في عيد الاتحاد الـ50.. قادة الإمارات يرسمون خريطة المستقبل
رسم قادة الإمارات ما يمكن تسميته بـ”خريطة المستقبل” للدولة الرائدة بمناسبة اليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة “عيد الاتحاد الخمسين”، وهي الذكرى الخالدة التي يتم إحياؤها في الثاني من ديسمبر من كل عام.
رؤية استراتيجية شاملة
وعبّر الرئيس الإماراتي، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، عن الرؤية المستقبلية الطموحة لبلاده، مؤكدا أن الإمارات تنطلق بإرث من الإنجازات اليوم، نحو الخمسين عاماً القادمة برؤية استراتيجية شاملة بعيدة المدى، منهجها التميّز والتفرّد والريادة، وأهدافها تأمين مستقبلٍ سعيدٍ وحياةٍ أفضل للأجيال القادمة والارتقاء بمكانة الدولة وسمعتها واستدامتها وقوتها الناعمة، بحيث تكون بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها، من الدول الأفضل في العالم، واقتصادها هو الأقوى والأنشط.
وقال الشيخ خليفة بن زايد، في كلمة بهذه المناسبة التاريخية، “في هذا اليوم الاستثنائي، الثاني من ديسمبر 2021، الذي نحتفل فيه باليوبيل الذهبي لتأسيس دولتنا، ندعو بالرحمة والمغفرة لمؤسس الدولة وباني نهضتها الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولإخوانه، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ خالد بن محمد القاسمي، والشيخ راشد بن حميد بن عبدالعزيز النعيمي، والشيخ أحمد بن راشد المعلا، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، والشيخ محمد بن حمد بن عبدالله الشرقي. والدعاء بمثله لرفقاء دربهم رواد ورائدات العمل الوطني.. ولكم، أبناء وبنات هذا الوطن، عظيم التقدير لما أظهرتم، طوال سنوات المسيرة، من عميقِ انتماءٍ وصادقِ ولاءٍ، وما بذلتم من جهد في البناء”.
وأضاف، “لقد اتخذ آباؤنا المؤسسون من التنمية الشاملة منهجاً لبناء هذه الدولة، وجعلوا من الواقع الإماراتي، في مكوناته البشرية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية مرتكزاً لإرساء القواعد الدستورية والتنظيمية والهيكلية للدولة، والتأسيس لوظائفها الإدارية والإنتاجية والخدمية.. فكانت مسيرة حافلةً بالبسالةِ والإقدامِ والإنجاز، رسخ خلالها آباؤنا الاتحاد؛ روحاً، وتشريعاً، ومؤسسةً، وجيشاً وطنياً، وجعلوا من بناء الإنسان هدفاً استراتيجياً وأولويةً قصوى. وبالإرادة الصلبة، والرؤية الثاقبة، أثمرت المرحلة منجزات تنموية مشهودة مهدت الطريق لتجربة اتحادية رائدة، جسدت قيم التفاهم والتنسيق بين المستويين الاتحادي والمحلي، وعززت من قيم العمل والعطاء والمشاركة، وعمقت مشاعر الفخر بالوطن، ووثقت الارتباط بدوائر انتمائه الخليجي والعربي”.
وتابع: “بناءً على ذات القواعد الراسخة التي أرساها آباؤنا، واصلنا بناء الدولة وتمكين إنسانها المعتز بهويته، وأسرها المتماسكة، ومجتمعها المتلاحم، واقتصادها المعرفي القائم على التنوع والإبداع والابتكار، وخدماتها الصحية والتعليمية عالية المستوى، وبنيتها التحتية الحديثة المتكاملة، وبيئتها المستدامة، ومكانتها العالمية التنافسية، بما يعزز من قدرة الأفراد والمؤسسات، ويمكنهم من الإسهام الفاعل، والمشاركة الواعية في استشراف المستقبل والإسهام في صناعته”.
واستطرد الرئيس الإماراتي بالقول، “لقد نجحنا في تمكين المرأة والشباب، وبنينا اقتصاداً وطنياً معرفياً متنوعاً، وأرسلنا إلى محطة الفضاء الدولية أول رائد فضاء إماراتي، وأطلقنا إلى المريخ “مسبار الأمل” لتصبح دولتنا الأولى عربياً والخامسة عالمياً التي تحقق ذلك الإنجاز، وافتتحنا أول مشروع للطاقة النووية متعدد المحطات على مستوى العالم العربي لتتحول دولتنا إلى مركز إقليمي لمشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة، واعتمدنا استراتيجيةً وطنيةً لجذب المواهب واستقطاب العقول، وربطنا بقوة بين سياساتنا الداخلية ونهجنا الخارجي، بما عزز من مكانة الدولة في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي والعالمي. وتحت شعار “تواصل العقول وصنع المستقبل” تستضيف بلادنا، منذ أكتوبر الماضي، فعاليات معرض /إكسبو دبي 2020/ الحدث العالمي التجاري الأكبر في تاريخ منطقتنا”.
