مصراوي 24
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الثلاثاء 1 أبريل 2025 10:50 صـ 3 شوال 1446 هـ

كتاب ”الحق المبين” ..رؤية شاملة وصحيحة لجوهر الإسلام المعتدل بعيدا عن التطرف

يقدم كتاب "الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين" ، الذي أهدى وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري نسخة منه إلى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، رؤية شاملة وصحيحة لجوهر الإسلام المعتدل البعيد عن العنف والتطرف والمغالاة في الرأي.

ويتناول الكتاب ، الذي يعد إحدى الاطلالات الفكرية للأزهر الشريف وهو من تأليف الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، مواجهة الفكر المتطرف وتصويب الأفكار المغلوطة لدى بعض المسلمين حول بعض المفاهيم التي أرادت القوى المتطرفة نشرها في المجتمع المسلم.

ويكشف الكتاب منهج الأزهر الشريف ، الوعاء الحافظ الأمين الذي وعى مناهج أئمة العلم، في تتبع أفكار التيارات المتطرفة المضطربة، وواجبه في التبصير بالدين وإزالة ما ألصق به من أفهام مضطربة، وردع من يتهجم على الوحي والعلم دون زاد من المعرفة، وإن كان تقيا صالحا متعبدا.

ويوضح الكتاب أن هناك من مارس الاجتهاد مع اضطراب في امتلاك أدواته أو التمرس به ما ألصق بالشرع الشريف أفهام حائرة، ومقولات خطيرة، واستدلالات مضطربة، من ورائها أحداث صعبة، ونوازل عظيمة، مما أنتج جوا مشحونا محموما مندفعا، تختلط فيه المعاناة والابتلاءات بالفكر والعلم والاستنباط، مما يرجع على صنعة العلم بالتشويش، والوقوع تحت الضغوط النفسية الهائلة، مما ينتج فقها مغرقا في التشويش والاضطراب والاندفاع.

ويقدم الكتاب وقفة أزهرية تاريخية عكفت على الرصد والتلخيص والاعتصار والمقارنة للمفاهيم، وتمييز الأصلي المحوري منها من الجانبي العارض حتى تم التلخيص والاستخراج الأمين للمرتكزات والأصول والمقولات التي بنيت عليها أطروحات الإسلاميين المعاصرين.

كما يستعرض الكتاب ، الذي يعد مشروعا علميا أزهريا مؤصلا، على مائدة البحث العلمي، والتحرير المعرفي الدقيق، خلاصة المقولات والنظريات والأفكار، التي بني عليها فكر التيارات السياسية المنتسبة للإسلام في الثمانين عاما الماضية، قياما بواجب البيان للناس، وصيانة للقرآن الكريم من أن تلتصق به الأفهام الحائرة، والمفاهيم المظلمة المغلوطة.

ويتناول المؤلف ، في كتابه ، عدة مفاهيم وأطروحات ونظريات وتنظيرات واستدلالات ، تراكمت على مدى السنوات الثمانين ، وهي غير مخدومة ولا مؤصلة، أقدم عليها الأدباء والكتاب والدعاة والمتحمسون، فضلا عمن دخل في مجال العلم الشرعي من الأطباء والمهندسين وأصحاب الحرف والمهن المختلفة، ممن أجهد نفسه في دراسة الشرع، ثم تحول إلى ممارسة صنعة الاجتهاد، مع اضطراب في امتلاك أدواته أو التمرس به.

ويشدد الكتاب على أن الأزهر الشريف الذي هو منهج علمي رصين مؤصل، يجر من ورائه تجربة ألف سنة في صنعة التعليم والتمرس بدقائق الصناعة العلمية، وتخريج العلماء المتبحرين، عبر أجيال ممتدة، ودوائر علوم متضافرة، وطول زمن صقل التجربة وسدد ثغورها، وعزز تكاملها وإتقانها ونضجها وبلورتها، وابتعاث الألوف من علماء الأقطار إليه، على اختلاف بيئاتهم وطبائع معيشتهم ومعطيات مجتمعاتهم، مما زاد من التلاقي المعرفي بين الأزهر وبين المدارس العلمية في المشرق والمغرب، حتى استقرت معه مناهج العلم والمعرفة على نحو نادر الحدوث في شعوب الإسلام ومدارسه في المشرق والمغرب.

وينوه إلى وقوف الأزهر الشريف بكل ما يشتمل عليه من الموارد المعرفية الأصيلة المذكورة، يرقب ذلك بكل أناة وتأمل، وهو يعرض ما أنتجته تلك التيارات من أطروحات واستدلال وفهم للوحيين، وتنزيل له على الوقائع، على ميزان العلم العميق المؤصل، فما ترك حادثة ولا نازلة إلا وقد رصدها ولاحقها، وعكف على فحصها وتحليلها، وإبداء الرأي فيها، ولربما اشتهر نتاج ذلك وذاع، ولربما خفي جهده في ذلك وتوارى نتيجة عدم الخدمة التوثيقية والأرشفة والتوصيل الإعلامي وما أشبه.

