مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
السبت 23 نوفمبر 2024 03:29 مـ 22 جمادى أول 1446 هـ

د. أحمد الخميسي يكتب: لمن يلومون فيروز.. زهقنا منكم

زار الرئيس الفرنسي ماكرون الفنانة الكبيرة فيروز في بيتها بمنطقة الرابية شمال بيروت مساء الاثنين 31 أغسطس ومنحها وسام جوقة الشرف وهو أعلى تكريم رسمي في فرنسا. ولم تكف منذ ذلك الحين حملات التوبيخ والتأنيب واللوم على فيروز لأنها استقبلت الرئيس الاستعماري الامبريالي وقدمت له القهوة وقبلت منه الوسام بدلا من أن تصفعه وتطرده وتلاحقه على سلم البيت وتتعقبه في الشارع وهي تدق على الطبلة: "مع السلامة يا أبو عمه مايلة"! ا الاعتراضات الأشد سخافة كانت للأسف من منطلق الوطنية والقول بأن: " فيروز فضلت لقاء المحتل على لقاء محبيها من المعجبين"، وأنه كان عليها:"رفض الزيارة لأن ماكرون رمز لقوة استعمارية احتلت الجزائر ولبنان"، وأخيرا الحديث عن " دور الفنان الملتزم وتخلي فيروز عن دورها". معظم هذه الانتقادات الحادة جاءت من طرف شخصيات وطنية لا يرقى الشك إلي تاريخها لكن يرقى الشك إلى مدى فهمها الصحيح للأمور. ذلك أن أحدا لم يسمع من قبل عن أن فنانا أو سياسيا رفض استقبال رئيس جمهورية أو حتى وزير أو مجرد مبعوث دولة، لأن القاعدة هي أننا نلتقي بالسياسيين وقد نحاورهم أو نتفاوض معهم والمهم في النهاية ألا نفرط خلال اللقاء في شيء جوهري من مبادئنا أو مصالحنا. وقد التقى عبد الناصر بإيدن رئيس وزراء بريطانيا التي كانت تحتل مصر، ولم يتنازل في اللقاء عن ذرة من كرامته أوحقوق وطنه، والأمثلة كثيرة. وبالطبع فإن جارة القمر لم تمنح ماكرون كلمة تأييد أو تشجيع واحدة لأطماعه أوخططه للهيمنة على لبنان، فقط استقبلته وتلقت الوسام وشكرته، ولم تكن تلك هي المرة الأولى، فقد سبق أن منحها الرئيس الفرنسي ميتران وسام الفنون عام 1988 ، ومنحها الرئيس جاك شيراك وسام الشرف عام 1998.

وليس أسهل من أن يقوم البعض بإدانة فيروز، وتحميل الفنان، فيروز أو غيرها، مسئوليات ودور ومهام الحزب السياسي، والقادة الثوريين، فيوبخونه قائلين: لماذا لم تقم بالشيء الفلاني؟ ولماذا فعلت كذا ولم تفعل كذا؟. لكن الفنان ليس حزبا، ولا منظمة سياسية، واختصاص فيروز الأول والأخير هو الغناء، وفي مجال اختصاصها أبدعت فيروز وطورت الأغنية العربية وأسعدت الملايين بفنها، وفي ذلك كله يكمن عملها الثوري، لكنها ليست مطالبة بأن تكون قنبلة سياسية تنفجر في وجوه الرؤوساء. أما الذين قرعوها فإنهم لم يحاسبوا أنفسهم عن فشلهم في تنظيم مظاهرة شعبية حاشدة في لبنان لرفض زيارة ماكرون، لكنهم حاسبوها هي، ولم يحاسبوا أنفسهم عن أسباب عزلتهم عن الجماهير، وفشلهم في العثور على ما يخرج بهم من انفصالهم عن الشارع، لكنهم يطلبون من فيروز أن تطرد الرئيس تعويضا عن فشلهم، وأن تتصدر هي المقاومة تعويضا عن اخفاقهم في المقاومة. الفن اختصاص فيروز، والسياسة اختصاص آخر، لم ينجح أصحابه في تحريك حركة شعبية لتطوير الوعي، وبدلا من النظر إلى الخشبة التي في أعينهم ينظرون إلى قشة في عين فنان، وينحصر نشاطهم الثوري في تخطئة هذا الموقف أو ذاك، في وضع علامة صح وعلامة خطأ على فنان أو آخر، بينما لا أثر لهم ولا وجود ملموس في المجتمع، إنهم يضعون على عاتق الفنانين كل المهام التي فشلوا في القيام بها. ولو أن فيروز قامت بالرد على لائميها لذكرتهم على الأغلب بالمثل الشعبي اللبناني القائل:" ألف زلغوطة ما جوزت عريس"، أي أن الف زغرودة لا تحول رجلا أعزب إلى متزوج، أي أن كثرة الكلام والسفسطة لا تغير شيئا في الواقع، وفارق بين أن تكون مهمتك أن تضع ساقا على ساق وتزعق " هذا سليم ، هذا غلط " وبين أن تثبت أن لك في الواقع الاجتماعي والسياسي وجودا بين الناس، لأن العمل السياسي اختراع الطرق الصحيحة لحشد الجماهير والارتقاء بوعيها. إلا أن البعض يفترض أن مهمته الأولى هي التوبيخ والتقريع، لكنك أحدا لا يصبح قديسا من أخطاء الآخرين. زهقنا جدا من الشقشقة الفارغة، ومن آلاف الزغاليط التي لا تغير شيئا. غيروا الواقع أو أظهروا لنا أنكم تحاولون ذلك على الأقل، وحينئذ ستلهمون الفنانين والعلماء والمثقفين الوقوف إلى جواركم ، لكن من المزعج أن يقتصر العمل على العجز مقترنا بتوبيخ الآخرين وإبداء الأستاذية الفارغة. زهقتونا جامد.

د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري