تقرير يكتبه المستشار الإعلامي لوزارة العمل من داخل مؤتمر العمل الدولي بجنيف
قراءة في تقرير "جيلبرت ف. هونجبو" بشأن "العدالة الإجتماعية" ..!
*لماذا يبحث العالم عن تشكيل تحالف دولي لإنقاذ "عالم العمل العالمي" من التحديات الراهنة ؟!
*تقرير دولي يرصد بالأرقام والمعلومات كيف وصل حجم البطالة ..وكيف تشوهت ملامح سوق العمل حول العالم ؟
*إشادة دولية بالتجربة المصرية وإصطفاف الشعب المصري خلف قياداته السياسية ..وبالبرامج الرئاسية التي خففت من حِدة تداعيات الأزمات العالمية على سوق العمل
*جنيف /المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لوزارة العمل عبدالوهاب خضر :
شدد تقرير مدير عام منظمة العمل الدولية جيلبرت ف. هونجبو المُقدم إلى مؤتمر العمل الدولى فى دورته رقم 111 المُنعقدة حاليا فى مقر الأمم المتحدة بجنيف،وبالتحديد خلال الفترة من 5 وحتى 16 يونيه الجاري ،بحضور 5000 مُشارك ،يمثلون أطراف العمل الثلاثة من حكومات وأصحاب أعمال وعمال من 187 دولة حول العالم ،ويرأس وفد مصر الثلاثي فيها وزير العمل حسن شحاتة ،على الحاجة إلى مزيد من العدالة الاجتماعية على مستوى العالم، وعلى السُبل الرامية إلى تحقيقها، كما يُسلط التقرير الدولي الضوء على الفُرص المُتاحة على المستويين الوطنى والدولي من أجل تعزيز مبادئ منظمة العمل الدولية المتمحورة حول الإنسان والقائمة على الحقوق..وقد احتوى "تقرير جيلبرت" هذا العام على أرقام مُفزعة وخطيرة، تتطلب سرعة تنفيذ توصيات منظمة العمل الدولية ببناء تحالف عالمى من أجل العدالة والحماية الإجتماعية لمواجهة كافة التحديات التى تواجه عالم العمل جراء التحديات الراهنة التى تُهدد العالم أجمع حيث يرى أن تفاقم انعدام الأمن الاقتصادي المُتزايد بسبب أجندة سياسات دولية وتحديات راهنة، تركت أكثر من 4 مليارات شخص حول العالم مُستبعدين من أى شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، وليست لديهم إمكانية الوصول إلى مزايا الرعاية الصحية، ولا دعم يُساعدهم فى إطعام أطفالهم وكِسوتهم ورعايتهم، ولا يحصلون على دخل فى شيخوختهم، أو فى أثناء فترات البطالة، كما يوضح التقرير أن عدد العاطلين عن العمل على مستوى العالم وصل إلى 207 ملايين شخص،و هناك 685 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع معظمهم من افريقيا ،وان 160 مليون طفل عامل ،داعيا إلى أهمية تشكيل تحالف عالمي لمواجهة تلك التحديات التي تواجه عالم العمل ،وناشد بلدان العالم إلى توفير الحماية الاجتماعية والعمل اللائق..كما رصد ما يتعرض له العمال العرب في الأراضي العربية المُحتلة بفلسطين وجنوب لبنان ،وجولان سورية ..