وأردف، “أثمرت الخمسين عاماً الماضية من مسيرة دولتنا، تنميةً مستدامةً، واستقراراً سياسياً، وأماناً، وحكومةً هي ضمن الأكفأ في العالم، وقطاعاً خاصاً لعب دوراً رئيساً في تحريك عجلة الاقتصاد، وتعزيز تنافسيته وإنتاجيته. قدمنا للبشرية قصة نجاحٍ تنموي ملهمة، حولت دولتنا إلى مركزٍ مالي إقليمي ودولي رائدٍ، وواجهةٍ مفضلة للعيش والعمل والاستثمار والسياحة، متفوقة في مؤشرات التنافسية؛ سعادةً، وتميزاً، وحوكمةً، وانفتاحاً اقتصادياً، وجودةَ حياةٍ، وريادةَ أعمالٍ. ونحمد الله بأننا قد نجحنا في تخطي تداعيات جائحة كورونا بنجاح، لتعود الحياة في بلادنا لطبيعتها، مع التزام الإجراءات الوقائية المُعتمدة”.
وقال الشيخ خليفة بن زايد، “بهذا الإرث من الإنجازات ننطلق اليوم، نحو الخمسين عاماً القادمة برؤية إستراتيجية شاملة بعيدة المدى، منهجها التميّز والتفرّد والريادة، وأهدافها تأمين مستقبلٍ سعيدٍ وحياةٍ أفضل للأجيال القادمة والارتقاء بمكانة الدولة وسمعتها واستدامتها وقوتها الناعمة، بحيث تكون بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها، من الدول الأفضل في العالم، واقتصادها هو الأقوى والأنشط”.
وأضاف، “طريقنا لتحقيق تلك الأهداف واضحٌ؛ نظام تعليمي يرسخ القيم الأخلاقية النبيلة ويحول مدارسنا وجامعاتنا إلى بيئة منفتحة حاضنة للعلوم والآداب والتكنولوجيا المتقدمة والابتكار وريادة الأعمال، ونظام اقتصاد معرفي متنوع ينافس اقتصادات أفضل دول العالم، وأسرة واعية، ومجتمعٍ متلاحم متسامح ينعم بالصحة والأمان والسعادة”.
واستناداً للمبادئ العشرة المُعلنة الحاكمة للخمسين عاماً القادمة فستظل منظومة القيم في دولتنا، كما أرساها آباؤنا، قائمةً على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة وسيادة القانون، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية. وسيظل السعي لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي ومبادئ حسن الجوار، المحرك الأساس لسياستنا الخارجية، وسيظلّ تعزيز التعاون الخليجي في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية أولوية إماراتية قصوى، وفي هذا، فنحن مع دول منظومتنا الخليجية في كلّ ما يهدّد استقرارها ووحدتها وأمن مواطنيها وسلامة أراضيها، مؤكدين أن الأمن الخليجي واحدٌ لا يتجزأ وتعزيزه مسؤولية جماعية تتطلب تكثيفاً للتنسيق الاستراتيجي بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي بما يحقق طموحات شعوبنا في مستقبل آمن ومزدهر، وسيظل دعم جهود السلام، حواراً وتفاوضاً وقبولاً بالآخر، من المبادئ والثوابت الراسخة لسياستنا الخارجية، وكما كان حالها طوال الخمسين عاماً الماضية”.
وتابع، “ستظل دبلوماسيتنا في حركة نشطة، تحفيزاً وارتقاءً بالقدرة العربية، وبناءً لشبكة قوية من التفاهمات والشراكات مع القوى والدول الكبرى والناشئة والنامية، تعزيزاً لثقافة التسامح، وسيطرةً على النزاعات، ومواجهةً للتغيّر المناخي، واستثماراً في أهداف التنمية المُستدامة، ومحاربة للجوع والمرض والفقر، وتقديماً للمساعدات الإنسانية والتنموية، التي هي جزء لا يتجزأ من مسيرة دولتنا والتزاماتها الأخلاقية”.
