ما حكم مكافحة الاحتكار في زمن التضخم والأزمات ؟
اتفق الفقهاء على تحريم الاحتكار وجعله من المحظورات في الإسلام، لا سيما في زمن التضخم والأزمات والأوبئة بغية المغالاة في تحقيق أرباح مالية وغيرها، مما يضاعف من الأزمة ويؤخر القدرة في التغلب، ولولي الأمر أن يفعل ما فيه المصلحة لمنعه.
الجواب تفصيلًا
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ، وبعد ... فإن الاحتكار الذي يقوم به البعض لا سيما في زمن التضخم والأزمات والأوبئة بغية المغالاة في تحقيق أرباح مالية وغيرها، مما يضاعف من الأزمة ويؤخر القدرة في التغلب عليها فهذا مما اتفق الفقهاء على تحريمه وجعله من المحظورات في الإسلام، لقوله ﷺ " لا يحتكر إلا خاطئ ".
كما أن الاحتكار يعد إخلالًا بمقتضيات الإيمان من مودة ورحمة وتعاطف ، لما ورد في قولهﷺ : " مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر ".
والملاحظ أن تصور الفقهاء للاحتكار المحرم يدور حول كل سلوك إجرامي يترتب عليه تضيق على الناس في تحصيل الضروريات والحاجيات من طعام ومستلزمات طبية ونحو ذلك ، فقد قال البهوتي هو: " أن يشتريه للتجارة، ويحبسه ليقل ، فيغلو ".
وقد ذهب الفقهاء إلى تحريم احتكار الأقوات والمستلزمات الطبية وكل ما تعم الحاجة إليه زمن الأزمات والحاجة المجتمعية أيا كان مصدرها ، بل إن الشيخ العمراني من الشافعية يحظر احتكار وحبس السلع عن دخول الأسواق، طالما كان بالناس ضرورة أو حاجة عظيمة.
ويعطي الإسلام للدولة الحق في التدخل لمواجهة السلوك الاحتكاري المضر بالمجتمع، وإجبار أصحابه على البيع بثمن المثل؛ لأنه مصلحة عامة لحق الله تعالى، ولا تتم مصلحة الناس إلا بها ".
فالأسواق في الإسلام تحكمها ضوابط تمنع من استغلال حاجة المستهلكين، وجل ذلك وسيلة لتحقيق أرباح طائلة على حساب مصلحة المجتمع، لذلك أرشدنا سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى علاج الاحتكار عندما اشتكى الناس غلاء ثمن اللحم: أرخصوه. قالوا كيف نرخصه ، وهو ليس في أيدينا ؟ قال: اتركوه لهم.
وعلى هذا: فاحتكار الأقوات، وكل ما تعم الحاجة إليه في زمن الأزمات والحاجة المجتمعية أيا كان مصدرها حرام، ومن يفعله آثم، ولولي الأمر أن يفعل ما فيه المصلحة لمنعه .
هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال، والله أعلم.