تحالف روسي إيراني جديد يغيّر قواعد التعاون الإقليمي

أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الإثنين، مرسومًا رسميًا يوافق بموجبه على اتفاق شامل مع إيران، يستند إلى شراكة استراتيجية تمتد لعشرين عامًا قابلة للتجديد التلقائي لفترات إضافية مدتها خمس سنوات، في خطوة تؤكد عمق التفاهم المتنامي بين موسكو وطهران في ملفات متعددة ومتشابكة.
توقيع بوتين جاء بعد مرور نحو أسبوعين على مصادقة مجلس الدوما الروسي بالإجماع على الاتفاقية في الثامن من أبريل الجاري، ما يعني فتح المجال لتفعيل بنودها، والتي جرى التفاهم عليها بدايةً خلال زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العاصمة الروسية في منتصف يناير، وفق ما ذكرته وكالة "ريا نوفوستي" الروسية.
تضمنت الاتفاقية 47 بندًا مختلفًا، تناولت قطاعات استراتيجية تمس الأمن والدفاع، من دون أن تتضمن التزامات صريحة للدفاع المشترك، على عكس الاتفاق المبرم بين موسكو وبيونغ يانغ في صيف العام الماضي، مما يدل على نهج أكثر مرونة وتوازنًا في صياغة الأطر الأمنية بين الطرفين.
المادة الثالثة من الاتفاق تنص على التزام الطرفين بعدم تقديم أي نوع من المساعدة لأي جهة تعتدي على الطرف الآخر، مع اعتماد الطرق السلمية لحل النزاعات عبر الرجوع لميثاق الأمم المتحدة وأسس القانون الدولي، وهو ما يعكس رغبة البلدين في تثبيت أرضية قانونية للتعامل مع الأزمات المحتملة.
أما المادة الرابعة، فقد ركزت على التعاون في المجالات الأمنية والاستخباراتية، من خلال تبادل المعلومات والخبرات ورفع مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنية، بما يسهم في تحصين الأمن الداخلي لدى الطرفين ومواجهة التحديات ذات الطابع المشترك.
في الشق الاقتصادي، أولت الاتفاقية اهتمامًا خاصًا بتجاوز العقوبات المفروضة من قِبل أطراف خارجية، إذ نصت المواد 19 و20 على ضرورة توحيد المواقف ضد الإجراءات الأحادية، والتي تراها موسكو وطهران غير قانونية، مع التزام الطرفين بعدم دعم أو الانخراط في أي تحركات اقتصادية أو سياسية تستهدف أحدهما.
واتفق الجانبان أيضًا على بناء منظومة مالية مرنة ومستقلة عن الأنظمة الخاضعة لرقابة الدول الثالثة، كما شجّعا على توسيع استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية وتكثيف التعاون في القطاع المصرفي لتقليل الاعتماد على المؤسسات المالية الغربية.
وتُعد هذه الاتفاقية بمثابة الإطار البديل لاتفاق "أساسيات العلاقات ومبادئ التعاون" الذي تم التوقيع عليه عام 2001، والذي كان يتم تجديده تلقائيًا كل خمس سنوات، ما يشير إلى دخول العلاقات بين روسيا وإيران مرحلة أكثر تطورًا وشمولًا من أي وقت مضى.