*اعتراف:
وإعترف التقرير نصاً بأن العالم يواجه تحديات لا حصر لها حيثُ ساهمت التنمية الاجتماعية والاقتصادية إلى حد ما في زيادة متوسط مستويات المعيشة وزيادة الفرص في جميع أنحاء العالم،ولكن في الوقت نفسه تزايدت المخاوف في العقود الأخيرة بشأن تزايد عدم المساواة الاقتصادية داخل العديد من البلدان ..ولكن ما هو مفهوم العدالة الإجتماعية التي يتحدث عنها هذا المؤتمر الدولي ..وما هو الدور الذي يجب أن يقوم به ذلك التحالف العالمي لمواجهة تحديات سوق العمل العالمي الذي يعاني البطالة وضعف الأجور وغياب الحماية الإجتماعية ..؟
*العدالة:
التقرير الدولي يرى أنه يمكن وصف العدالة الاجتماعية على نطاق واسع بأنها ذات أربعة أبعاد.."1" :البُعد الأول هو حقوق الإنسان العالمية وقدراته وتشمل الوصول إلى مستوى معيشي لائق والتعليم الحقيقي ،والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وهي تشمل أيضاً حرية تكوين الجمعيات التي توفر أُسس المشاركة الديمقراطية والحوار الاجتماعي..."2" البُعد الثاني يتعلق بالمساواة في الحصول على فرص العمل والنشاط الإنتاجي التي تمكن الناس من السعي وراء رفاهيتهم المادية في ظروف الأمن الاقتصادي.."3"البُعد الثالث يشمل المفهوم الأوسع للتوزيع العادل وهي تهتم بالإنصاف في نتائج التوزيع بما في ذلك حصة عادلة من فوائد النمو الاقتصادي مع الاهتمام بالأكثر حرمانًا أو ضعفًا في المجتمع..البُعد الرابع يتعلق بالتحولات العادلة ويرصد هذا البعد الطريقة التي تُؤثر بها التحولات الكبيرة على رفاهية الناس بمرور الوقت وهذا يشمل التحولات المرتبطة بالعولمة والتحولات التكنولوجية والديموغرافية والبيئية وغيرها من التحولات والأزمات المتفاقمة..
*العمل اللائق :
وبحسب التقرير الدولي فإن النهوض بالعدالة الاجتماعية يكون من خلال العمل اللائق،حيث أن برنامج العمل اللائق على النحو المنصوص عليه في إعلان منظمة العمل الدولية بصيغته المعدلة في عام 2008 بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة ،وبصيغته المعدلة فى عام 2022 يحدد مجموعة واضحة من الأهداف لتلبية التطلع العالمي للعدالة الاجتماعية وهو يوفر إطاراً معيارياً للحصول على حقوق التمكين والاستحقاقات للقدرات الأخرى ويعزز الحوار الإجتماعى في هذا الوقت الخطير والحرج..وهنا يطرح التقرير الدولي تساؤلات مهمة ومن بينها :"هل وصل العالم إلى منعطف حرج؟..وأجاب :"يواجه العالم تحديات لا حصر لها حيثُ ساهمت التنمية الاجتماعية والاقتصادية في زيادة متوسط مستويات المعيشة وزيادة الفرص في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه تزايدت المخاوف في العقود الأخيرة بشأن تزايد عدم المساواة الاقتصادية داخل العديد من البلدان واتساع التفاوت بين الثروة الهائلة التي تراكمت لدى أغنى 1% من السكان..كما أشار إلى انتشار انعدام الأمن فى سوق العمل،وقال :"يظل توفر العمل اللائق الوسيلة الأساسية لتأمين الوفاء المادى وتحسين مستويات المعيشة حيثُ أن الحصول على وظيفة لائقة يُمّكن الناس من العمل بكرامة ويعزز الإندماج الإجتماعى، مع العلم بأن عدد العاطلين عن العمل على مستوى العالم بنحو 207 مليون شخص ، لذلك فإن عدم الوصول الى فرص العمل له أثار سلبية على الشباب..كما رصد التقرير عدم المساواة وقال أنه "مرتفع ومتصاعد" ..وأوضح:"تتعلق مسألة عدم المساواة بانعدام الأمن في سوق العمل وتتجلى المستويات العالية من عدم المساواة التي تميز اقتصاداتنا ومجتمعاتنا بعدة طرق بما في ذلك الدخل وفرص المشاركة في سوق العمل والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.وفي هذا الصدد، تستمر الممارسات التمييزية حول العالم في استبعاد النساء والفئات المهمشة من فرص سوق العمل مما يؤدي إلى عدم المساواة في المعاملة والنتائج حيثُ إن المقدار غير المتناسب من الوقت الذي تستثمره النساء في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر يكمن وراء انخفاض معدلات مشاركة الإناث في القوى العاملة..وقال التقرير أيضا:"هناك طرق لتعزيز السياسات والمؤسسات التى تجعل المجتمعات شاملة لتوجيه الاستثمار الى حيث تكون العوائد الاقتصادية والإجتماعية أعظم ولتقديم المنافع العامة الأساسية والحماية الإجتماعية ..وهناك طرق لإستعادة الثقه فى المؤسسات العامة من خلال الحوار الإجتماعى والحوكمة الفعالة والشاملة والإزدهار المشترك ،بحسب التقرير .
