مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
السبت 23 نوفمبر 2024 03:04 مـ 22 جمادى أول 1446 هـ

د.أحمد الخميسي يكتب: صـيـد الأخـطـاء والنـواقـص

يحيا البعض على اصطياد أوجه النقص في كل ما يرونه، ولا يشتعل حماسهم وحرارة قلوبهم إلا من أخطاء وهفوات الغير، وهم لا يلاحظون سوى الشوك عندما يرون وردة، والغلطة عندما يتناولون الآخرين، وبينما يمثل سعد زغلول قيمة وطنية تاريخية فإنهم لا يشيرون إلى شيء من كفاحه ويتوقفون فقط عند أنه " مقامر"، وقد سجل زغلول نفسه ذلك في مذكراته وقال إنه كان يخسر الكثير على ترابيزة القمار في النادي، وكان يحاول الاقلاع عن تلك العادة لكنه لم يستطع. ومع ذلك فليست تلك النقيصة هي تاريخ سعد زغلول، ولا هي التي سجلت اسمه في دفتر الوطن. وأولئك لا يرون في محمد عبد الوهاب الموسيقار العظيم سوى أنه " لص" سرق لحنا من فيردي، وهم يتركون جانبا عبقرية عبد الوهاب وتاريخه المبدع ، ويفتشون فقط عن أي عيب أو غلطة. بعضهم ينحون جانبا كل جمال صوت عبد الحليم حافظ وأثره الضخم ويظلون يكررون أنه " حارب هاني شاكر"، ولا يجدون في الفنان العظيم سوى قصة تافهة أثبت الزمن سخافتها لأن هاني شاكر مازال - بعد رحيل عبد الحليم بزمن - يرواح مكانه. ومؤخرا كتبت صحفية تحت عنوان كبير: " بعد مرور 54 عاما .. خطأ لم يلاحظه أحد لسعاد حسني في فيلم صغيرة على الحب" ! لكن الزميلة لاحظت الخطأ رغم انقضاء نصف قرن عليه! وتقول في ذلك إن فيلم صغيرة على الحب الذي عرض عام 1966 من أهم الأفلام، إلا أنه تضمن بعض الأخطاء، وتحدد الخطأ : " في أحد المشاهد تظهر سعاد حسني في اللقطة الأولى وهي مبتلة تماما بالمياه خارج المنزل بعد أن رمى عليها نور الدمرداش المياه ولكن بعد دخولها إلى المنزل مباشرة نفاجأ بأن ملابسها أصبحت مجففة!". ولو جاءت تلك الملاحظة في معرض نقد فني للفيلم لكان الأمر مفهوما، لكن أن نكتب فقط لنشير إلى أننا أمسكنا غلطة! وهذه النفسية تخترع الأخطاء والهفوات عندما لا تجدها، مثل ادعاء الممثل رضا حامد ( أول مرة أسمع اسمه) في تصريح لجريدة الوطن أن عادل إمام استغنى عن رضا حامد وأعفاه من دور في مسرحية، وحسب ادعاءات رضا فقد فسر عادل قرار الاستغناء بقوله: " مش عاوز حد يضحك أكثر مني"! طيب عادل طردك وأنت ماذا قدمت من ساعتها؟ ألا تشبه هذه القصة حكاية هاني شاكر؟. النفسية التي تتسقط الأخطاء وتفتش عنها بلهفة وسعادة هي التي تترك جانبا كل عبقرية بيرم التونسي وتظل تكرر أنه كتب قصيدة للملك يستعطفه ليرجع بها من منفاه. وبهذه النفسية كرر البعض من دون كلل أن نجيب محفوظ نال نوبل مكافأة له عن موقفه من كامب ديفيد، وتركوا كل عبقرية الأديب الذي لا يتكرر، وتشبثوا بقصة سخيفة، لأن محفوظ تاريخيا مع حسين فوزي ومع جيل الرواد الأوائل كان يرى أن على مصر ألا تشغل نفسها بقضايا عربية، وأن تتفرغ لبناء نفسها كما فعلت اليابان، لكنه لم يتاجر بهذا الموقف ولم يتكسب منه. إن التربص بالآخرين، وتسقط الأخطاء بفرح، والعمى عن كل شيء طيب، يجسد في اعتقادي نفسية معينة أكثر مما يجسد فكرة، لكن تلك النفسية قريبة الصلة من الفكرة التي لا ترى في الحياة سوى الموت. وقد حدث ذات يوم أن دب خلاف بين الأديبين الروسيين العملاقين أنطون تشيخوف وليف تولستوي حين قال تولستوي إن كل ما يحتاجه المرء من العالم هو مترين في الأرض عند الدفن، فقد كان تولستوي يعتقد أن الموت هو الأمر الرئيسي في رحلة الانسان، ولهذا لم يكن يرى سوى الخاتمة. أما تشيخوف الذي كان يعشق الحياة ويقدس الطبيعة والموهبة فقد أجاب أن الجثة فقط هي التي تحتاج إلى مترين من الأرض أما الإنسان فلا يسعه الكون بأكمله. ونحن هنا إزاء نظرتين مختلفتين كليا للحياة، نظرة تعتبر الحياة مجرد جسر إلى الموت، ونظرة أخرى تجد الحياة هبة لا تتكرر جديرة بأن تعاش بالطول والعرض. هناك أيضا النظرة التي لا ترى سوى الخراب، والنواقص، والعيوب، والمثالب، والنظرة التي ترى كل شيء في سياقه، ملتحما، ومتداخلا، وتتوقف بأمل عند كل مايدفع الحياة إلى الأمام.