واختتم الرئيس الإماراتي كلمته بالقول، “إننا فخورون بمواطنينا، رجالاً ونساء، العاملين في همةٍ في كافة مجالات البذل وساحات العطاء، وفخورون بفريق عملنا الحكومي، الذي يضم أخلص القيادات وأفضل الكفاءات، ونجح على مدى خمسين عاماً في تجسيد القيم السامية وترجمة القواعد التي أرساها آباؤنا المؤسسون إلى خدمات وبنى تحتية نفاخر بها الأمم، وفخورون بجنود وضباط صفّ وضباط وقادة قواتنا المسلحة، وقوات الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة، الذين حملوا الأمانة، وأدّوا الواجب، ومعتزون بالمقيمين على أرضنا فهم شركاؤنا في البناء والتنمية وجزءٌ أصيل من قصة نجاح وتميز دولتنا، وراضون أن وفقنا الله، في حمل الأمانة وتحمل المسؤولية”.
رؤية الإمارات 2071
ومن جانبه، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في كلمته بهذه المناسبة، “إننا اليوم ونحن ننعم بإنجازات السنوات الخمسين الأولى من عمر دولتنا المديد، ونفخر بما أحرزناه لبلادنا من تقدم ومكانة، نتذكر آباءنا الذين أسسوا اتحادنا وأقاموا دولتنا، وشقّوا لنا دروب النهضة والازدهار”.
وأضاف، “الواقع أن التحديات لم تفارق مسيرتنا، فهي صنو الحياة، ويصادفها الأفراد والمجتمعات والدول.. وكان التحدي الأكبر هو تحدينا لأنفسنا؛ كان علينا إثبات قدرتنا على تأسيس دولة فاعلة، وبناء نموذج تنموي طموح.. وقد واجهنا في السنوات الخمسين الماضية تحديات تنوعت بين الأمنية والسياسية والاقتصادية؛ وتعاملنا معها كما يجب، منطلقين من إيماننا بأن جدارتنا الوطنية والإنسانية تكمن في نهوضنا لمواجهتها بثقة وإيمان وتفاؤل، وهكذا نجحنا في مواجهة تحديات مرحلة تأسيس الاتحاد وتثبيت قواعده، وركود الاقتصاد العالمي في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وتداعيات حرب الخليج الأولى، وغزو الكويت، واحتلال العراق، وأحداث “ما يسمى بالربيع العربي” التي أدخلت العالم العربي في نفق الفوضى والاضطراب، وألحقت بدول ومجتمعات عربية دماراً وخراباً عميمين”.
وتابع الشيخ محمد بن راشد، “أتأمل اليوم في مسار الأداء الحكومي الذي أنطلق من نقطة الصفر، واستحدث وزارات ومؤسسات وتشريعات لا عهد للإماراتيين بها، ولا كوادر وطنية كافية لشغل معظم وظائفها، وعلى الرغم من هذا الوضع، سابقت الحكومة الزمن لتنفيذ مئات المشاريع، وكان طبيعياً أن تحدث عثرات ما لبثت أن أخذت في التراجع على وقع تراكم الخبرات، وتدفق الموارد البشرية الوطنية المؤهلة، إلى أن وصلنا إلى هنا حكومة تضاهي أفضل مثيلاتها في العالم أداءً وتخطيطاً ومواكبة للمتغيرات، واستشرافاً للمستقبل، وتفاعلاً سريعاً وإيجابياً مع مستجداته”.
وأردف، “أتأمل في مسار التنمية الشاملة للإنسان والعمران، وانتقالها في كل حقولها من الكم إلى الكيف، وصولاً إلى المنافسة على المراكز الأولى في مؤشراتها العالمية. والشواهد لا تعد ولا تحصى، إن على مستوى مرافق البنية التحتية، والبنية الرقمية، أو تنويع الاقتصاد وتطوير خدمات التعليم والصحة والإسكان”.
وأستطرد الشيخ محمد بن زايد بالقول، “غداً نبدأ الخمسين الثانية في مسيرة التنمية والتطوير، مهتدين برؤية الإمارات 2071، ومبادئ الخمسين، والمبادئ العشرة التي اعتمدها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة مرجعاً لجميع مؤسسات الدولة، لتعزيز أركان الاتحاد، وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير علاقات إقليمية ودولية لتحقيق مصالح الدولة العليا ودعم أسس السلام والاستقرار في العالم”.
