مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
السبت 23 نوفمبر 2024 03:09 مـ 22 جمادى أول 1446 هـ

د. أحـــمــــد الــخــمــيــســـــي: لـــــمــــــاذا نــــــكـــــتــــــب ؟

نحن نتنفس من دون حاجة إلى الوعي بأهمية التنفس أو دوره. نحن ببساطة نتنفس من دون التفكير في جدوى ذلك أو ضرورته أو منافعه. لكن الكتابة تسأل صاحبها باستمرار عن دوافعه إلى الكتابة وتستفسر منه دوما: لماذا تكتب؟ وما الذي تجنيه من وراء ذلك؟ وهل لهذا كله فائدة أي فائدة؟ إنها ليست التنفس. ومع أن السؤال قديم إلا أنه يمسك بخناق الكاتب من وقت لآخر. ولنتفق بداية على أن معظم الأدباء لا يجنون ربحا يذكر من أعمالهم، ومن ثم فإن الدافع للكتابة ليس المال، بل ولا حتى الشهرة، لأن أي راقصة أو ممثلة أو لاعب كرة أكثر شهرة بملايين المرات من معظم الأدباء مجتمعين، وقد لاحظ ذلك توفيق الحكيم حين قال:" انتقلنا من عصر القلم إلى عصر القدم". لماذا إذن نكتب؟. أتساءل لأنني أتوقف في لحظات وأفكر أن معظم الكتاب يشبهون إنسانا يقف في الخلاء وبيده مسدس يصوب منه ويطلق النار .. لكن بلا هدف أمامه، وتطيش طلقاته يمينا أو يسارا أو فوق أو تحت لكنها لا تصيب أحدا أو شيئا. نحن نطلق أعمالنا الأدبية، مقالاتنا، أبحاثنا في الهواء، ولا نلمس أي رد فعل. هل تركت أثرا في حجر أو بشر أو عقل أو روح؟ لا ندري، فلماذا نكتب إذن؟. ربما تكون الكاتبة الأمريكية جويس كارول أوتس على حق حين تقول إن:" الأدب كله والفن كله، ينبعان من أمل التواصل مع الآخرين". هل هي الرغبة في التواصل؟ أو التعارف الروحي كما قال ليف تولستوي؟. وسنجد أن كاتبا عظيما مثل نجيب محفوظ لم يستطع أن يجيب عن ذلك السؤال بدقة، واكتفى بالقول بأن أسباب ذلك النشاط غامضة حين قال:" الكتابة مثل أي نشاط يقوم به الإنسان وربما كانت أسباب هذا النشاط غامضة، مثل اللعب أو الرحلات أو الفن أو الكتابة الإبداعية". ويؤكد الروائي السوداني الشهير الطيب صالح غموض دوافع الكتابة حين يصرح بقوله:" أجدني ميالاً إلى القول إني لا أعرف بالضبط لماذا أكتب"! وعندما يفسر جابريل جارسيا ماركيز الكتابة بقوله : " أكتب لكي يحبني أصدقائي أكثر" فلا ينبغي أخذ ذلك إلا من باب الطرافة والمودة التي يحملها ماركيز للعالم. البعض وهم قلة، مثل مكسيم جوركي، وأرسكين كالدويل، وجاك لندن، ربطوا دوافع الكتابة بالرغبة في تغيير الواقع الاجتماعي، ويجسد تلك الرؤية جورج أمادو الروائي البرازيلي الشهير بقوله: " أكتب لأؤثر فى الناس، هكذا أساهم فى تغيير واقع بلادى بخلق رؤية لحياة أفضل لدى الشعب الذى يعانى". أما ايزابيل اللندي فإنها تفسر الأمر بشكل مختلف تماما: " الكتابة دائما ما تعطي لفوضى الحياة شكلا من النظام". نعم، الفن يكثف الحياة ويستخرج منها القوانين ويسبكها في نظام معين، والدوافع وراء ممارسة الفن كثيرة، وكل منها صحيح بمفرده، لكن ما من إجابة وافية شاملة تشفي الغليل: لماذا نكتب؟. هناك في ذلك المجال ما قاله الروائي العظيم جوزيف كونراد، وأظن أنه وضع يده على سبب أبعد وأعمق للكتابة، فقد فسر الأمر على النحو التالي : " اكتب لكي أحارب فكرة الموت الذي نولد ونحن نعرف انه ينتظرنا في نهاية الطريق أو في أي لحظة، إننا كالسجناء المحكومين بالإعدام الذين ينتظرون لحظة تنفيذ الحكم بهم، بينما تؤجل الكتابة لحظة الاعدام". إن الانسان المحكوم بفترة قصيرة من الحياة يحاول أن يطيل أمد وجوده، وتأثيره، ولما كان ذلك مستحيلا من الناحية العضوية فإنه يجتهد لتمتد حياته معنويا وفكريا وروحيا عن طريق الأدب والفن، ويسعى بكل طاقته ليهزم الموت، ويتجاوزه، وحينما يختطف الموت بدن الانسان تظل روحه حية بشكل موجز في صندوق صغير يسمونه كتابا، أو سيمفونية، أو فيلم، أو لوحة. ويكفي أن تفتح الآن رواية لعبد القادر المازني وسترى روحه حية أمامك، ويكفي أن تستمع للسيمفونية الخامسة لبيتهوفن لتسمع كل انفعالاته التي لم تخمد منذ أن كتب عمله إلى الآن. لم يخترع الانسان بعد شيئا أقوى من الفن والكتابة لمواصلة الحياة، ذلك أحد أقوى أسباب العمل الابداعي. نحن نكتب لأننا ننشد المزيد من الحياة، وإن كان ذلك التفسير الأخير لا ينفي صحة الاجتهادات السابقة الأخرى في الرد على السؤال : لماذا نكتب؟

د. احمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري