مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
السبت 23 نوفمبر 2024 03:35 مـ 22 جمادى أول 1446 هـ

أحــمــد الــخــمــيــســي يكتب: روبـــــــرت فـــــــيــــــســــــك .. وداعــــــا

يعز علي أن يرحل الأصدقاء من دون وداع وأن يتوارى ذكرهم في ضجيج الأحداث السياسية، كما حدث حين ابتلع اشتعال الانتخابات الأمريكية نبأ رحيل روبرت فيسك في العاصمة الإيرلندية دبلن الأول من نوفمبر عن 74 عاما. كان فيسك قد أصيب بجلطة في المخ نقل على إثرها إلى المستشفى حيث بقي يومين عاد بعدهما إلى بيته لكنه فارق الحياة، إلا أن رحيل الصحفي البريطاني الشهير توارى مثل نغمة عذبة غطى عليها قرع الطبول. وقد عرف فيسك بأنه أشهر من ناصر القضايا العربية وبخاصة القضية الفلسطينية ودافع من دون كلل عن الحق الفلسطيني في مختلف الصحف البريطانية وغيرها. كان فيسك شاهدا على أبرز الحروب العربية خلال الأربعين سنة الماضية، وقام بتغطية الحرب الأهلية اللبنانية، ورصد مذبحة صابرا وشاتيلا، والثورة الايرانية، والحرب العراقية الايرانية، وحرب الخليج الأولى، وغزو العراق في 2003، ومذبحة غزة في 2009 حتى ثورة يناير 2011 في مصر. وكان فيسك أول من كشف عن دور شمعون بيريز في مذبحة قانا بجنوب لبنان وأول من نشر صورا مرعبة من المجزرة ، ثم أصدر كتابه " ويلات وطن " عن معاناة اللبنانيين. وفي كل ذلك وقف فيسك معارضا لسياسات الاستعمار الغربي الأمريكي والبريطاني، وله في ذلك كتاب بعنوان: " الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة. السيطرة على الشرق الأوسط". وحين شاهد فيسك اسرائيل تغزو غزة بالدبابات والطائرات الأمريكية كتب يقول: " أستطيع أن أفهم بوضوح لماذا يكره العالم أمريكا". وكان فيسك في موقفه المناصر للحق الفلسطيني امتدادا لموقف سلفه الكاتب العظيم برنارد شو الذي ندد بمذبحة دنشواى وبسياسة بلده بريطانيا حين وقعت المذبحة في 13 يونيو 1906، وكتب شو في حينه مقاله " فظائع دنشواي" وقال فيه : " حاول أن تتخيل مشاعر قرية انجليزية يظهر فيها فجأة عدد من الضباط الصينيين ليصطادوا البط والدجاج ثم حملوا ما صادوه مؤكدين أنها طيور برية!" ويمضى الكاتب العظيم فيسخر من الاحتلال البريطاني متوقعا زوال الإمبراطورية البريطانية. وفي مقال له في صحيفة الاندبندنت تحت عنوان : " ماذا لو قتل800 فلسطينيا في عملية غزة؟ " يقارن فيسك بين الاهتمام الاعلامي الدولي بأي اسرائيلي مصاب مقابل تجاهل ذلك الاعلام لمئات الشهداء الفلسطينيين، ويقول:" لو كان الموقف معكوسا وكان الذين قتلوا 800 اسرائيلي لكان الغرب سيسمي ما حدث مذبحة وليس دفاعا عن النفس.. بل ولكانت الولايات المتحدة قد تدخلت لدعم اسرائيل عسكريا، بيد أن الحقيقة التي لا يعترف بها أحد هي أن العالم لا يعبأ بموت الفلسطينيين"، ودعا في نفس المقال إلى " انهاء الحصانة التي تتمتع بها إسرائيل". وموقف روبرت فيسك الانساني، امتداد ليس فقط لأسلافه من الكتاب البريطانيين الأحرار، بل وامتداد لاخرين مثل " جان فانتيمو" الفيلسوف الايطالي الذي اتهم اسرائيل في أغسطس 2014 بالنازية خلال حوار مع إذاعة " راي" الايطالية وقال : " إن جرائم إسرائيل في غزة تفوق ما ارتكبه هتلر في حروبه ضد البشرية"، وما عبر عنه فيسك بثبات وضمير حي على مدى أربعين عاما وثيق الصلة بالضمير الانساني الذي يتسع لأسماء أخرى مثل الكاتب البرتغالي الكبير جوزيه ساراماجو الذي زار مخيم جنين بعد المجزرة وأعلن صراحة: " لقد ارتكب الجيش الاسرائيلي أشياء تتسم بصفات جرائم هتلر النازي في معسكر أوشفيتس"، ولا ننسى هنا بيان الروائي العظيم جابريل جارسيا ماركيز " ليل الضمير البشري" الذي قال فيه : " إنني أعلن هنا اعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني على الرغم من انكار القوى الأعظم والمثقفين الجبناء لوجود ذلك الشعب". وقد عاش فيسك مثل نجمة لامعة في سماء الضمير الانساني مع الآخرين العظماء، وكل مقال كتبه روبرت فيسك كان طلقة في وجه الكذب، وفي وجه السيطرة الاعلامية للدول الكبرى، وانفرادها بنشر الأكاذيب. وداعا لكاتب مقاتل كان بوسعه أن يستريح لكنه فضل أن يخوض المعركة.