واختتم حاكم دبي كلمته بالقول، “كما نجحنا في مواكبة الاتجاهات العالمية الصاعدة والمشاركة في حراكها، وتمكنا من تحقيق أهداف رؤية الإمارات 2021، فقد أنجزنا استعداداتنا للأعوام الخمسين المقبلة، برؤى تستشرف المستقبل وتغطي كافة قطاعاتنا الحيوية، ووضعنا الاستراتيجيات والخطط وبرامج وآليات التنفيذ، وطورنا التشريعات بما يعزز محركات التنمية، ويطور بيئة الأعمال، ويوسع الاقتصاد، ويحفز الاستثمار، ويشجع الابتكار، ويبني ويجذب العقول المتميزة في العلوم المتقدمة والبحث والتطوير.. وكل ذلك يعزز مصادر ومكونات قوتنا الذاتية، ويوطد ركائز الأمن والاستقرار، ويحسن نوعية حياة شعبنا، ويدعم مشاركتنا الفاعلة في شؤون عالمنا.. خمسون عاماً تنقضي اليوم بحسابات الأيام والسنون، لكن إنجازاتها ودروسها وخبراتها مستمرة معنا تلهمنا وتحفزنا على التفاني في خدمة وطننا”.
الانطلاق نحو المستقبل
ومن ناحيته، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، “إن دولة الإمارات تمضي نحو المستقبل وفق استراتيجية متكاملة الأسس والأركان، أهمها الإنسان الذي نعده رأسمالنا الحقيقي وأهم عناصر ثروتنا، ورهاننا الأساسي في مضمار التنافس العالمي.. ما يعزز ثقتنا في المستقبل هو انطلاقنا من أرضية صلبة بنيناها عبر أعوام طويلة من العمل والجهد والتخطيط جعلتنا نمتلك كل مقومات النهضة والريادة في مختلف المجالات وأهمها تجربتنا الوحدوية الرائدة في محيطها العربي والإقليمي والتي تمثل المصدر الأساسي لقوتنا بجانب مجتمع متماسك يجسد قيمنا الأصيلة في التعاون والتضامن والتكافل.
وتابع، في كلمته بمناسبة عيد الاتحاد الــ 50 للدولة “، “احتفالنا هذا العام يكتسب أهمية خاصة حيث تكمل بلادنا الغالية 50 عاماً من تاريخها الحافل والمشرف بكل ما تزخر من دروس ومعان ودلالات كبيرة للحاضر والمستقبل.. إن دولة الإمارات تنطلق نحو العقود المقبلة عاقدة العزم على أن تكون الأفضل في مختلف المجالات، وأن يكون مستقبلها الأكثر تقدماً وإشراقاً على مختلف المستويات.. تستمد من إنجازاتها التنموية الكبرى القوةَ والثقة، وتتخذ من مخزون حكمتها وقيمها الأصيلة زاداً للمسيرة، ومن “مدرسة زايد” البوصلة والمرجعية للحاضر والمستقبل، ومن تضحيات شهدائها الأبرار نبراساً يضيء لها الطريق.. مستهدفة وضع بصمتها الحضارية الخاصة في مسيرة التاريخ الإنساني وكتابة فصل جديد في كتاب ريادتها الاقتصادية والتنموية”.
وأضاف، “إن بلادنا تعرف طريقها جيداً نحو المستقبل، وتمتلك أدوات السير الواثق عبر دروب هذا الطريق ومنعطفاته.. فهناك مرجعية وطنية واضحة لكل تحركاتنا وطموحاتنا وأهدافنا خلال الأعوام المقبلة ممثلة في وثيقة ” مبادئ الخمسين ” التي تحدد المسار الاستراتيجي للدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية، وتشكل إطاراً لجميع مؤسساتها لتحقيق تطلعات شعبنا، والحفاظ على المصالح الوطنية العليا، وإقامة علاقات خارجية تخدم التنمية في الداخل وتعزز أسس السلام والاستقرار والتعاون في المنطقة والعالم”.
وأردف الشيخ محمد بن زايد، “وكما تمثل ” مشروعات الخمسين ” خريطة طريق أولوياتنا التنموية خلال العقود المقبلة والتي تتضمن خمسين مشروعاً تنموياً واستراتيجياً ونوعياً، تشكل ركيزة للانطلاق نحو مزيد من التطور لصالح أجيالنا المقبلة في مختلف المجالات، واستثمار الفرص المتاحة، وتحويل التحديات إلى فرص للتطور والابتكار والإبداع، ومجال للمنافسة الإيجابية بين أبناء الوطن لتحقيق الأفضل على جميع المستويات”.
