كرم جبر يكتب: «ساكن البيت الأبيض» !
لا أنسى منظر علب الكاكاو وأكياس الدقيق التى كنت أشاهدها فى المدرسة فى أوائل الستينيات، وعليها يدان متصافحتان وسنابل القمح، يد عليها علم مصر والأخرى علم الولايات المتحدة.
كانت بداية للصداقة مع الرئيس جمال عبد الناصر، ثم انقلبت الصداقة إلى عداء، وتحولت سنابل القمح إلى مدافع وصواريخ ضربت سيناء فى حرب 1967، وظلت حالة العداء مستمرة، إلى أن حكم مصر الرئيس أنور السادات .
كان شعار الفترة الناصرية ملخص أغنية لعبد الحليم حافظ «ومفيش مكان للأمريكان بين الديار»، وكان فحوى الحقبة الساداتية «99% من أوراق السلام فى يد الولايات المتحدة».
وتأرجحت العلاقات المصرية ـ الأمريكية طوال السنوات السابقة ما بين «السنبلة والقنبلة» وبينهما.
أحسن فترات العلاقات المصرية ـ الأمريكية، عندما يأتى للبيت الأبيض رئيس يحترم الشأن المصري، ولا يدس أنفه فى كل صغيرة وكبيرة، ويؤمن بأن خيارات ـ المصريين فى يد المصريين، وليست مشفوعة برضا أمريكا.
ترامب كان حريصاً على ألا يدس أنفه فى الشأن الداخلي، وأصلح كثيراً مما أفسده بوش الابن وأوباما وكونداليزا وهيلاري، الذين يعتبرهم المصريون من أشد من أساءوا للعلاقات المصرية الأمريكية.
الخلاصة: مصر لا يهمها من يسكن البيت الأبيض بقدر ما يعنيها الحوار والتفاهم واحترام الكرامة الوطنية، وعدم المساس بالشأن الداخلي.
فأفضل فترات العلاقات كانت فى مد جسور التفاهم والتعاون والصداقة، فأمريكا تحتاج مصر ومصر تحتاج أمريكا.
أمريكا تحتاج مصر لأنها حجر زاوية السلام فى المنطقة، وبوابة الاستقرار، والشريك الاستراتيجى القادر على حماية المنطقة من السقوط والفوضى، والقوة الضاربة التى تخوض حربا لا هوادة فيها ضد الإرهاب.
أمريكا كادت أن تسقط تحت ضربات الإرهاب فى أحداث 11 سبتمبر، وربما استوعبت بعد ذلك استراتيجية مصر الثابتة بأن الإرهاب يستهدف الإنسانية كلها، ولا وطن له ولا دين ولا جنسية ،عكس ما كانت تعتقده أمريكا.
وأسوأ فترات العلاقات المصرية ـ الأمريكية، حين تصور حكام «الفوضى الخلاقة»، أن ربيعهم يمكن أن يأتى لدول وشعوب المنطقة بالديمقراطية، فانقلبت «جنة» ديمقراطيتهم إلى «جهنم»، وتركوا المنطقة فى أتون حروب دينية تأتى على الأخضر واليابس.
لم تعد مصر قبل 25 يناير هى ما بعدها، اختلفت الأمور، وسقطت نظريات ومفاهيم، وحلت «أوراقا جديدة» على أرض الواقع.
أهمها: لم تسقط مصر فى دوامة «الجحيم العربي»، لأن إرادة شعبها تغلبت على الفتن والمؤامرات، ولا ينبغى أبدا الاقتراب من هذا الرصيد الذهبى.
وأهمها: مرحباً بالتعاون مع حاكم أمريكا الجديد، إذا رفع شعار احترام الكرامة الوطنية المصرية.
نقلا عن اخبار اليوم.