عماد حمدي يكتب: ابن ليس من أهله
" يا بنى إركب معنا" قالها نوح الكريم لابنه العاصي تأمينًا لمستقبله وخوفا علي حياته ولكن ما تردد قط أن يتركه لإدراكه بعدم أحقيته لمكانه بسفينة الحياة ولوجود من هو أحق منه فهم أكثر منه إيمانًا وأفضل عرفانًا، فلا سبيل لضياع جهودهم هباءًا منثورًا،فالحق قد رزق إتباعه فخرج بما يرضي ربه ويريح ضميره ويسير معيشته بالعدل والاحسان وضحى بابنه "لانه ليس من أهله".
نوح هذا الزمان قد إنقضي عمره وراح عدله ، فلا عرف قومه تعاليمه ولا حفظوا وصاياه فالابن هو الأولي بالمعروف حتى ولو لم تكن لهذا المعروف صاحبًا ولا مالكًا فهو الأولي دائمًا وأبدًا ، في وظيفة كانت أو مصلحة قامت تجد الاهل هم المسيطرون عليها دون النظر الي خبرتهم وحاصل معرفتهم فلا يهم يا صاح فالاقربون أولى بالمعروف!.
نعم هم أولى بالمعروف ولكن فيما يملك ويحكم لافيما يُعين ويُسأل عنه ، فما بال قومنا لا يسمعون ، وإذا سمعوا يتغاضون وإذا إهتموا لا ينفذون! ، وما بال عدل عمر قد ذهب مع الريح فلا عرفنا سبيله ولا شققنا طريقه فليرحمك الله يا عمر!.
فلك أن تتخيل يا عزيزي أن الخبرة قد ضاعت علي المُؤهل للوظيفة ، والاقربون قد تولوا أمرها فلا عرفوا أعمالها ، ولا أدركوا مسئوليتها ،ولما يدركوا فهم الاقربون!، إذن فليتمتعوا بحياتهم ولا يشغلوا بالهم فالخدمة لا رقيب عليها مطلع ولا متابع عليها جاد.
أما عن الخدمات فلتتحدث كثيرًا ولترثي حالها طويلًا ، ولتدع الملك للمالك يسير أمرها ولا تشغل بالك بما يخزيك ويضنيك ، وإنظر إلي ما يرضيك ويلهيك، فما للموظف الخامل أن يشغل باله بمواطن عامل يسعي لقضاء حاجة كانت فلا وقت لديه لتسيير عمله ولتنفيذ مهامه فضميره هو رقيبه وقد انقضى أجله !.
والعجيب أنه من أتي لوظيفة من خلال قريب أو حبيب لن يعرف إلا ذلك الطريق لخدمة أحبابه ولمجاملة أصحابه بعد ذلك ، مساهمًا في تضييق دائرة الخبرات علي أصحابها فيبدؤن في ترك طريقهم والتشتت في أمرهم فلا يعرفوا طريق سالك ولا سفينة تنجي من المهالك فالسفينة قد اعتلاها الاقارب ولم يعد لها مكان إلا بالمعارف!.
فهلا تحركت الضمائر وشُدت العزائم لاختيار أصحاب القدرات والخبرات ، مغلقين الباب علي تعيين حبيب أو قريب في منصب لا يستحقه في أي وظيفة كانت ، رافعين شعاراَ في ما لا أملك "إبني ليس من أهلي".