*تحالف دولي :
ويعتبر "التقرير الدولي" تشكيل تحالُف عالمي من أجل العدالة الاجتماعية طوق النجاة لإنقاذ "عالم العمل العالمي" من التحديات الراهنة ..ويرى أن السعى لتحقيق العدالة الإجتماعية هو سبب وجود منظمة العمل الدولية ومع ذلك فإن قدرة منظمة العمل الدولية على النهوض بالعدالة الإجتماعية مقيدة بسبب الأزمات المتفاقمة والإستثمار غير الكافى فى التنمية الإجتماعية ومن شأن التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية أن يرفع من شأن العدالة الاجتماعية كضرورة حتمية للسياسة العالمية ويتطلب تعاوناً متعدد الأطراف في السياسات وسيكون بمثابة حافز وقناة لبدء أو تسريع العمل في مجالات السياسة،ويغرس العدالة الاجتماعية من خلال المناصرة وحوار السياسات،وسيوفر التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية إطارًا يمكن من خلاله للهيئات المكونة لمنظمة العمل الدولية أن تتجمع مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة المهمين لزيادة العمل العالمي والإقليمي والوطني للنهوض بالعدالة الاجتماعية للجميع والدعوة إلى إعطاء الأولوية للعدالة الاجتماعية في صنع السياسات واتخاذ القرارات على جميع المستويات على أساس الحوار الاجتماعي وضرورة زيادة الاستثمار..كما ستدعم دعوة التحالف العالمي وحوار السياسة من خلال قاعدة معرفية موثوقة ،ويقدم التقرير صورة محدثة عن حالة العدالة الاجتماعية في العالم ويركز على الموضوعات ذات الصلة ويسلط الضوء على نُهج السياسات المبتكرة والتحويلية بشكل خاص للنهوض بحقوق الإنسان وقدراته وتأمين الوصول المتكافئ إلى فرص العمل والنشاط الإنتاجي وضمان التوزيع العادل ..