ويقول المؤلف إن الأمر تصاعد في الأعوام الأخيرة على نحو فادح، وتسارعت حركة الاستدلال والاستدعاء لآيات القرآن في مواردها وفي غير مواردها، بل بدأت الأطروحات الفكرية التي أثمرتها الثمانون عاما الماضية تزداد تعقيدا وتداعيا، وتتولد من المفاهيم الكلية الكبرى عندهم مفاهيم جزئية، وخرج ما كان كامنا من تلك الأطروحات إلى حيز التنفيذ والجدل، وازداد أربابه بعدا عن مناهج أهل العلم، حتى انقضت تلك الأجيال الأولى التي ربما كانت تدرك معنى العلم وتقدر له قدره، وآل الأمر إلى الأجيال الناشئة المتحمسة، ممن أجرى قلمه بمقال أو خطبة أو كتابات متحمسة، فإذا به قد تسلط هو اليوم للتنظير والاستنباط، مما أنتج خطابا دينيا صارخا وصادما وقبيحا، وفاقدا لمقاصد الشريعة بل مدمرا لها.

ويشرح المؤلف كيف أن فكر التيارات المتطرفة، الذي كان كامنا في كتبهم ، أعيد اليوم بعثه ، فتم تحويله إلى تنظيمات وجماعات وتطبيقات، بل تولدت منه الأجيال الثواني والثوالث من الأفكار والتطويرات والاستدلالات إنها تيارات تدعي الانتساب إلى الوحي، وتتمرد على المنهج.

ويشدد على ضرورة هذه الوقفة التاريخية الأزهرية، التي يستنفر فيها الأزهر علومه ومعارفه وتاريخه وأعيانه ومناهجه وأدواته العلمية، ويضع نتاج تلك التيارات تحت المجهر، حتى يصدر فيها الرأي الفصل، وينفي عن دين الله تعالى ما ألصق به من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".

ويتناول الكتاب مفهوم الخطاب الديني ومعناه إزالة كل ما علق بهذا الشرع الشريف من مفاهيم مغلوطة ، أو تأويلات منحرفة، أو استدعاء خاطئٍ لآيات القرآن في غير ما قصدت إليه، وإعادة إبراز مكارم الشريعة، وسمو أخلاقها، ورصانة علومها، عن طريق تفعيل مناهج الاستنباط المنضبطة الرصينة، حتى يرجع جوهر هذا الدين نقيا ساطعا، يرى الناس فيه الهدي والسكينة والعلوم والمعارف والحضارة.

ويكشف الكتاب أن الأزهر الشريف يفحص المقولات الفكرية المتطرفة ويعرضها على مائدة البحث العلمي وأدوات المعرفة الحاضرة فهو نموذج من المنهج العلمي المنضبط الرصين يفتح أبواب النقاش ويزيل ما ألصق بالوحي من أفهام مغلوطة وتأويلات متغالية.

ويعتبر المؤلف أن هناك منهجين الأول "فكري مستقيم" ويتمثل في الأزهر الشريف والآخر "سقيم ومضطرب" مفعم بالتشنج يظهر عبر الزمان على هيئة موجات متتالية، وكلما مضت عدة أجيال برزت منه موجة جديدة، بهيئة مغايرة، وتحت شعار واسم جديدين، لكنها تستصحب طريقة التفكير بعينها، وتعيد نفس المقولات والنظريات بعينها، وترتكب الأخطاء الفادحة في فهم الوحي بعينها وتسمى في زمننا بأسماء متعددة، وهيئات مختلفة متصارعة، من الإخوان إلى داعش.

ويكشف الكتاب عكوف الأزهر الشريف واستمراره على إعداد جمهرة أو موسوعة أو مرصد للآيات والأحاديث، التي انتهكها الفكر المتطرف، وتأولها على غير وجهها، واستدعاها في غير ما نزلت لأجله، أو حرف دلالتها، متجاوزا قواعد علم الأصول، وعلوم البلاغة والعربية، وآداب الاستنباط عموما، حتى يكون تلك الجمهرة معجما يتناول كل آية ألصقت بها الأفهام المغلوطة، ثم يبسط معناها ويشرح دلالاتها، ويبين وجه الغلط في استدلال التيارات المعاصرة بها".

وفي هذا السياق ، ينفي المؤلف احتكار الأزهر لنفسه حق تأويل النص، أو أنه يقصر المعرفة على نفسه دون غيره، بل الأمر راجع إلى منهج علمي رصين، حافظ الأزهر عليه، ونشره، وعلمه، وأودعه في الكتب، وجعله متاحا، بل قامت على هذا المنهج مدارس أصيلة، كالزيتونة في تونس، والقرويين في فاس، والجامع الأموي في دمشق، وجامع الفات في استانبول، وأربطة العلم في حضرموت، ومحاضر شنقيط، ومسايد السودان، والمدارس العلمية الموقرة في الملايو والهند والعراق، والعمق الأفريقي، وغير ذلك من المدارس العلمية الأصيلة في أقطار المسلمين، فالأمر ليس احتكارا للمعرفة، بل غيرة على هذا المنهج المتاح، وعلى كل من أراد أن يشارك في الاستنباط من القرآن ألا يقصر في تحصيل هذا المنهج وإتقانه وإحراز الشهادة والإجازة العلمية فيه، وإلا فهو معتد على العلم، ومقصر في طلبه وتعلمه.