مصراوي 24
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الأحد 9 مارس 2025 11:19 مـ 10 رمضان 1446 هـ

بعد اشتباكات الساحل.. مخاوف من تجدد الحرب الطائفية في سوريا

شهدت منطقة الساحل السوري، على مدار يومين، اشتباكات دموية بين مسلحين موالين للنظام السوري السابق، ومقاتلين من القوات الحكومية، أودت بحياة أكثر من ألف شخص، بينهم 745 مدنيًا، وهو أعلى معدلات القتل في سوريا منذ عام 2011، وفق ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

دارت الاشتباكات الدموية في مدن وأرياف اللاذقية وطرطوس، خلال اليومين الماضيين، وأعلنت السلطات الجديدة في سوريا، الجمعة، فرض السيطرة الكاملة على طرطوس واللاذقية، وتمديد فرض حظر تجول عام في المدينتين، حتى أمس السبت، وذلك تزامنًا مع استقدام تعزيزات وقوات إضافية من وزارة الدفاع.

وأقامت قوات الأمن الحكومية نقاط تفتيش على طول الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة طرطوس، عاصمة المحافظة، وفي جميع أنحائها، حيث أغلقت معظم المحلات التجارية ولزم العديد من السكان منازلهم.

وبدأت الاشتباكات بعد تعرض دوريات تابعة للأمن العام إلى كمائن مسلحة في ريف اللاذقية، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات توسعت إلى بؤر عديدة، كان أشدها في مدينة القرداحة مسقط رأس عائلة الأسد.

وحسب الجارديان، كان الهجوم واسع النطاق والمنسق هو التحدي الأكبر الذي واجهته السلطات الجديدة في البلاد حتى الآن، وجاء بعد 3 أشهر من إطاحة الفصائل المسلحة بقيادة جماعة "هيئة تحرير الشام" بالرئيس السوري بشار الأسد.

ولسحق التمرد، استدعت الحكومة السورية تعزيزات عسكرية، فتجمع الآلاف من المقاتلين على الساحل السوري من مختلف أنحاء البلاد. ورغم أن المقاتلين يخضعون ظاهريًا لرعاية الحكومة السورية الجديدة، فإن الميليشيات لا تزال قائمة، وبعضها متورط في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، وهي غير منضبطة نسبيًا، وفق "الجارديان".

وقال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، اليوم الأحد، إن التطورات تأتي ضمن "التحديات المتوقعة" ودعا إلى الوحدة الوطنية. وقال في مقطع فيديو وهو يتحدث في مسجد في حي المزة الذي نشأ فيه بدمشق: "علينا أن نحافظ على الوحدة الوطنية والسلام الداخلي، ونستطيع أن نعيش معًا". وأضاف: "اطمئنوا على سوريا، هذا البلد لديه مقومات البقاء.. ما يحدث حاليًا في سوريا هو ضمن التحديات المتوقعة".

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" إن أعمال العنف أثارت شبح اندلاع صراع طائفي أوسع نطاقا في سوريا، وأثارت حالة من الذعر في المحافظات الساحلية في اللاذقية وطرطوس. وتعتبر هذه المنطقة معقلًا للأقلية العلوية في سوريا، التي كانت تهيمن على الطبقة الحاكمة والرتب العليا من الجيش في ظل حكم الأسد، وكانت تضم عائلة الأسد نفسها.

والساحل السوري مأهول بكثافة بالأقلية العلوية، التي ينحدر منها الرئيس السوري المخلوع، على الرغم من أن معظم العلويين لم يكونوا مرتبطين بنظام الأسد. وقد وعدت السلطات السورية الجديدة العلويين بأنهم سوف يكونون آمنين تحت حكمهم، وبأنه لن تكون هناك عمليات قتل انتقامية. ولكن عمليات قتل قوات الأمن الحكومية لمئات المدنيين العلويين في الغالب هذا الأسبوع قد أرسلت موجات من الخوف بين الأقلية الدينية، وفق الجارديان.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن شادي أحمد خضر، 47 عامًا، من طرطوس، إن شوارع الحي الذي يسكنه أصبحت خالية من المارة مع تصاعد العنف في الأيام الأخيرة، مما أدى إلى تحول طرطوس إلى مدينة أشباح.

وخضر من العلويين، لكن مثل كثيرين في المدينة، قال إنه لا يؤيد الموالين للأسد الذين حملوا السلاح ضد السلطات السورية الجديدة. ومع ذلك، يخشى أن قوات الأمن التابعة للحكومة الجديدة لن تتمكن من التمييز بين المسلحين الموالين للأسد والأشخاص مثله، وتتجه البلاد نحو مزيد من الصراع.

وروى أحد سكان بلدة صنوبر في محافظة اللاذقية، تفاصيل قيام مسلحين بقتل ما لا يقل عن 14 من جيرانه جميعهم من عائلة أريس، بما في ذلك إعدام الأب البالغ من العمر 75 عاما وثلاثة من أبنائه أمام والدة العائلة.

وقال أحد سكان اللاذقية، إن الكهرباء والمياه مقطوعة عن المنطقة، وأنهم لجأوا إلى منازلهم خوفًا من المسلحين في الشوارع. وفي ريف محافظة اللاذقية القريب، حمل السكان المحليون السلاح وتمركزوا خارج منازلهم لحماية عائلاتهم.

وفي بانياس، وهي بلدة تقع على الطرف الشمالي من محافظة طرطوس، اقتحم مسلحون الأحياء ذات الأغلبية العلوية في البلدة، في وقت متأخر من ليل الخميس، وفقا لأربعة سكان.

وقال غيث مصطفى، أحد سكان بانياس، إنه قضى معظم يومي الجمعة والسبت متجمعًا مع زوجته هالة حامد وابنهما البالغ من العمر شهرين خلف باب منزلهم الأمامي، وهو المكان الوحيد في شقتهم الصغيرة الذي لم يكن بالقرب من أي نوافذ.

وأضاف إنه وعائلته فروا من شقتهم عندما هدأ إطلاق النار حوالي الساعة الثانية ظهرا يوم السبت، ولجأوا إلى منزل صديق في حي قريب.

وتابع إن كل مترين أو ثلاثة أمتار كانت هناك جثة ملقاة على الأرض. وكانت بقع الدماء ملطخة على الرصيف. وأضاف أن واجهات المتاجر تحطمت، ويبدو أن العديد من المتاجر تعرضت للنهب.

وكان مصطفى من بين مئات الأشخاص الذين فروا من بانياس، يوم السبت، بحسب ما أفاد به السكان. وسعى العديد منهم إلى اللجوء إلى أصدقاء ليسوا من العلويين على أمل أن تتجنب أحيائهم وطأة المزيد من العنف.

ومن المقرر أن تعلن السلطات الانتقالية السورية عن حكومة جديدة هذا الشهر، والتي سوف تخضع للتدقيق عن كثب للتأكد من أنها تمثل التنوع الديني والعرقي في سوريا، بعد أعمال العنف التي شهدتها البلاد هذا الأسبوع.