علي عويس يكتب: ارجموهم بالحجارة.. كما رُجم قبر أبي رغا
الخيانة تعيش بين جدران هذه الأمة بأرواح القطط فكلما قبضت منها روحا ولدت فيها أرواحا وكلما طهرت منها جانبا تنجست جوانبا ... ...
وللخيانة لذة يعرفها الخائنون وهم يتنعمون بين أشواكها لغلظ جلودهم وسماكة بلادتهم فلا ضمير يشعرون بوخزه ولا حياء يستشعرون عرقه وضغطه .. !..
وكما هي سائله اليوم خلف الدينار والدولار والدرهم كانت في أقبية التاريخ العربي تجوب صحاريه تبحث عن اللقطاء والغرباء والغزاة لتكون في مواجهة أمتها بصحبتهم ... وما فعلته جمعية - هذه هي البحرين - والتي أرسلت وفدا في يوم 9 ديسمبر 2017م لزيارة " إسرائيل " أي بعد ثلاث أيام فقط من إعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني لتكون هذه الجمعية التابعة لتلك الدويلة في طليعة الكيانات المطبعة مع الاحتلال الصهيوني في مواجهة أمتها لهو نوع معاصر طازج من نفس فصيلة الخيانة المألوفة في تاريخنا ..!!
ومن نوعية هذه الخيانات الشبيهة تلك القصة التي لا زالت خالدة وتتكرر بأشكال وحيثيات مختلفة ...!
إنها قصة أبي رغال ساكن الصحراء المحيطة بالطائف في جزيرة العرب ... لتؤكد القصة أن جينات الخيانة كما تلتقي في الجغرافيا تتكرر بالتاريخ فتعيد سيرتها كل مرة بنفس الأجواء والحارات تقريبا وما حولها ....!
فأبي رغال ... رجل عربي ... به ما بهم من الصفات .. وفيه ما فيهم من الرغبات ... ويحمل منهم الكثير من الوصفات ... ساكن الصحراء .. جائع ... يبحث هو وقومه عن مأوى آمن وطعام لين ... وحماية تمنعه وبعض التميز كي يقدم للغزاة كل ما بيده من زمام .
وقد فعل ما حكت عنه كتب التاريخ أنه بمجرد أن مر ( أبرهة وجيشه بالطائف حتى خرج إليه مسعود بن معتب ابن مالك في رجال ثقيف فقالوا له: أيها الملك، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون، ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة ، ونحن نبعث معك من يدلك عليه، فتجاوز عنهم فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة ، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس ؛ فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك ، فرجمت قبره العرب ، فهو القبر الذي ظل يُرجم بالمغمس حتى ظهور الإسلام.)
لقد حطت رحال أبرهة الحبشي وهو بطريقه لهدم الكعبة مع جيشه الغازي لمكه حول مدينة الطائف ومرتفعاتها المشتبكة وحينها ... خرج له مسعود بن معتب زعيم عربي يشبه غيره في زمانه وأزماننا ... لكى يتأكد من أن أبرهة لا يقصد مدينته ولا معبوده ...
يحتفي به ويقدم له خدماته .. ثم يرفده بأحد رجاله لكي يكون دليل أبرهة إلى هدم الكعبة فالطريق متعرج لا يعرفه إلا العالمون .. والكعبة المقصودة محمية بسلسلة عتيقة من المرتفعات لا ينفذ منها غير المتدربون جيدا على مسالكها .... !
أخذ أبو رغال جيش أبرهة وقد أصبح في طليعته يدله على عورات أمته ويسلمه مقدساتها ...أخذه لأيسر الطرق التي يغزو منها قومه ... وفي الطريق قبل الوصول إلى مكة أصيب أبا رغال بمرض عضال أهلكه .. فلم يكمل مسيرته ... في جناية عجيبة تحكى مع تطور الزمن تطور الخيانة أيضا ... فقد هلك أبو رغال في الطريق قبل أن يصل بينما تهلك اليوم أمتنا بين يدي الخونة الواصلون والمتصلون والمتحكمون في أقدارنا ..!
مضت الحادثة بظلالها وظل قبر أبا رغال في الطريق شاهدا عليها ودالا إليها .... فكان أحرار العرب يرجمونه بالحجارة كلما مروا به ليتلقف قصته المروية بكتب التاريخ الشاعر العربي جرير في قصيدة هجائية خلدت لنا أحداثها مع غيرها من القصائد حين أراد أن يهجو الشاعر العربي الفرزدق فراح قائلا ..
( إذا مات الفرزدق فارجموه .. كما ترمون قبر أبي رغال )
إن الرجم لهؤلاء الخونة لهو أقل ما تستطيع الشعوب الحرة فعله اليوم لتعلن أنها باقيه خلف حدود الكرامة والشرف والإخلاص لوطنها ومبادئها ثابتة في وجه كل من يحاول اقتحام حدها أو مس سيادتها وكرامتها وحريتها واستقلال أوطانها ..
وما أكثر المحتاجين اليوم في بلادنا لشعائر الرجم في الإعلام والتعليم والسياسة والتحليل والتافهون في كل حقل ممن يحاولون بث الخوار الذي تُخرم به حزم العزيمة .
ومن بين هؤلاء هذه الجماعة والجمعية المجهولة كأبي رغال والتي عملت على التواصل مع الصهاينة وزيارتهم تحت عناوين مضلله فيما القدس تسام مر العذاب والرئيس الأمريكي ترامب يسلمها للمحتل بمعاونة أبي جحيشه السلفي الذي فجر المنطقة بغدره وإرهابه وخطابه حتى هيئها للخضوع بعد أن سوى بلدانا فيها بالأرض كانت رصيد قوة للعرب بأي لحظة تقع فيها مواجهة جادة .
ليظهر في النهاية بمقدمة المشهد الحلف العريض بين ترامب وأدواته الصهيونية في المنطقة من أبي جحيشه السلفي إلى أبي رغال الجاهلي ..!
إنها قصة لا تريد أن تموت قبل أن تميتنا ...!
فهل نمنح هؤلاء مجالا للبقاء بوعينا وعلى أرضنا بعد كل ذلك الذى يجرى و جرى ... السؤال لكم ... الجواب يحدد مصيركم .