كرم جبر يكتب: سيناء.. كيف كانت وأصبحت ؟
مطاردة أسد فى الصحراء أسهل بكثير من الجرى وراء فأر يختبئ فى الجحور، وحروب الجبهات المكشوفة أكثر حسماً من مواجهات العصابات الإرهابية، وإذا حسبنا النتائج فقد حقق الجيش والشرطة نصراً كبيراً فى الحرب ضد الإرهاب.
كنا منذ سنوات نخاف على سيناء ويحلو للمشككين أن يزعموا أنها فى قبضة الجماعات الإرهابية، وكانت عملياتهم الإجرامية لا تنقطع يوماً بعد يوم، بجانب محاولات تشتيت الانتباه بعمليات عشوائية فى القاهرة وبعض المدن.
الآن سيناء تحت السيطرة التامة لقوات الجيش والشرطة، وجرى تطهيرها شبرا شبرا، فوق الأرض وتحت الأرض، وتحولت العمليات الإرهابية إلى محاولات انتحارية، لا ينجو منها إرهابى واحد. وإذا علمنا كم كان مخططاً لسيناء لرفعنا أيدينا لله حمداً وشكراً لفضله وتوفيقه فى إنقاذ هذا الجزء الغالى من أرض مصر.
كان مخططاً لسيناء أن تكون وطنا للإرهابيين من كل بقاع الأرض، وكان عام حكم الإخوان هو إشارة البدء، لجلب الأسلحة والأفراد من مختلف البلدان، بجانب الدعم اللوجيستى الكبير من أجهزة المخابرات القطرية والتركية، استغلالاً لحالة الفوضى العارمة فى الشارع المصرى بعد 25 يناير.
وتحت «مظلة عدم الاستقرار» ترعرعت أحلام الإخوان فى إعلان الخلافة، مقابل التنازل عن سيناء، واستراحت إسرائيل لهذا الطرح لتطرد سكان غزة إلى سيناء وتتخلص من مطالب إعلان قيام الدولة الفلسطينية إلى الأبد، وتحل المشكلة على حساب مصر، وتضع الإرهابيين تحت هيمنتها، لثقتها أنهم لن يطلقوا رصاصة واحدة تجاههم. ودخلت سيناء فى دائرة أطماع تركيا، وتصور أردوغان أنه يمكن أن يلعب دور حامى حمى الغرب من الإرهاب، إذ استطاع أن يجمع الإرهابيين فى منطقة واحدة، بجانب كراهيته الشديدة لمصر، وأحلام العودة إلى الإمبراطورية العثمانية. وتدفقت على سيناء كميات هائلة من الأسلحة القادمة من دول الجوار، استغلالاً لانفلات الوضع الأمني، وضياع هيبة الدولة المصرية تحت حكم الإخوان.
وكانت العمليات الإرهابية فى سيناء حروباً حقيقية، يستخدم فيها الإرهابيون أسلحة ومدافع وصواريخ وسيارات دفع رباعي، وكأنهم جيوش مسلحة على أحدث النظم.
ولكن منذ 2014 بدأت المواجهة الحقيقية، وانعقدت إرادة الدولة على تطهير كل شبر، وكانت حرباً طويلة وأصعب بكثير من الحروب ضد إسرائيل، فالإرهابيون ليسوا جيوشاً نظامية، وإنما فئران جبلية شرسة، تضرب وتختبئ تحت الأرض.
الآن سيناء ليست سيناء التى كانت منذ ست سنوات.
سيناء التى افتتح فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس الأول جامعة الملك سلمان ومشروعات كبرى ومناطق حضارية.. ليست سيناء التى كانت تحت سيطرة الإرهابيين.
تحولت سيناء من الشر إلى الخير، وامتدت إليها يد البناء والتعمير، لتحل محل كهوف الظلام، وعلى أرضها واحدة من أكبر الجامعات الحديثة فى العالم، وكنا جميعاً سعداء ونحن نرى شباباً من كل دول العالم يدرسون فى مبانيها الرائعة، ليحلوا محل وجوه قذرة جاءت من مستنقعات الدم والنار لاحتلال قطعة غالية من قلب مصر. كان مخططاً لسيناء أن تكون بؤرة الشر والأشرار، لكننا رأيناها أرض الخير والحياة.
نقلا عن اخبار اليوم