عماد حمدي يكتب: ملكة بلا مملكة
لاحت في عيني نظرة خاطفة لا لملك قادم في موكبه ولا لرئيس قادم من قصره بل للأعظم من ذلك كله إلي الملكة ! نعم هي ملكة في قلبها مملكة من الحب والرحمة تُوجت عليها ملكة وهي جالسة علي عرش لم يكن مصنوع من الفضة ولا مرصع بالذهب ولا حتي من العسجد بل هو "كرسيا متحركا" .
حملت تلك الملكة أميرها المُنتظر علي عرشها وأبت أن تضعه علي قدميها لا لكبر سنه ولا لقسوة من قلبها ولكن لأن أقدامها غير موجودة من الأساس ! ، احتضنت الملكة طفلها علي عرشها حاملة لذلك العرش تحركه بيديها حتي يصلا لقصرهما في أمن وأمان .
توقفت الملكة فجأة لتنظر هل يستطيع الموكب المرور أم لا في طرقات ذلك العالم الغريبة التي أضحت ما تليق بملكة مثلها فإذ بالموكب يتأخر كثيرا في زحمة طريقها الصاخب وإذ بأميرها يصرخ ، فما وجدت غير أن تترك الموكب لتمسك صغيرها بينهما في قمة العطف والحنان مغدقة عليه بملايين من الضحكات وقصور من الود والرحمة - فيا لرحمة الله – وما كان من أميرها بعد كل ذلك الحب إلا ان يصمت في أبهة وإجلال لملكته المعظمة صاحبة البأس.
رأيت نفسي أقترب منها مهللًا مولاتي العظيمة "صاحب الشأن والبأس"- زان الله عقلك وأعظم شأنك – أنا في خدمتك فإن شئت أوصلتك إلي قصرك وإن شئت حملت عنك طفلك، قالت لي "صه" ! أهل ينزل الملوك منازل العامة منهم ! ماعدت محتاجة لخدمة خدامي فأنا الان في طريق لا جدوي فيه للصديق.
فما إنفكت الملكة تمشي حتي قابلها موكب أسرع بقدرات أعجب كاد أن يسوي بهم الارض لولا أن خيم المالك عليهم بستره فيا لعظمة ذاته . قامت ملكتنا من حادثها تستعيد نشاطها وتابي إلا أن يصل أميرها إلي قصره حتي يحدث ما يريد الله فما وجدت إلا أن أنظر اليهما حتي إحتفوا في دهاليز "الحارة" متجهة الملكة لقصر أميرها حاملة فوق وجهها بسمة واضحة وواضعة أسفل منها شعارًا رأيته مكتوب عليه " الجنة تحت أقدام الامهات ".