الأزمة اللبنانية الخليجية بسبب تصريحات قرداحي..من بدايتها إلى آخر التطورات والإجراءات
على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، حول حرب اليمن، نشأت أزمة دبلوماسية بين لبنان وبلدان الخليج، خاصة السعودية، فما هو سبب ومجرى هذا الخلاف؟ وما هي آخر التطورات؟
بداية الأزمة:
في حديث مسجل لبرنامج "برلمان الشعب" الذي بث على قناة "الجزيرة"، وفي معرض رده على سؤال حول موقفه مما يحدث في اليمن، قال جورج قرداحي (قبل تعيينه بمنصب وزير الاعلام بلبنان: "شعب يدافع عن نفسه، هل يعتدون على أحد؟.. في نظري هذه الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف"، معتبرا أن "الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي"، ليوجه له أحد الحضور سؤالا: "هل تعتبر أن الإمارات والسعودية تعتديان على اليمن؟"، فرد قرداحي: "أكيد فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات، ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمرا، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات".
الإجراءات والمواقف الخليجية:
- السعودية:
اعتبر وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أن "التوتر الحالي في العلاقات مع لبنان ليس أزمة"، مؤكدا دعم المملكة لإصلاح شامل هناك، مؤكدا أنه "ليست هناك أزمة مع لبنان، بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة وكلاء إيران، وأن هيمنة "حزب الله" على النظام السياسي في لبنان أمر يثير قلقا لدى المملكة ويجعل التعامل معه غير ذي جدوى".
استدعت السعودية يوم الجمعة الماضي سفيرها في لبنان للتشاور، وكذلك طلبت من سفير لبنان لدى المملكة المغادرة خلال 48 ساعة، حيث أفاد الإعلام بعودة سفير السعودية إلى المملكة، صباح أمس السبت.
قررت السعودية أيضا "وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، كما سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف. وحرصا على سلامة المواطنين في ظل ازدياد حالة عدم استقرار الأوضاع الأمنية في لبنان فإن حكومة المملكة تؤكد على ما سبق أن صدر بخصوص منع سفر المواطنين إلى لبنان"، مؤكدة "حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة، وأنها لا تعتبر أن ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبرا عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة".
كشفت صحيفة "عكاظ" السعودية عن توجه إدارة مجموعة "MBC" لإغلاق جميع مكاتبها في لبنان بشكل نهائي وانتقالها بكامل معداتها إلى الرياض.
- الإمارات:
أعلنت السلطات الإماراتية، أمس السبت، أنها سحبت دبلوماسييها لدى بيروت، كما أصدرت قرارا بمنع مواطنيها من السفر إلى لبنان، فيما أشار وزير الدولة الإماراتي، خليفة شاهين المرر، إلى "استمرارية العمل في القسم القنصلي ومركز التأشيرات في بعثة الدولة لدى بيروت خلال الفترة الحالية"، بينما أكدت وكالة الأنباء الإماراتية أن "الدولة قررت منع مواطنيها من السفر إلى جمهورية لبنان"
استنكرت الخارجية الإماراتية تصريحات قرداحي واستدعت سفير لبنان لدى الإمارات وأبلغته احتجاجها واستنكارها على هذه التصريحات.
- قطر:
أعربت وزارة الخارجية القطرية عن استنكارها لتصريحات جورج قرداحي بشأن اليمن، داعية الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ "إجراءات رأب الصدع بين الأشقاء"، مؤكدة أن "موقف وزير الإعلام اللبناني الجديد غير مسؤول تجاه بلده وتجاه القضايا العربية على حد سواء".
- الكويت:
استدعت الخارجية الكويتية، أمس السبت، سفيرها من لبنان، وطلبت من القائم بالأعمال اللبناني لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، لافتة إلى أن "قرارها حول لبنان جاء بسبب استمرار التصريحات السلبية من المسؤولين اللبنانيين، واستنادا للعلاقة التاريخية والروابط بين الكويت والسعودية".
- البحرين:
طلبت وزارة الخارجية البحرينية، أمس الجمعة، من السفير اللبناني في المنامة مغادرة المملكة خلال 48 ساعة، وقالت الخارجية في بيان إن قرارها يأتي "على خلفية سلسلة التصريحات والمواقف المرفوضة والمسيئة التي صدرت عن مسؤولين لبنانيين في الآونة الأخيرة"، موضحة أن "هذا القرار لا يمس بالأشقاء اللبنانيين المقيمين في المملكة".
- اليمن:
سلم سفير اليمن لدى بيروت، عبدالله الدعيس، أمين عام وزارة الخارجية اللبنانية، هاني شميطلي، رسالة احتجاج على التصريحات التي أدلى بها جورج قرداحي، وأعربت الخارجية اليمنية في رسالة الاحتجاج عن استغرابها الشديد من هذه التصريحات "التي تسيء للعلاقات اليمنية اللبنانية، وتتناسى جرائم الميليشيات الحوثية ضد الشعب اليمني وانقلابها على الحكومة الشرعية ومحاولاتها الاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة، واستمرار رفضها لكل دعوات السلام، في تحد واضح للقرارات الأممية كافة".
- سلطنة عمان:
أعربت وزارة الخارجية العمانية عن "أسفها العميق" لتأزم العلاقات بين لبنان وعدد من الدول الخليجية، وقالت وزارة الخارجية العمانية في بيان إنها "تدعو الجميع إلى ضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والاستقرار والتعاون القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".
