محمد عمار يكتب.. هل أنفقت أمريكا 106 مليارات دولار لحماية أمنها القومى من إيران؟!
إن السيطرة الأمريكية على نفط الخليج العربى ستمكن الولايات المتحدة من التحكم فى المصالح الاقتصادية للقوى الكبرى والتى تعتمد بشكل كبير على الواردات النفطية من منطقة الخليج، وذلك من خلال طريقتين، الأولى التحكم فى إمدادات النفط التى تستهلكها هذه القوى الكبرى، ومنها الصين واليابان وفرنسا، والثانية التحكم فى أسعار النفط، والعمل على هبوطها فى السوق العالمى، بما يحقق خسائر فادحة فى عائدات البلدان النفطية ومنها روسيا، ولذلك تبذل الولايات المتحدة أقصى جهدها، من أجل إقصاء منافسيها عن المناطق المنتجة للبترول أو استيعابهم ضمن مخططاتها، بحيث تكون هى وشركاتها العملاقة الجهة المسيطرة، والتى لها النصيب الأكبر من الغنائم. هذا ما أكدت عليه إستراتيجية الأمن القومى الأمريكى التى أصدرتها إدارة أوباما السابقة عام 2010 والتى شددت على التنمية الاقتصادية، وتحقيق نمو اقتصادى مستدام، والذى يقوم على دعامة أساسية، وهى البترول باعتباره ركيزة من ركائز الأمن القومى الأمريكى، فبسيطرة الولايات المتحدة على النفط لا تنفرد الولايات المتحدة بالهيمنة على العالم فقط، بل لا لن تعطى الفرصة لأى قطب من البزوغ، وإن حدث ذلك فستكون هذه الأقطاب تابعة لاقتصاديات القطب الأمريكى، كما تشير الباحثة مروة محمد عبدالحميد عبد المجيد فى دراستها التى حملت عنوان «التغير والاستمرار فى إستراتيجية الأمن القومى الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر». رابعا: إدارة برنامج الدرع الصاروخى بالشكل الذى يحقق أهداف استخدام الأدوات العسكرية فى تعزيز الأمن القومى الأمريكى. أولا: برنامج الدرع الصاروخى هو برنامج قامت الولايات المتحدة الأمريكية بنشر بعض عناصره فى مايو 2007 بالقرب من حدود روسيا الشرقية، حيث قامت بنشر محطة رادار فى تشيكيا وعشر منصات إطلاق صواريخ اعتراضية فى بولندا، وهذا الأمر قد أثار غضب القيادات السياسية والعسكرية الروسية، واعتبرته أنه عودة لمناخ الحرب الباردة الذى كان سائدا خلال حقبة الاتحاد السوفيتى، ونجد أن منظومة الدرع الصاروخى هى ليس وليدة هذه اللحظة، بل هى استكمال لمسيرة بدأت فى الأصل بعد الحرب العالمية الثانية، وتمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من خلاله تحقيق بعض الإنجازات الحيوية التى تمثلت فى نظام سنتيل للدفاع الصاروخى، إلا أنها توقفت عن هذا البرنامج، وعقدت معاهدة حظر الأسلحة المضادة للصواريخ الباليستية فى عام 1972 مع الاتحاد السوفيتى، من أجل حفظ التوازن والاستقرار الإستراتيجى ومنع نشوب حرب نووية يمكنها أن تنشب من خلال أجواء غير محمية، وفى بداية الثمانينيات أعادت إدارة رونالد ريجان استئناف تطوير نظام للدفاع الصاروخى، فى إطار ما عرف بمبادرة الدفاع الإستراتيجى. ثانيا: إدارة الرئيس الأسبق بوش لبرنامج الدرع الصاروخى أعلنت إدارة بوش وقتها عن عزمها نشر عناصر من منظومة الدرع الصاروخى الدفاعى المضاد للصواريخ الباليستية فى وسط أوروبا بتكلفة تصل إلى 106 مليارات دولار، من أجل حماية الأمن القومى الأمريكى وأصدقائها من الدول الأوروبية ضد التهديدات المحتملة من دول محور الشر (إيران، كوريا الشمالية) ويتكون هذا البرنامج من العناصر التالية قاعدة رادارية متطورة تم إنشاؤها فى دولة تشيكيا. 2 -عشر أنظمة صاروخية دفاعية مضادة للصواريخ الباليستية من طراز سيلوس تم نصبها فى دولة بولندا. وقد بررت إدارة بوش نشرها بعض عناصر هذه المنظومة من أجل مواجهة التهديدات الصاروخية القادمة من الدول المارقة، حيث إن إحداث 11 سبتمبر، فقد أثارت مخاوف حدوث هجمات صاروخية أو هجمات باستخدام أسلحة الدمار الشامل من جانب الجماعات الإرهابية، ولكن نجد أن الدافع الرئيسى لإدارة بوش كان يتمثل فى توظيف برنامج الدرع الصاروخى، من أجل الحفاظ على التفوق الاستراتيجى الأمريكى، حيث إن امتلاك الولايات المتحدة نظام للدفاع الصاروخى يجعلها فى مأمن من أى هجمات نووية سواء استباقية أو هجومية، كما يمكنها من مهاجمة الآخرين دون أن يستطيع الآخرين الر على هذا الهجوم: موقف روسيا من برنامج الدرع الصاروخى: لقد رأت روسيا أن نشر برنامج الدرع الصاروخى سوف يتسبب فى إضعاف مكانة روسيا فى الميزان الإستراتيجى مع الولايات المتحدة، حيث إن الولايات المتحدة قد أخلت باتفاقية ستارت 1، 2 من أجل تقليص القدرة النووية الروسية، خاصة أن الصواريخ الباليستية الروسية تتقادم بينما تقوم الولايات المتحدة بتطوير أسلحتها، وقد أشارت روسيا إلى أنه لو اقتصر نظام الدفاع الصاروخى الأمريكى على نظام دفاعى صاروخى قومى فإنها سوف تنسحب من معاهدة ستارت.