وقال، “إن طريقنا نحو المستقبل المشرق لبلادنا وشعبنا خلال الخمسين عاماً المقبلة، يسير وفق استراتيجية متكاملة الأسس والأركان:
*أول هذه الأسس هو الإنسان، الذي نعده رأسمالنا الحقيقي وأهم عناصر ثروتنا، ورهاننا الأساسي في مضمار التنافس العالمي.. إن كل إماراتي وإماراتية له دوره المهم في صناعة ريادتنا، ولا تقدم ولا تطور، في الماضي والحاضر والمستقبل، إلا بسواعد أبناء الوطن.
*الأساس الثاني هو العلم، الذي يمثل الضمانة الأساسية لاستدامة تنميتنا وبناء اقتصاد نوعي ومتنوع وقائم على المعرفة، والانخراط الفاعل في مسيرة التطور التكنولوجي في العالم، لا سيما تطبيقات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، من منطلق وعينا بالدروس التي تقدمها كل تجارب التقدم والنهوض بالعالم قديماً وحديثاً؛ فما من أمة حققت نهضتها ونالت مجدها، عبر كل مراحل التاريخ، إلا وكان العلم هو طريقها ومنهجها.
*الأساس الثالث هو روح الفريق؛ فقد كانت هذه الروح الميزة الأساسية لعملنا خلال العقود الماضية، ويجب أن تتعزز وتتعمق خلال الأعوام المقبلة، لأن العمل الجماعي الذي يقوم على تكامل العقول والخبرات والجهود، هو الطريق لتحقيق أكبر الإنجازات والنجاحات.
*الأساس الرابع هو التنمية الشاملة، التي لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية والمادية فحسب، وإنما تمتد إلى الجوانب الثقافية والبيئية والاجتماعية وغيرها، لأننا نؤمن أن العناصر المختلفة للتنمية تترابط وتتكامل للحفاظ على ازدهارها واستدامتها .. وفي هذا السياق، فإن تعزيز هويتنا الوطنية والحفاظ على تراثنا وإبقائه حاضراً في وجدان الشباب، يمثل أولوية أساسية في كل خططنا التنموية خلال العقود المقبلة، لأن هويتنا هي مصدر قوتنا وتميزنا وخصوصيتنا الحضارية، وأساس تماسك واستقرار وحيوية مجتمعنا.
*الأساس الخامس هو امتلاك عناصر القوة التي تحمي مكتسباتنا وتصون مجتمعنا، وستبقى قواتنا المسلحة الباسلة وأجهزة أمننا الكفؤة، كما كانت خلال الخمسين عاماً الماضية، الحصن المنيع في مواجهة المخاطر والتهديدات.
*الأساس السادس هو تعبئة واستثمار كل موارد الوطن وإمكاناته لتحقيق تطلعاته وطموحاته، ومن هنا سنعمل على تعزيز دور القطاع الخاص في منظومة التنمية، لأنه شريك أساسي في صنع نهضتنا خلال العقود المقبلة، ونعمل وسنعمل على دعم هذا القطاع وتعظيم مشاركته في عملية التنمية، وتوسيع مشاركة المواطنين فيه من خلال رؤى عملية وخطوات جادة. ويتصل بذلك الاهتمام بالمبادرات والمشروعات الخاصة والصغيرة للمواطنين، خاصة الشباب، وتقديم كل دعم ممكن لها، وهو ما تعمل عليه الدولة وتوفر كل الإمكانات والقدرات لتحقيقه.
*الأساس السابع هو احتضان المواهب، من داخل الوطن وخارجه، وتنميتها وتحفيزها ورعايتها، لأنها هي التي تصنع الفارق في مسيرة الأمم نحو التقدم والتميز، وأولويتنا هي بناء القدرات النوعية في مختلف المجالات.
*الأساس الثامن هو الشراكات الفاعلة والإيجابية مع العالم، حيث ستظل دولة الإمارات على الدوام منفتحة على الجميع على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتعاون الإيجابي، من أجل خير شعبها وتنميته، وداعية تضامن وتكامل وتعاون بين الدول والشعوب.
*الأساس التاسع هو رفض كل نزعات التطرف والتعصب والعنصرية، أياً كان مصدرها، والوقوف في وجه الإرهاب ومن يمارسه أو يدعمه أو يبرر له أياً كانت هويته، لأن دولة الإمارات تؤمن بأن الإرهاب هو أحد أكبر مصادر الخطر على الأمن والسلم الدوليين، واستقرار الدول والمجتمعات، فضلاً عن العيش المشترك والعلاقة بين الحضارات والثقافات.
*الأساس العاشر هو العمل من أجل السلام في المنطقة والعالم، من منطلق الوعي بأن السلام هو الطريق لتحقيق تطلعات الشعوب إلى الرخاء والتنمية في كل زمان ومكان.