الشيخ زايد يسجل ملحمة تاريخية قبل 50 عاما
تسجل ذاكرة دولة الإمارات العربية المتحدة، ملحمة وطن تاريخية، بدأت في السادس من أغسطس/آب عام 1966، وفور تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، سدّة الحكم في إمارة أبوظبي، كان هدفه ومشروعه الوطني الأكبر هو توحيد الإمارات في المنطقة.
وكان يعلم مدى أهمية هذه الخطوة لأبناء الوطن، وخاصة بعد إعلان الحكومة البريطانية في عام 1968 عن نيّتها الانسحاب من منطقة الخليج العربي مع نهاية عام 1971، ما سيؤدي لوجود فراغ سياسي كبير، وربما يولد ذلك المزيد من الخلافات والصراعات والفرقة في المنطقة.
وبرؤيته الثاقبة واستشراف آفاق المستقبل، توجه الشيخ زايد من قلعته بالمويجعي بمدينة العين، ليعرض فكرة الاتحاد كـ«حلم وأمنية» على الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، في دبي، وتواصلت اللقاءات والمشاورات بين المؤسسين الأوائل، فتحققت الفكرة، وأصبح الحلم حقيقة، يعيشها اليوم أبناء الإمارات كافة.
جذور تاريخية لتأسيس الاتحاد
ويؤكد مؤرخون، أن فكرة اتحاد يضم الإمارات كانت حلماً وطنياً قديماً، منذ بدايات القرن العشرين، بهدف تكوين قوة تضمن الحماية والأمن والاستقرار وتصون السيادة الوطنية.
وعقد اجتماع «الخوانيج» بدبي في العام 1906 وطرح الشيخ زايد بن خليفة الأول على حكام الإمارات الآخرين فكرة الوحدة بين الإمارات، ولكن بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية لم ترَ الوحدة النور آنذاك.
وطرحت الفكرة مجدداً في ثلاثينيات القرن الماضي، ولم تنفذ، وخلال اللقاءات والمجالس التي كانت تجمع الحكام، عادت فكرة الاتحاد من جديد في بداية الخمسينيات ولقيت تقبلاً من طرف الحكام آنذاك، وخاصة بعد دخول بريطانيا وتأسيس مجلس حكام الساحل في عام 1952.
اللقاء التاريخي في «عرقوب السديرة»
وكان واضحا أن الشيخ زايد آل نهيان، قرأ تاريخ أجداده جيداً، فأدرك ما كانوا يصبُون إليه، وتولى هذه المهمة العظيمة، وعرض فكرة الاتحاد على أخيه حاكم إمارة دبي، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وفي 18 فبراير/ شباط 1968 شهدت منطقة «عرقوب السديرة» اللقاء التاريخي بين القائدين.
و«عرقوب السديرة» منطقة قريبة من السميح على طريق دبي- أبوظبي، وتكمن أهمية هذا اللقاء في كونه البذرة الأولى لشجرة الاتحاد التي أعلن قيامها فيما بعد، ففي هذا اللقاء التاريخي وافق الشيخ زايد، والشيخ راشد، على دمج إمارتيهما في اتحاد واحد، والمشاركة معاً في أداء الشؤون الخارجية والدفاع والأمن والخدمات الاجتماعية وسياسة مشتركة لشؤون الهجرة، فيما ترك بقية المسائل الإدارية لسلطة الحكومة المحلية لكلّ إمارة، وعُرفت تلك الاتفاقية التاريخية والمهمة بـ«اتفاقية الاتحاد»، ويمكن اعتبارها الخطوة الفعلية الأولى نحو توحيد المنطقة.
الأساس الدستوري
تاريخ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، يستحق أن يقرأ بتأمل، كملحمة تاريخية عربية، تستند إلى أساس دستوري، ومن منطلق إيمان الشيخ زايد، والشيخ راشد، بتعزيز الاتحاد وتقويته، حين بادرا بدعوة حكّام الإمارات الخمس ، بالإضافة إلى البحرين وقطر للانضمام في مفاوضات تكوين الاتحاد، وعقدت عدة اجتماعات لمناقشة توحيد الإمارات، وفي 27 فبراير/ شباط 1968، عقد حكّام الإمارات التسع مؤتمراً دستورياً في دبي، وأعلنوا توقيع اتفاقية مكوّنة من إحدى عشرة نقطةً ستشكل الهيكل والأساس الدستوري والشرعي لـ«اتحاد الإمارات العربية».
وخلال الفترة من فبراير/شباط 1968 إلى 1971 عقدت اجتماعات عدّة على مستويات مختلفة من السلطة، وتم الاتفاق على القضايا الرئيسة في اجتماعات المجلس الأعلى للحُكّام، الذي يتكوّن من قادة الإمارات التسع.
تحقق الحلم في 2 ديسمبر 1971
ولكن ..في 14 أغسطس/آب 1971، أعلنت البحرين استقلالها، وتبعتها قطر في 1 سبتمبر/ أيلول 1971، وانسحبتا من منظومة الاتحاد، أما بقية حكّام الإمارات، وهي أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين، فقد اتفقوا رسمياً على إعلان الاتحاد وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، في 2 ديسمبر/ كانون الأول 1971.