الفسيخ والرنجة المصرية على رأس المائدة الأردنية في عيد الفطر
مع نهاية شهر الصيام (رمضان الفضيل)، واستقبال عيد الفطر المبارك، تبحث الأسر عن وجبة جديدة لفتح الشهية لتناول الطعام بعد صيام شهر كامل وكنوع من كسر الطابع اليومي للوجبات الدسمة طول فترات الصوم.
ورغم أن استقبال عيد الفطر المبارك وغيره من الأعياد له خصوصيته وعاداته وتقاليده المختلفة من شعب إلى آخر، إلا أن النموذج المصري دائما ما يكون حاضرا في أغلب المناسبات بالعالم العربي وخاصة حينما يكون التجانس والتقارب بين شعب دولة وأخرى هو المحرك الأساسي للعادات والتقاليد ومظاهر الاحتفال بالمناسبات وتحديدا عيد الفطر المبارك وهو ما يحدث بالفعل لدى الشعب الأردني الذي يرى أن أقرب شعب له في تلك العادات والتقاليد هو شقيقه الشعب المصري بحكم العلاقات التاريخية وعلاقات النسب والمصاهرة والتعامل المباشر بين أبناء الشعبين الشقيقين.
وهنا في الأردن ومن خلال الملاحظ، وجد أن هناك العديد من العادات والتقاليد ومظاهر استقبال الأعياد التي تتشابه في ممارساتها بين الشعبين المصري والأردني، حيث يقوم أغلب الشعب الأردني في أول أيام عيد الفطر المبارك بتجهيز مائدة مشابهة للمائدة التي اعتاد عليها المصريين في مثل هذا اليوم وهى الفسيخ والرنجة والمأكولات المملحة لتكون مرحلة من مراحل تجهيز الشهية بعد صيام شهر متواصل هو شهر رمضان المعظم.
الفسيخ والرنجة المصرية تكسب
وخلال جولة في السوق الأردني عقب الإعلان عن أول أيام عيد الفطر المبارك، ظهر تزاحم العديد من أبناء الشعب الأردني وغيرهم من المغتربين المقيمين في الأردن، على شراء الفسيخ والرنجة المصرية المنتشرة في الأسواق بشكل كثيف وربما تنافس غيرها من الأنواع الموجودة في السوق.
ويقول محمد صاحب محلات في وسط العاصمة عمان لبيع المأكولات المملحة، إن الفسيخ والرنجة المصنوعة في مصر تكتسح السوق الشرائي الأردني وقد لا ينافسها شيء من المنتجات الدولية أو المحلية الأخرى، مشيرا إلى أن الفسيخ المصري والرنجة كسبا سوق البيع والشراء خلال هذا العام وربما كل عام.
وأضاف محمد، في تصريح خاص لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، أن المستهلك الأردني وربما العربي والمصري أيضا المتواجد هنا في الأردن يقوم بشراء الفسيخ والرنجة المصرية مع بداية الإعلان عن أول أيام عيد الفطر المبارك كنوع أساسي ورئيسي على المائدة في أول العيد، مؤكدا أن الفسيخ المصري والرنجة أول طلب للمستهلك نظرا لجودته.
وأشار إلى أن هناك أنواعًا أخرى من الفسيخ والرنجة موجودة في السوق الأردني ولها أيضا زبونها ولكن الطلب الأساسي على الفسيخ المصري، مشيرا إلى أن الملوحة المصرية أيضا لها طلب كبير ولكنها تأتي بكميات قليلة إلى السوق الأردني.
ولفت محمد إلى أن هذا هو الموسم الوحيد عيد الفطر المبارك، الذي تشتهر فيه بيع هذه المنتجات بالسوق الأردني وبعكس السوق المصري، موضحا أن الملوحة والفسيخ والرنجة قد تكون مائدة دائمة وموسمية في مصر ولكنها في الأردن استثنائية فقط في أول أيام عيد الفطر المبارك.
وخلال جولة في الأسواق الأردنية مع بداية ليلة أول أيام عيد الفطر المبارك وعقب إفطار اليوم الأخير من شهر رمضان المعظم، اكتظت مناطق وسط العاصمة وخاصة في سوق السكر وغيره بالمواطنين الأردنيين وغيرهم لشراء الفسيخ والرنجة المنتشرة في معظم شوارع وسط المدينة، فيما كان الفسيخ المصري والرنجة تزاحم أنواع أخرى من غزة وهولندا وغيرها من الدول المنتجة لمثل هذه المأكولات.
ما هو الفسيخ؟ويعد الفسيخ نوعا من سمك البوري يتم تجفيفه ووضعه في ملح خشن لمدة خمسة عشر يوما أو أكثر حتى يكتسب لونا فضيا ورائحة مميزة، فيما كان أول من تناوله الفراعنة المصريون وما زال لليوم يتناوله المصريون كتقليد لهم في عيد شم النسم حيث يقدموه مع السلطة الخضراء وشرائح البصل والبطاطا المقلية.
وينتمي سمك البوري للفصيلة البورية وهو يعيش بالقرب من السواحل، ويوجد بكثرة في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، يطلق عليه عدة أسماء، ويتغذى على الطحالب الموجودة في البحر وهو النوع الذي يتم تحضير الفسيخ منه بعد غسله وتجفيفه وتغطيته بالملح الخشن حتى يكتسب طعما مالحا ولونا فضيا ورائحة تميزه عن غيره.
ويقول الأطباء عن تناول هذه الوجبة بعد أيام الصيام وخصوصا في أول أيام عيد الفطر المبارك، إن الملوحة التي يحتويها سمك الفسيخ تعمل على تهيئة المعدة لاستقبال الطعام بعد صيام شهر كامل كما أن ملوحته الزائدة تعمل على حبس السوائل بالجسم وتعويض السوائل المفتقدة خلال صيام شهر رمضان.
ويقول الطبيب الأردني محمد الطراونة إنه على الرغم من أن تناول هذه الوجبات يعد في المقدمة عادة إلا أن فوائدها قد تصاحبها أضرار، مشددا على ضرورة تهيئة المعدة للطعام عقب فترة الصيام الطويلة.
وقال الطراونة، إن أضرار تناول الفسيخ تعود إلى أنه قد يكون مصدرا جيدا لنمو الطفيليات والبكتيريا إذا لم يتم تصنيعه بطريقة جيدة وصحية حيث تنتقل البكتيريا من الذباب إذا تم تجفيف السمك بالشمس ويتم تحلل السمك واحتوائه على البكتيريا التي قد تؤثر على الجهاز العصبي للإنسان وقد تسبب وجع عضلات قويا وإسهالا وقيئا وغيرها من الأمراض.
ووجه نصحية إلى المقبلين على تناول هذه الوجبة في أول أيام عيد الفطر المبارك بضرورة عدم الإكثار من تناولها بكميات كبيرة والاختفاء فقط بكمية صغيرة وخاصة أن ملوحة الفسيخ تعد مضرة بحد ذاتها فتعمل على زيادة ارتفاع ضغط الدم واحتباس السوائل بالجسم وتنفيخ القدمين وخاصة عند المرأة الحامل.
ورغم هذه الفوائد والأضرار، فأن تناول كمية صغيرة من البصل مع الفسيخ، وشرب الماء بكثرة بعد تناول هذه الوجبة تمثل طوق نجاة لمن يرغب في تجربة أول أيام عيد الفطر المبارك بمائدة الفسيخ والرنجة.