هند العربي تكتب: داء الشهرة والفبركة الإعلامية !!
من المعروف أن الإنسان ميّال إلى حب المحمدة ونيل الشهرة وانتشار الصيت والسمعة بطبيعة الحال ونفسه تواقة إلى أن يشار إليه بالبنان أو أن يكون هو حديث المجالس أو أن يسمع أو يرى قوله أو فعله يكتب أو يصبح حديث الساعة، وما أكثر ما نراه على الساحة الإعلامية من فرط ملحوظ في حب الشهرة والشو، ذلك المرض اللعين الذي جعل أصحابه يقعون فريسة له فيقضي علي مشواره الإعلامي بيده طمعًا في زيادة نسبة مشاهدة عالية واستقطاب إعلانات وما إلى ذلك من عدة أمور تستوطن مجال "الميديا" والأضواء، وآخرهم ما حدث للإعلامية ريهام سعيد مقدمة برنامج صبايا الخير، والتي أحالتها الجهات الأمنية إلى سجن النساء بالقناطر، عقب قرار النيابة بإحالتها إلى محكمة الجنايات بتهم التحريض على خطف الأطفال والإتجار بالبشر، فمن دور سجينة قد قامت بتجسيده وقامت قوات الأمن النسائية بوضع "الكلابشات" في يدها واقتيادها إلى داخل العنبر، لتعود الآن إلى السجن ليس بصفة منتحلة وإنما بصفة متهمة هذه المرة، بعد ما ذكرت التحريات الأمنية أن الحلقة مفبركة وأنهم اتفقوا مع العصابة على شراء طفلين مقابل مبلغ 300 ألف جنيه للطفل، وسجلوا الاتفاق بالفيديو، وقاموا في المرحلة الأخيرة عند استلام الطفلين بإبلاغ الشرطة، التي ألقت بدورها القبض على تلك العصابة!!.
للشهرة بريق ولمعان يسطع أمام ضعاف النفوس فيستولي عليهم، ويغري البعض فلا يستطيع تجاهله أو الابتعاد عنه، خاصة تلك الأيام التي تمنح الشهرة لبعض الناس بمن فيهم مَن لا يملكون الموهبة أو الخبرة أو أي شيء وذلك في غضون وقتا قصير، فقد أصبح هناك من يلهث خلف الشهرة بمختلف الوسائل، ويسعى إلى كسبها بشتى الطرق؛ وذلك لعدة أسباب، أما من أجل كسب المال، أو الحصول على الوجاهة، أو حب الظهور بين الناس، أو توجيه المدح والإطراء إليه، أو تغطية عيوبه.. ورهان ذلك كله من خلال شاشات وقنوات وبرامج تهل علينا بوجوه الإعلاميين ممن انتهك كل مواثيق وحدود المهنة والمهنية وعرض كل ما هو مُخالف العُرف السائد للمهنة.
فالشهرة مع انعدام المهنية الإعلامية بكل انواعها اليوم أصبحت داء العصر؛ إذ إنها لم تعد تبحث عن العلماء المتميزين، ولا عن المبدعين، ولا عن الأدباء أو المثقفين، ولا عن النخبة الذين يقدمون للمجتمعات ما يفيدهم ويساهم في تطويرهم، ولا علي من يقدمون أرواحهم فداء للوطن ويكونون نموذجًا في التضحية والبطولة، ولا عن من يساهمون في رفع علم بلادهم خفاقًا في المسابقات الدولية بمختلف أنواعها؛ بل أصبحت الشهرة تبحث عن أصحاب الفتاوى الغريبة، أو المقالات المثيرة، أو البرامج ذات القضايا الشائكة والتي يختلف عليها العديد من فئات المجتمع، وتجدها تحتفي بمن أصابهم المس والجنون والسحر والشعوذة في إطار تمثيلية استهانت بعقول المشاهدين، أو غيرها من البرامج التي تدعم بعض القضايا المشبوهة والتي تتضمن الكثير من التناقضات والانحرافات مع العقل والدين.
لم أكن أخص بالتحديد ريهام سعيد فقط ولا تجمعي بها اي عداوة أو علاقة شخصية و -حاشي- لله أن تكون للشماتة مكانا في قلبي، ولكن انعدام المهنية والضمير من أجل كسب مكاسب شخصية ونجاح مؤقت مصطنع، يؤد بصاحبه إلى أكثر من ذلك، فما أكثر الإعلاميون علي الساحة ممن يفبركون أو يشوهون الحقائق و"يطبلون" بسبب وبدون، بصرف النظر عن ريهام سعيد.
