مصطفى الديب يكتب: الفن بمصر بين السبوبة والوطنية!
منذ أيام انتهى ماراثون "مهرجان القاهرة السينمائي"، انتهى "بشحمه ولحمه"، كما انتهى مهرجان الجونة من قبله، وفي حقيقة الأمر أصبحت المهرجانات الفنية في مصر مسرحاً كبيراً للتسابق في كيفية إظهار ما حرم الله من إظهاره، ما تلبث أن تدخل أي مهرجان فني بمصر حتى تصطدم بإناس جاءوا من كوكب آخر، وهناك سؤالاً يحوم بعقلك بمقولة الرئيس السابق معمر القذافي رئيس ليبيا " من أنتم"؟، حينها يباغتك الجواب، نحن فنانوا مصر!، فهذا الممثل يداعب هذه، وهذه ممثلة المستور من لحمها لا يمثل من بقعة جسدها سوى 2%، وخلف كل ذلك كاميرات تتسابق في التقاط لقطة لعلها تكون سبقاً صحفياً وتلفزيونياً يقتات على إثره إناس آخرين، طبقة أخرى من خارج هذا الكوكب، تمكث أمام شاشة تعج بكافة أشكال الماكياجات التي صبغت وجوهاً تفننت في ادعاء الحب لوطن بات يؤرقه سعر"كيلو البطاطس"!
المفارقة الواضحة هنا، أن كلا الفريقين نشأ تحت تراب وطن واحد، فريق الممثلين والمطربين، تغنى بحبه ليلا ونهاراً، وبذل كل ما بوسعه في تسلية الفريق الآخر وهو المشاهد، بمقابل مادي ومعنوي واجتماعي لا يقدر بثمن، لكن واقع الفريق الأول أكبر من ذلك، تراه لا يترك ميداناً يتحدث عن الوطنية إلا كان أول الحنجوريين الذين يمطرون الوطن بعبارات تجلب الدموع وتخطف القلوب! ولكن.. الممثلين والممثلات في مصر "إلا القليل" خروجاتهم وفسحاتهم خارج الوطن، ملابسهم من خارج الوطن، هذه "المايوهات" أقصد الفساتين التي يظهرون بها صُممت خارج الوطن، بل سعرها يكفي لإطعام أسره فقيرة من الفريق الثاني مده خمس سنوات، علاجهم يتم خارج الوطن، بل وهناك منهم من يتعمد زيارة أمريكا قبيل ولاده زوجته كي يحصل جنينه على الجنسية، حقن البوتكس وعمليات التجميل بطبيعة الحال خارج الوطن، بل حملاتهم الإعلانية عن حب الوطن والتبرع لفقراءه ومرضاه مدفوعة الأجر .
هنا تتجلى البجاحة في أبرز صورها عندما تجد مذيعاً يتقاضى شهريا 3 مليون جنية، يستضيف ممثلة تقول له لقد قمت بتفصيل فستان ب250 ألف جنية كي أحضر به مهرجان ما، ولم أرتديه مرة أخرى، ومن سخرية القدر هنا، وفي نهاية الحلقة يناشدون المواطن بأن يصبر على غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار من أجل الوطن!
ثم يختتم المشهد بصاحب قناة يدخل في وصلة نفاق وتقديس لا تقدر بثمن ويصف ممثلة بأنها صدرت الفن والحضارة والقيم للخارج، بل وتحمل قوة ايمانية عظيمة مستشهداً بكتاب الله ليبرر نفاقه وجرأته على توظيف آيات الله في غير موضعها، كل ذلك وغيره يجعلك تتساءل : ما هي نوعية الفن الذي تقدمة هذه الفئة؟ هل الرقص والبلطجة والسحل واظهار العورات وكل ما هو منفر أصبح فناً؟..بالطبع لا.
رسالة الإسلام كانت ومازالت واضحة وهي دعوته إلى الجمال والاستعلاء على الدناءات والرذائل، وإلى الاعتدال في كل شيء والاستقامة في القول والسلوك، ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام عدواً للإبداع، لكن أي إبداع؟
إن الدين الحقيقي هو الفطرة السليمة، والفطرة هي القلب السليم والفكر السليم، وأن كل التعاليم التي جاء بها الإسلام على اختلاف الأزمنة والأمكنة استهدف حماية الفطرة البشرية من الانحراف والانزلاق في مستنقع الرذيلة، هذه الفطرة التي دنسها فنانوا وفنانات مصر، مقابل الحصول على أضواء وأموال وصفقات فنية مُقبلة، فالواقع بات ضبابياً في ظل أزمنة اقتصادية طاحنة أثرت أيضاً على الإنتاج الفني بمصر، لذا فالتعري أصبح السبيل الوحيد لحجز مقعد لدى المُنتجين مستقبلاً!