عماد الدين حسين يكتب: كيف نواجه أردوغان في ليبيا؟
ما الذى ينبغى على مصر وبقية الدول العربية أن تفعله لمواجهة المغامرة الأردوغانية فى ليبيا، والمنطقة؟
هذا هو السؤال الذى كان محور النقاش بين مجموعة من الكتاب ورؤساء تحرير صحف مصرية، وسياسى عربى بارز، زار القاهرة مساء الأحد الماضى عرضت جانبا منه فى مقال الامس، والمعلومات التالية كلها فى اراء هذا السياسى.
مصر بمكانتها ودورها وتأثيرها، لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدى، وهى ترى أردوغان يحاول محاصرتها على طول 1200 كيلو متر هى حدودها الغربية، بعد أن نجح فى وضع قدم له فى غزة عبر حركة حماس، وحاول أن يفعل ذلك فى السودان، لولا الثورة التى أطاحت بعمر البشير.
على مصر أن تستخدم كل أوراقها لإفشال مغامرة أردوغان، بالتعاون مع الدول العربية الكبرى خصوصا الإمارات والسعودية.
لكن النقاش فى هذه النقطة تمحور حول طبيعة التدخل المصرى، وهو تتورط فى المستنقع الليبى، أم تترك أردوغان يغرق ويسقط فيه؟!
يقول السياسى العربى إنه من الخطأ البالغ الدخول فى عداوة مع الشعب التركى، ويجب التفريق بينه وبين أردوغان، بل هناك ضرورة للتواصل مع القوى السياسية التركية المعارضة. وحينما يتم التصدى لأردوغان وإفشاله، فإن ذلك سيشجع المعارضة التركية على التصدى له، خصوصا أنها بدأت تدرك خطورة توريط تركيا وجيشها فى مغامرات خارجية. لكن لو تمكن أردوعان من الهيمنة على ليبيا فسوف يستمر حكمه من دون أى معارضة تذكر.
وعلى مصر وبقية الدول العربية، زيادة التنسيق مع أوروبا خصوصا اليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا، وإفهامها أن نجاح مخطط أردوغان، يعنى أنه سيهدد أوروبا، فإذا كان يبتزها عبر ورقة المهاجرين السوريين من تركيا، فإنه سيضاعف ذلك، لثلاث أو أربع مرات عبر ليبيا.
هذا السياسى عاش فى ليبيا لسنوات، ويعرف طرابلس جديدا، ويدرك أن نصف سكانها على الأقل ضد الميليشيات، وبالتالى من المهم التواصل مع أعيان وقبائل القوى المعارضة هناك.
والنقطة المهمة هى دعم الجيش الوطنى الليبى، خصوصا أنه بقدراته الحالية غير قادر على حسم معركة طرابلس. هو يحاصر المدينة من الجنوب منذ أوائل إبريل الماضى، لكنه يحتاج، لأكثر من ضعفى قوته الحالية، لحسم المعركة، علما بأن الميليشيات أيضا غير قادرة على هزيمة الجيش الوطنى، إلا إذا تلقت دعما تركيا عسكريا مباشرا، بل وربما إنزال برى سواء بصورة مباشرة، أو عبر شحن عشرة آلاف من المرتزقة والإرهابيين خصوصا من سوريا والعراق.
هذا السياسى يرى ضرورة تكثيف الدعم الجوى لقوات الجيش الليبى، حتى يتم حسم جانب كبير من المعركة، لكن فى كل الأحوال يحتاج الجيش الليبى لمزيد من العتاد وتحطيم الطائرات المسيرة التركية أولا بأول، لكن بالأوضاع الحالية فإن الجانبين غير قادرين على حسم المعركة عسكريا.
يضيف أن التردد العربى فى مساعدة الجيش الليبى، قد يعطى أردوغان فرصة غير مسبوقة لإحكام قبضته على ليبيا. أردوغان لا يفهم إلا لغة القوة. هو يختبر العرب حاليا، وإذا شعر بترددهم، فسيمضى قدما فى إرسال قوات برية إلى ليبيا رغم خطورة وصعوبة ذلك. وبالتالى فهو يحتاج لتلقى رد حاسم وتطبيق مقولة: «اضرب الضعيف ضربة قوية ينخلع لها قلب القوى».
أحد الحاضرين سأل: وماذا عن الموقف الأمريكى.. ألن يكون معارضا لتدخل عربى حاسم؟!
السياسى العربى أجاب: هناك خرافة اسمها انتظار الضوء الأخضر الأمريكى. ثم إن هذا صميم أمننا القومى. وأمريكا لن تقوم بما يفترض أن نقوم به، هى مشغولة عنا وعن المنطقة باكملها، وتحاول الانسحاب منها، ثم إنها غير مكترثة كثيرا بليبيا، وموقفها من الأزمة مشجع جدا، فالرئيس ترامب تحادث مع حفتر لساعتين، ووزارة الخارجية الأمريكية، أصدرت بيانا مهما قبل أيام تعارض فيه مذكرة التفاهم بين أردوغان والسراج. هى فقط ربما تخشى وجود دور قوى وفاعل لروسيا فى ليبيا. وبالتالى على العرب حسم موقفهم ونصرة الجيش الليبى، حتى ينتهى الأمر، حتى لا نتفاجأ بأن أردوغان استولى على ليبيا بأكملها، ووقتها لن ينفع الندم.
هناك تقديرات أن الغرب لم يكن يعارض دخول القوات المصرية إلى ليبيا لحسم الأمور عقب مقتل القذافى مباشرة نهاية عام ٢٠١١، لكن يقال إن المجلس العسكرى تردد فى هذا الأمر، خوفا من الغرق فى المستنقع الليبى. والسؤال هل كان ذلك صوابا أم خطأ؟!. الإجابة صعبة. التردد فى مثل هذه الأمور خطر جدا حينما يحتاج الأمر إلى إقدام وجسارة، لكن فى المقابل التورط أكثر خطورة، ويمكن أن يكون فخا دوليا منصوبا لنا من قوى متعددة. وربما ذلك هو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى للقول فى منتدى شباب العالم الأخير بشرم الشيخ: «لن نتدخل فى ليبيا حتى لا نخسر الشعب الليبى».
نقلا عن الشروق