فمن وجهة نظري لم آر سببًا واحدًا يستدعي أن تلجأ مقدمة برنامج صبايا الخير إلى افتعال الفبركة وبرنامجها كان يتمتع بنسبة مشاهدة معقولة وان كان بدأ يتلاشى في الفترة الأخيرة بسبب ما قيل وقال بشأن بعض الحلقات الخاصة بها كحلقة اختطاف الأطفال الأخيرة، والبعض يشكك في الضيوف ويرون أنها تستأجرهم، فقد قدمت حلقة عن الجن، حيث عرضت من خلالها أصابه خمس فتيات ممن زعم أهلهن أنهن -ممسوسات- بالجن، مستعينة بأحد الأطباء لتفسير الحالة المثيرة للجدل، وشيخ لتفسير الأمر روحانيًا، وسط هياج وصراخ وهذيان من الفتيات، حيث تعرضت لانتقادات لاذعة بسبب الحلقة، ومرة أدعت بأنها وجدت طفل أمام بوابة مدينة الانتاج الاعلامي وسرد الطفل حكايته وفي حلقة أخرى قامت بإذاعة حلقة عن "مس الجن" وظهر الطفل بنفس ملابسه، أثناء حديث ريهام سعيد مع أقارب وعائلة الفتيات الممسوسين، وأخرى قامت بإجراء حوار مع فتاة ملحدة، أحدث جدلاً واسعاً، وبعد شد وجذب بين الطرفين، قامت بطردها من البرنامج على الهواء، الأمر الذي وصفه البعض بأنها تفتعل المواقف لكي تشد الجمهور، كمل اشتبكت الإعلامية مع الشيخ يوسف البدري لفظيًا، بعد ما طالبته بإجازة لمس النساء خلال الرقية الشرعية، وعندما طالبها بتغيير الموضوع، ردّت عليه قائلة:
«حضرتك واخد ألف جنيه ومن ساعة ما قعدت علي الكرسي وانت تهزأني، ويفترض انك رجل دين تفيد الناس، فكيف تحصل علي ألف جنيه مقابل ذلك»، وفتاة ظهرت بإحدى حلقات برنامجها، وتقول أنها حامل من عشيقها مقابل أن يعطي لها شقة ويوفر لها عمل، وأشار الأب الي أن إبنته ليست حامل وعرض التحليل الطبي الذي يثبت صدق كلامه، وأنها تعرضت لمؤامرة من أجل تحقيق "شو إعلامي"، وقضية فتاة المول كما عرفت إعلاميا، والتي كانت قد تنتهي بحياة الشابة الي الموت إلا أن القدر شاء أن يترك لها جرحا قاطعا في وجهها فقط، جراء استضافتها عبر برنامج صبايا الخير أكثر من مرة وفضحها بطرق لن يرتضي عنها الجميع. فقد أثارت بعض حلقات ريهام سعيد وان قلت نسبة مشاهدة برنامجها كثيرا غضب المشاهدين زاعمين أن حلقاتها مفبركة وليس لها أساس من الحقيقة وان برنامج صبايا الخير قد فقد مصداقيته.. وإن كانت ريهام سعيد قد كتبت بأيديها شهادة وفاته ووفاتها كإعلامية ناجحة بعد آخر قضية لها والتي بسببها تم وضعها في سجن القناطر بعد ما أقبلت الأدلة عليها.
الخلاصة.. الكثير اليوم أصبح هدفهم الشهرة بغض النظر عن الاتجاه والطرق التي يسعوا إليها من أجل تلك" الضارة النافعة" التي ان لم يحسن زرعها وحصدها كانت -كالدبة التي قتلت صاحبها- فعلي هؤلاء الراكضين خلف ذلك البريق أن يعرفوا أن هذا الطريق هو طريق محفوف بالمخاطر والفتن والمكائد، وهو طريق شائك يتمنى كثير من أصحابه لو لم يسلكوه، لأن حياة بعضهم تنقلب إلى جحيم ان اساءوا التصرف أو الطريق، وقد ينتهي بهم المطاف مترددين على المحاكم أو خلف قضبان السجون أو في المستشفيات، وحينها سيندمون على تلك الشهرة، ويتمنون لو أنهم بقوا في الظل بعيدًا عن تلك الأضواء الزائلة ذات البريق المخادع، فـ.. عزيزي الإعلامي؛ من مدمني الشهرة والشو الإعلامي والأضواء :
"كفي استخفافاً بعقول المشاهدين.. واحذروا داء الشهرة والفبركة الإعلامية يرحمنا ويرحمكم الله" !!