد لكم بأن الإفراط فى امتلاك الوعى ما هو إلا علة مرضية حقيقية وتامة، إن مستوى وعي عادي قد يكفي الإنسان فى تدبير شئون حياته اليومية".
ماذا يحدث عندما يخونك يقينك؟ وعندما ينهار لك عالم جميل؟ وعندما تطيل البحث عن حلقة مفقودة وما إن تظن أنك وجدتها وتعود راكضًا للإمساك بها فلا تجد شيئًا.. سواء كنا بهذا السخف أو لم نكن، أعلم أن خيبات الانكسار لا تلتئم سريعا وأن ما يُخلفه هذا الأخير من حزن وألم وخوف لم يلق بى يوما، وأعلم أيضا أننى لست مجرد لحن حزين ولا فريسة هاربة من مطاردة الذكريات السيئة.
فى النهاية من أعطى الحق للهزيمة بأن تحتل العمر هكذا؟ باسطة نفوذها على كل ما تطوله يداها.
آمنت أن دائما ما كان هنالك متسع للحياة والحب والجمال وللبداية من جديد، أما عن هذه الخسارات فلا تملك الحق أن تعيش فينا للأبد، لا تملك الحق فى أسري ولا تملك الحق فى سلبي حقي في الحياة، أن أحيا كما أردت أن أحيا، أنا لا كما أجبرتنى أخطائى وأخطاء الآخرين.
عظيم أن يدرك ولا ينسى كل منا أنه يحوي أمكنة عليه حفرها وحده، وزوايا مظلمة بداخله لا أحد غيره قادرا على اكتشافها، فنحن الحرب ونحن السلام، نحن الصخب ونحن الهدوء، نحن الونس ونحن الوحدة، نحن الحيرة ونحن اليقين، نحن السخفاء ونحن العقلاء.