أحمد الخميسي يكتب: الـفراعـنـة مـن أوكـرانـيــا .. ظـهـرت الـحـقـيـقـة !!
الأرمن شعب محب للتفاخر والتباهي، شاعت عنهم نكات كثيرة أيام الاتحاد السوفيتي، منها ادعاؤهم أن الأهرامات الثلاثة أرمينية، فلما سئلوا عن سبب وجودها في مصر، عللوا ذلك بأن مساحة أرمينيا صغيرة ولذلك تركوا الأهرامات في مصر إلى أن تتسع مساحة بلدهم ! لكن ذلك الادعاء الهزلي اتخذ صيغة أكثر جدية في أوكرانيا ! فقد عرض المؤرخ الأوكراني فاليري بيبك مؤخرا فيلما " وثائقيا " من اعداده أكد فيه أن أول فرعون مصري كان مينا – مينيس- أو مانيس، وهو من أصل أوكراني من مدينة " مينا " بمقاطعة جيرنوكيفسكي! وبالطبع فإن محتوى الفيلم غير قابل للنقاش للجاد، لكن مغزاه مهم، لأنه استمرار محاولات العالم سرقة تاريخ مصر، أو كحد أدنى سرقة آثارها. وأكثر المساعي العريقة الحاحا على ذلك عبر عنها مناحم بيجين عام 1978 خلال مفاوضات كامب ديفيد في أمريكا حين أعلن أن اليهود هم من قام ببناء الأهرامات! وفي عام 2015 أصدرت " الجمعية الجغرافية الأمريكية" الصهيونية وثيقة تجزم بأن الفراعنه كانوا " عبرانيين". والذين لا يستطيعون سرقة ماضي مصر بأكمله، يجتهدون لسرقته بالقطاعي، وهو ما كشفت عنه مؤخرا وسائل الاعلام الفرنسية بعد القبض على جان لوك مارتينيز مدير متحف اللوفر السابق بتهمة تسهيل بيع قطع أثرية فرعونية إلى متحف اللوفر بأبو ظبي بعد تهريب القطع من مصر عام 2011، من ضمنها تابوت ذهبي للكاهن " عنخ". والمحصلة النهائية أن السعي الحثيث للتزين بتاريخ مصر لم يتوقف، ولم تتوقف شتى الإدعاءات الكاذبة بأن الفراعنة كانوا من أوكرانيا أو الهند والسند أو المكسيك حيث ظهر هناك هرم صغير. وهم يبتغون بذلك نزع ذاكرة مصر من خلاياها وخلع حضارتها من تاريخها، وقد عاشت مصر دوما تتلفت حولها ما بين لصوص ماضيها ، ولصوص حاضرها، الذين لم يكفوا عن حصارها بالديون، ثم بالغزو، والسلاح، منذ أن سعت بريطانيا لبسط سيطرتها على مصر بواسطة القروض، وقصة الخديو اسماعيل معروفة في ذلك المجال، فقد حصل من مصرف أوروبي على 7. 5 مليون جنيه استرليني ولكنه لم يودع في الخزانة الحكومية من المبلغ سوى 4.68 مليون جنيه ، وعام 1866 حصل على قرض لمد خط سكك حديدية ووضع ربع القرض في جيبه الشخصي. وفي 8 أبريل 1876 توقف الخديو عن سداد فوائد الديون وأعلنت مصر إفلاسها! وبذلك كانوا يسرقون حاضر مصر طالما فشلوا في سرقة ماضيها. ومازالت مؤسسات الغرب الرأسمالي تقوم بالدور القديم ذاته، حتى أصبحت هناك آلية لافقار بلدان العالم الثالث عن طريق تكبيلها بالقروض والديون، الية تعمل على أساس شروط صندوق النقد الذي يدفع الحكومات للاقتراض ليس بهدف التصنيع أو التنمية بل لمجرد سد عجز ميزانية الدولة وسداد أقساط الديون السابقة بقروض جديدة. والآن بعد أن جزمت أوكرانيا بأن الفراعنة من صلبها، صارت مصر تمضي في العالم مثل امرأة ريفية، تقبض بيدها بقوة على محفظة نقودها، تتلفت يمينا ويسارا، تحاذر في الزحام مئات اللصوص الذين يتواثبون حولها ليسرقوا إما حاضرها أو ماضيها، إما أحلامها أو ذكرياتها، لكن امرأة عاشت سبعة آلاف عام، تدفع الهموم بالضحكات، وتروغ من المعتدين باللطف طالما أمكن، أو تنتفض في وجوههم وترفع الفؤوس بعنف، أو تعكف على اختراع الفنون والأغاني، امرأة كهذه، بكل هذا الجمال لا تهزم.