المواقف في الداخل اللبناني:
- الرئاسة:
أبدى الرئيس اللبناني ميشال عون حرصه على إقامة أفضل علاقات ممكنة مع السعودية، وسط الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة التي سببتها تصريحات قرداحي بشأن اليمن، وأكد عون في بيان نشرته الرئاسة "حرصه على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومأسسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض ولا تتسبب في أزمة بين البلدين، لا سيما وأن مثل هذا الأمر تكرر أكثر من مرة"، مشددا على ضرورة أن "يكون التواصل بين البلدين في المستوى الذي يطمح اليه لبنان في علاقاته مع المملكة ومع سائر دول الخليج".
- الحكومة:
أعرب رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي عن أسفه من إجراءات السعودية إزاء بلاده، وقال إنه يجري اتصالات للمساعدة في تهدئة الأزمة مع السعودية، مؤكدا أن "موقف وزير الإعلام جورج قرداحي، الذي أعلنه قبل توليه مهامه الوزارية، لا يمثل رأي الحكومة"، كما ناشد ميقاتي "القادة العرب العمل والمساعدة على تجاوز هذه الأزمة من أجل الحفاظ على التماسك العربي في هذه الظروف الدقيقة"، وأشار إلى أن حكومته مستمرة "في إجراء الاتصالات لمعالجة الأزمة وتداعياتها". وتوجه ميقاتي في البيان إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان "بخالص آيات التقدير والاحترام" قائلا: "نعرب عن رفضنا الشديد والقاطع إلى كل ما يسيء للعلاقات الأخوية العميقة مع المملكة العربية السعودية".
أكدت خلية الأزمة الوزارية اللبنانية، أمس السبت، أنها حريصة على الحفاظ على العلاقات مع كل دول مجلس التعاون الخليجي، بعد انتهاء اجتماع الخلية الوزارية بشأن توتر العلاقات مع السعودية، لافتة إلى أنها "ستواصل العمل، لأن البلاد لا تتحمل البقاء دون حكومة بسبب أوضاعها الصعبة"، مشددة على حرصها على "بقاء لبنان في الصف العربي".
- الأحزاب:
اتهم النائب محمد رعد، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" الممثلة لـ"حزب الله" اللبناني، السعودية بمحاولة تعطيل الانتخابات النيابية اللبنانية وتخريب الاستقرار الذي عاد إلى لبنان، كما كان "حزب الله" قد أشاد بـ"الموقف الشجاع والشريف" الذي اتخذه وزير الإعلام جورج قرداحي بخصوص اليمن، والذي قوبل بردود فعل متباينة، مؤكدا أنه "يرفض بشكل قاطع أي دعوة إلى إقالة الوزير قرداحي أو دفعه إلى الاستقالة"، ووصف تلك الدعوات بأنها "اعتداء سافر على لبنان وكرامته وسيادته".
أبدى "التيار الوطني الحر" اللبناني أسفه الشديد إزاء الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين لبنان والدول الخليجية بسبب تصريحات جورج قرداحي، وأعرب "التيار الوطني الحر"، في بيان صدر عن اجتماع عقدته هيئته السياسية العليا، أمس السبت، برئاسة زعيم الحزب، جبران باسيل، عن تطلعه إلى أن تكون العلاقات بين لبنان والسعودية خاصة، ودول الخليج عامة، "مبنية على أسس الاحترام المتبادل في سياق من التعاون المؤسساتي الدائم لصيانة المصالح المشتركة".
أكد رئيس تيار "المردة" اللبناني، سليمان فرنجية، أن جورج قرداحي، عرض عليه استقالته، إلا أنه رفض ذلك، فهو (قرداحي) لم يرتكب أي خطأ"، معربا عن تمنياته بـ"الاستمرار بأفضل العلاقات مع الدول العربية"، لافتا إلى أنه "خلال السنوات الـ15 الأخيرة لم يكن لدينا أي موقف ضد الدول العربية والخليجية، وهذا ليس انطلاقا من التزلف الذي يمارسه البعض، بل انطلاقاً من قناعاتنا"، وتعليقا على كلام جورج قرداحي، قال فرنجية: "جورج قرداحي أعطى رأيه قبل أن يكون وزيرا، وقبل أن يعلم بتوزيره، ونحن نعيش في بلد حر".
طالب رئيس "التقدمي الاشتراكي اللبناني"، وليد جنبلاط، بإقالة وزير الإعلام في حكومة بلاده جورج قرداحي، وذلك بعد أقل من ساعة على إعلان السعودية إجراءات ضد لبنان عقب تصريحات الوزير، وقال جنبلاط في "تويتر": "كفانا كوارث.. أقيلوا هذا الوزير الذي سيدمر علاقاتنا مع الخليج العربي قبل فوات الأوان". في إشارة واضحة إلى قرداحي، دون أن يسميه، وأضاف: "إلى متى سيستفحل الغباء والتآمر والعملاء بالسياسة الداخلية والخارجية اللبنانية".
أصدر تيار "المستقبل" في لبنان بيانا شديد اللهجة، انتقد فيه "تطاول حزب الله على الأشقاء العرب وتعريضه مصالح لبنان للخطر"، في حين حمل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري، "حزب الله" المسؤولية عن التوتر الحاد الذي نشب بين لبنان والسعودية، متهما إياه بـ"إشهار العداء للعرب ودول الخليج العربي"، موضحا في بيان له: "أن تصل العلاقات بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي إلى هذا الدرك من انعدام المسؤولية والاستقواء بالأفكار المنتفخة، فهذا يعني بالتأكيد أننا بتنا كلبنانيين نعيش فعلا في جهنم".