*مفتاح التنمية :
كما يعود التقرير ألى تسليط الضوء على أهمية العمل اللائق ،وبيئة العمل الصحية والأمنة ،والأمان الوظيفي ،ويقول التقرير أن العمل اللائق هو مفتاح التنمية المستدامة في حين تم دمج برنامج العمل اللائق بالكامل في النظام متعدد الأطراف في الهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة ويمثل التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية فرصة مهمة لدمج الهيكل الثلاثي والحوار الاجتماعي بشكل أكثر ثباتًا في تعددية شبكية ،وتنسيق السياسات الدولية لزيادة اتساق السياسات ، والتنسيق من أجل زيادة اتساق السياسات على الصعيدين الدولي والوطني قد يشمل ذلك: مشاركة في الضمانات الاجتماعية في مشاريع الاستثمار والتنمية العمل المشترك لتحديد خيارات لتوسيع الحيز المالي للتوظيف الكامل وإنشاء أرضية للحماية الاجتماعية بناءً على التجارب التجريبية لمنظمة العمل الدولية ،والحوار مع الهيئات المكونة الثلاثية لمنظمة العمل الدولية بشأن الأطر المستدامة اجتماعيا لإعادة هيكلة الديون،وإعادة تنشيط الهيكل الثلاثي لعقد اجتماعي مُتجدد..وينتهي التقرير بالقول:" نحن نعيش فى زمن يتسم بتفاقم الأزمات بحيثُ تكشف كل أزمة عن نقاط ضعف طويلة الأمد فى أنظمتنا وسياساتنا السائدة ..وأن الاقتناع بأن السلام الشامل والدائم لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان قائمًا على العدالة الاجتماعية وتعمل منظمة العمل الدولية على جعل العدالة الاجتماعية الهدف النهائي للمنظمة وتركز على تحسين ظروف العمل..وأن إعلان فيلادلفيا لعام 1944 أعاد التأكيد بقوة على ولاية منظمة العمل الدولية الخاصة بالعدالة الاجتماعية القائمة على القيم الاساسية لكرامة الإنسان والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص قد جعل تحقيق العدالة الاجتماعية الهدف الأساسي لجميع السياسات الوطنية والدولية ووضع الاقتصاد والسياسات الاقتصادية في خدمة هذا الهدف الأساسي."
*الموقف المصري ..
..وتشارك مصر فى هذا المؤتمر الدولى بوفد ثلاثى برئاسة وزير العمل حسن شحاتة، حيث تمتلك أرضاً خصبة لبرامج الحماية والعدالة الإجتماعية التى ستُروج لها دوليا "بقلب جامد" ، وهى تُعتبر نموذجاً يُحتذى به أمام العالم ، ومن بين هذه البرامج المشاريع العملاقة التى تُوفر فرص العمل، وتبنى "الجمهورية الجديدة" ، وكذلك المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية لتوحيد الجهود بين كافة مؤسسات الدولة بالتعاون مع المجتمع المدني، وشركات القطاع الخاص، وشركاء التنمية فى مصر وخارجها بملف التنمية المستدامة”، والتى تهدف إلى القضاء على "الفقر متعدد الأبعاد"، والتخفيف عن كاهل المواطنين، خاصة الأسر الأكثر احتياجًا فى القرى والمراكز المُستهدفة، والبالغ عددها 4 آلاف و658 قرية باستثمارات تُقدر بتريليون جنيه ..وجاء تنفيذ وزارة العمل لتوجيهات وقرارات الرئيس السيسى بشأن حماية العمالة غير المنتظمة، ودمج ذوى الهمم فى سوق العمل، ورعاية عمال مصر فى الداخل والخارج، وتأهيل الشباب على مهن يحتاجها سوق العمل، وتوفير فرص عمل لهم، وربط التعليم باحتياجات السوق، وتعزيز معايير العمل الدولية فى بيئة عمل لائقة،وتفعيل دور المجلس الأعلى للحوار المجتمعي في مجال العمل ،هي قمة "العدالة والحماية الاجتماعية" التى يبحث عنها العالم اليوم في مؤتمر جنيف،حيث أنه ومنذ تولي الرئيس السيسي حكم البلاد حققت الدولة إنجازات ضخمة بهذا القطاع ونجحت وزارة العمل في تنفيذ توجيهات الرئيس في بناء عامل عصري يواكب تطلعات الجمهورية الجديدة، حيث ساهمت المشروعات القومية التي أطلقتها الدولة في كل ربوع مصر في توفير الملايين من فرص العمل لكافة فئات المجتمع،وهو ما أشاد به خبراء ومتخصصون مشاركون في مؤتمر العمل الدولي في أحاديث مع الوفد المصري،مُثمنين وعي الشعب المصري ،ووقوفه صفاً واحداً مع قياداته السياسية التي أعلنت عن مبادرات رئاسية خففت من حِدة "تحديات سوق العمل العالمي" ..