السودان يبحث عن رئيس حكومة للخروج من مأزق الانسداد السياسي والتشريعي
عقب الاعلان عن التشكيل الجديد للمجلس السيادي برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، يواجه السودان مأزق «الانسداد السياسي والتشريعي» مع تصاعد حدة التظاهرات المليونية الشعبية، وتراجع أزمة حكومة السودان إلى «نقطة الصفر» من جديد، خلال الساعات الماضية، بعد اعتذار الأكاديمي المرموق، هنود أبيا كدوف، الحاصل على ماجستير ودكتوراه في القانون من جامعة لندن، ترشيحه لتولي منصب رئيس الوزراء.
وكانت تسريبات انتشرت خلال الأيام الماضية، حول ترشيح مدير جامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم، هنود أبيا كدوف، لتولي رئاسة الحكومة المقبلة ،بعد توافق المكون العسكري وعدد من القوى السياسيّة.
إلا أنّ اعتذاره يعيد المشهد السودانيّ إلى البداية، ويدفع قدمًا إلى الواجهة، بحسب المراقبين في الخرطوم، ورقة عبد الله حمدوك، التي حلّت حكومته من قبل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما حثت الولايات المتحدة ودول الترويكا الموسّعة في بيان أمس على العودة إلى المسار الديمقرطيّ في البلاد، وإعادة حكومة حمدوك، فضلًا عن إطلاق المعتقلين منذ الشهر الماضي.
وتتواصل جهود الوساطات الإقليميّة والدوليّة والمحليّة التي أطلقت خلال الأسابيع الماضية، لإعادة «حمدوك» إلى تولي رئاسة حكومة من التكنوقراط، إلا أنّ تلك الجهود لم تفض إلى توافق بين المكون المدني والعسكري، اللذين تقاسما السلطة الانتقاليّة في البلاد منذ العام 2019.
شروط وتعقيدات عودة حمدوك
ويعتبر الباحث في معهد «أتلانتيك» كبير الموظفين السابق للمبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، كاميرون هدسون، أن موقف الولايات المتحدة يجب أن يقضي بالإصرار على عودة حمدوك إلى منصبه، «إلا في حال عاد ثم قدم استقالته أو قررت قوى الحرية والتغيير قانونياً تغيير رئيس الوزراء؛ فأمريكا لا تتمسك بالشخص بل بأسلوب الاستبدال».
ويرى كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري جيم ريش، أن السؤال حول ما إذا كان يجب أن يستمر الدكتور عبد الله حمدوك، في منصبه، يجب أن يكون مبنياً على قراره الشخصي وتوافق جماعي من قبل قوى الحرية والتغيير، وهي السلطة الوحيدة التي لديها الصلاحية لتغيير أو تنحية رئيس الوزراء، بحسب الوثيقة الدستورية.
البحث عن رئيس حكومة
وتؤكد مصادر سياسية في الخرطوم، أن الأكاديمي ورجل القانون السوداني،، هنود أبيا كدوف، لو وافق على تولي رئاسة الحكومة، وهو الذي حظي بموافقة المكون العسكري وعدد من القوى السياسيّة، لكانت الأزمة قد قطعت شوطا كبيرا باتجاه الحل، حيث سيكون الوضع الدستوري مرتكز على تشكيل المجلس الرئاسي، ثم تشكيل الحكومة برئاسة شخصية متوافق عليها بوزن البروفيسور هنود، ولذلك فإن اعتذاره أعاد الحكومة والوضع في السودان إلى المربع صفر.
وليس أمام المجلس السيادي سوى البحث عن شخصية أخرى متوافق عليها «عسكريا ومدنيا»، أو الرضوخ للجهود الدولية بإعادة حمدوك لرئاسة الحكومة والموافقة على شروطه للعودة.
ويأتي كل ذلك، بعد أن فشلت جهود الوساطة التي تقودها أطراف داخلية وإقليمية ودولية في عودة الطرفان لطاولة الحوار مرة أخرى، وفي ظل دعوات لتصعيد العمل الجماهيري الداعم لاستعادة الحياة المدنية.
الغموض يكتنف مستقبل السودان
وتشير الدوائر السياسية والإعلامية في لندن، إلى أن الغموض الذي يكتنف مستقبل السودان بعد التعقيدات التي شابت الأوضاع السياسية في البلاد مؤخرا، يضاعف حالة عدم اليقين بشأن الديون المتخلفة عن السداد، والتي تعتبرها جهات مقرضة اختبارا حاسما لمدى قدرة الخرطوم على الصمود أمام هذا المطب من أجل إنعاش الاقتصاد العليل.
ويتصاعد منسوب التحذيرات داخل الأوساط الاقتصادية من أن شبح مشكلة تعثر الديون الخارجية بات يلوح في أفق الاقتصاد السوداني «المشلول» أصلا، عقب تلميحات من الجهات الدائنة بعدم الإيفاء بالوعود التي قطعتها مسبقا.