في ذكرى ذبح أطفال غزة.. العالم يشعر بالصدمة مع 11 يوما في مايو
في ذكرى مرور عام على الحرب الأخيرة التي شهدها قطاع غزة، مع القصف الشيطاني لجيش الاحتلال، وراح ضحيه مئات الشهداء والجرحى، وتدمير البية التحتية لغزة، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، مقابلة أجرتها كاثرين شوارد مع مخرجي فيلم «11 يوما في مايو»، الذي يروي قصص أطفال في غزة من ضحايا العدوان الإسرائيلي، على مدار 11 يوما في شهر مايو/أيار العام الماضي.
لقد تأذى أطفال غزة كثيراً بسبب التصعيد العنيف الأخير في أيار / مايو 2021. فقد أزهقت الأرواح وتمزقت الأسر، ولحقت آثار مدمرة بالأطفال. وفي غزة، لحقت أضرار بالمدارس والمرافق الصحية، وسويت المنازل والمكاتب بالأرض، وهجّرت أسر بأكملها. أما في إسرائيل، فقد لحقت أضرار بالمدارس والمنازل والمباني.
وبعد أن سكتت أصوات المدافع، فإن تداعيات الحرب لم تغب عن أطفال غزة، ويبدو أنها ستستمر معهم لفترة طويلة، فيما يعرف علميا بـ«اضطراب ما بعد الصدمة»، وهي اضطرابات تعبر عن نفسها لدى الأطفال، بآثار بالغة، أبرزها الشعور بفقدان الثقة، وتراجع الشعور بالأمان، والدعم العاطفي والأسري..وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، إلى أن هناك مليون طفل يعيشون في غزة، ويبدو أن قدر هؤلاء بالعيش في تلك البقعة، حتم عليهم رؤية الموت رأي العين، بين حرب تنتهي و أخرى تبدأ.
ووفقا لمجلس اللاجئين النرويجي، فإن أحد عشر طفلا فلسطينيا، من أصل 60 طفلا لقوا حتفهم، نتيجة القصف الجوي الإسرائيلي الأخير على غزة، كانوا يشاركون في برنامج المجلس، يهدف إلى مساعدتهم على التعامل مع الآثار النفسية الناجمة عن المآسي التي يعيشونها..وأشار المجلس إلى أن الأطفال، لقوا حتفهم في منازلهم الواقعة، بمناطق مأهولة ومكتظة بالسكان، كما قتل وأُصيب عدد من أقربائهم، وتتراوح أعمار جميع الأطفال بين 5 و15 عاما.
وكتبت صحيفة «الغارديان» البريطانية، تحت عنوان «يجب أن نشعر بالصدمة: فيلم مايكل وينتربوتوم الجريء تكريما لأطفال غزة القتلى»: يبدأ الفيلم بمشاهد من بي بي سي نيوز للغارات الجوية، من النوع الذي يعرفه المشاهدون، لكن بعد ذلك يميلون إلى نسيانه، كما يقول المخرج وينتربوتوم، قبل أن يخوض الصراع ترتيبا زمنيا، ليخبر المشاهد عن الأطفال الذين ماتوا كل يوم، عبر المقابلات مع 28 عائلة.
وتضيف الكاتبة البريطانية، كاثرين شوارد ، خطرت للمخرج لوينتربوتوم فكرة الفيلم وقام بتحرير اللقطات التي تم تصويرها بالتنسيق مع المخرج المحلي محمد الصواف
وترى الكاتبة أنه بالنسبة للجماهير الغربية، من المرجح أن تكون أكثر اللحظات إثارة للصدمة هي صور الأطفال القتلى أو المصابين بجروح قاتلة، والتي تتخللها صور لهم في الأوقات السعيدة. هذه الصور التي لا تمحى، بالإضافة إلى لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي لهم أثناء نقلهم إلى المستشفى أو وضعهم على الأرض.
ويقول المخرج البريطاني، وينتربوتوم، إنه «فكر كثيرا في تضمين صور الأطفال القتلى أو المحتضرين، فالعلاقة بـ «الخسارة والحزن» في غزة هي «بالتأكيد مفهوم مختلف عن ذلك في بريطانيا».
ويشير وينتربوتوم إلى أنه لو كان الفيلم يدور حول أطفال فقدوا في إنجلترا، فمن غير المرجح أن تكون عائلاتهم قد وافقت على استخدام مثل هذه الصور الثابتة، أو حتى امتلاكها في المقام الأول.
ويقول الصواف في مقابلة مع الصحيفة: «في البداية، رفضت معظم العائلات المشاركة .. لقد احتاجوا إلى قدر كبير من الإقناع. تم ذلك من قبل العائلات بالتشاور مع بعضها البعض».. وقال لهم الصواف «أطفالكم ليسوا أرقاما. يجب أن تظهروا للعالم ، إن هؤلاء هم الأشخاص الذين كانت لديهم تطلعات ولم يعد لهم وجود».
ويوضح الصواف أنه من الجدير بالذكر أنه في حين أن أولئك الذين علقوا في حروب أخرى قد تتاح لهم فرصة البحث عن ملجأ في بلدان أخرى حتى تنتهي، فإن هذا ليس خيارا متاحا لمعظم الفلسطينيين.
وتنقل الكاتبة عن الصواف، « اتضح أن الشيء الأكثر إزعاجا الذي سألنا عنه لم يكن ظروف استشهاد الأطفال، بل بالأحرى الآمال المعلقة قبله: بماذا كانوا يحلمون؟ ما الذي كان يحمله مستقبلهم؟.
أما بقية أطفال غزة، فإنهم يعانون نفسيا.. ووفقا لأطباء نفسيين، فإن الآثار التي خلفتها جولة الصراع الأخيرة على الأطفال، ستمتد لفترة طويلة، ويتحدث هؤلاء الأطباء عن أعراض نفسية مرتبطة بالخوف، تصيب أطفال غزة، كالاكتئاب والقلق، والاضطرابات السلوكية والتبول اللاإرادي، وعصبية المزاج وغيرها من الأعراض.
وكانت منظمة «أنقذوا الأطفال»، قد حذرت من أن الأطفال في غزة، سيعانون لسنوات قادمة مشيرة إلى أنهم «يعانون من الخوف والقلق، وقلة النوم وتظهر عليهم علامات القلق مثل الاهتزاز المستمر والتبول اللاإرادي».