شيخ الأزهر: على الفتيات عدم الانبهار بالثروة أو الشكل عند اختيار شريك حياتها
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف أهمية أن نعلم أن كل ما قيل في اختيار شريكة الحياة يقال مثله في اختيار الفتاة شريك حياتها، من عدم الانبهار بالثروة أو الشكل أو وجاهة الأسرة، والأمر هنا أكثر خطرا وأشد خوفا؛ لأن أسباب الاضطرابات التي يخشى منها على استقرار الأسرة متجمعة -هذه المرة- في يد الزوج الذي تغريه ثروته أو وسامته بالطلاق أو التعدد.
ومما تجدر الإشارة إليه في شأن اهتمام الإسلام بالأسرة عدم إجبار الفتاة على التزوج بمن لا تحب أو لا تشعر بالميل إليه، وتحريم ذلك تحريما قاطعا على أولياء أمور الفتيات، وهذا النوع المؤلم من الزواج كان موجودا إلى عهد قريب، وكان يمثل حالة من حالات تغلب العادات والتقاليد على أحكام الشريعة.
وأضاف شيخ الأزهر في برنامج “الإمام الطيب” أنه إذا كان الإسلام لا يبيح للأسرة إجبار ابنتها على الزواج ممن لا تميل إليه، فكذلك لا يبيح للفتاة أن تختار شابا غير كفء لها ولا لعائلتها ثم تفرضه عليهم باسم الشريعة وحرية الاختيار.. وعليها أن تعلم أنها عضو في أسرة، وأن الحكم الشرعي هنا متساو، فكما منع الأسرة من أن تفرض عليك شابا لا تريدينه، فكذلك يمنعك من أن تفرضي على أسرتك شابا يلحق بهم المنقصة والقيل والقال، أو شابا غير مؤتمن على مستقبلك الأسري، ولا يراه إلا شهورا أو سنوات قلائل تبدأ بعدها أسرتك في تحمل المشاق والآلام وتبعات التسرع والتهور في الاختيار، وعليك أن تكوني دائما على ذكر من الحكمة التي تقول: «من تزوج على عجل ندم على مهل».
ومن اهتمام الإسلام بالأسرة نهيه أن يخطب الشاب على خطبة شاب آخر، وأن من يرغب في ذلك فعليه أن ينتظر إتمام الخطبة فينصرف عن المخطوبة، أو فسخها فيتقدم إليها، والحديث النبوي صريح في ذلك الأمر: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب»، والنهي هنا للتحريم، إذ هو حكم الأخلاق التي بعث نبي الإسلام ﷺ ليتمم مكارمها.. ومعلوم أن في خطبة الرجل على خطبة أخيه إشعالا لمشاعر الحقد والعداوة والبغضاء بين الناس.. ولكن قد يحدث أن يتقدم في بعض الأحيان أكثر من شاب لخطبة فتاة، وفي هذه الحالة، لا حرج على المخطوبة أن تتريث لرؤيتهم واختيار واحد منهم وتفضيله على غيره، ومثل هذه الحالة لا يشملها النهي المحرم الوارد في الحديث الشريف.
اهتمام الإسلام بالأسرة
وقال شيخ الأزهر إن من اهتمام الإسلام بالأسرة أن جعل مسؤولية الأسرة مسؤولية شرعية مشتركة بين الزوج والزوجة، وليست مسؤولية قانونية، ومعنى المسؤولية الشرعية هي استحقاق الثواب أو العقاب، فهي مسؤولية مراقبة ومسجلة، وتفضي بصاحبها إما إلى رضا الله، وإما إلى غضبه، وإذا كان المسلم ليس حرا في أن يكون شريرا خارجا على حدود الله وحرماته في غير نظام الأسرة، فهو بالأحرى ليس حرا في الخروج على الحدود التي حددها الشرع في معاملة الأسرة، أو التهاون في المسؤولية الشرعية التي أناطها الله تعالى بالزوج والزوجة على السواء.
واختتم شيخ الأزهر الحلقة بأن رسولنا الكريم ﷺ نبه على ما سبق في قوله: «... والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها»، ويقول ﷺ: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»، ثم يقول ﷺ: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول»، ويؤخذ من هذه الأحاديث أن كلا من الزوج والزوجة ليس حرا في معاملة الآخر حسب الأمزجة، أو حسب دواعي الكراهية أو العناد، وإنما هنالك المسؤولية الشرعية، وبعدها: الثواب أو العقاب، وأن هذه المسؤولية الشرعية بما تدعو إليه من إيثار المعاملة بالمودة والتقدير المتبادل كفيلة بحماية عش الزوجية واستقراره، وأن المعاملة في إطار «المودة والرحمة والعشرة بالمعروف» هي صانعة السعادة التي لا تكتسب من الأشياء، ولا تجتلب من المقتنيات، وإنما يفيض بها القلب حين تنبع من أعمق أعماقه