أكرم القصاص يكتب: سيناريوهات «كحيت ومنص» لأمريكا ومستقبل الكرة الأرضية!
صديقى المصرى الأمريكى صوّت لبايدن مبكرا وعاد فى إجازة، وشرح لى كيف أنه يرى ترامب فشل فشلا ذريعا فى مواجهة أزمة فيروس كورونا، وقال لى إنه يتوقع سقوط ترامب بالرغم من بعض ميزات سياساته الاقتصادية، وبعد الانتخابات أراد التعبير مبكرا عن فرحته بفوز جو بايدن، فصرخ على فيسبوكه «مبروك لأحرار العالم تسقط العنصرية والصهيونية».
صديقى رجل نزيه وابن بلد مارس السياسة فى مصر وخارجها وترشح فى انتخابات برلمانية عن المصريين بالخارج، ويفخر بجنسيته المصرية والأمريكية، بما يعنى أنه يمتلك خلفية سياسية وليس ساذجا، ويعرف طبعا أن إسرائيل من ثوابت الديمقراطيين والجمهوريين، ومع هذا فقد هتف بكل عزمه، مع أنه أخبرنى أنه اختار بايدن بسبب فشل ترامب فى مواجهة فيروس كورونا، وفى كل الأحوال هو أمريكانى ومن حقه أن يدلى برأيه تحليلا وتصويتا.
وفى تحليلاته لا يختلف كثيرا عن بعض من نراهم وقد تحولوا إلى محللين وخبراء فى الشأن الأمريكى لمجرد بقائهم لأسابيع فى الولايات المتحدة، وانخرطوا وما زالوا فى رسم سيناريوهات المستقبل قبل أن تنتهى الانتخابات التى تحظى بنسبة متابعة هائلة على مستوى العالم.
لم أجد فروقا تذكر بين سياسى بسابق خبرة سياسية بعض الوقت، وأستاذ علوم سياسية أبدى انبهاره من اتصال باراك أوباما الرئيس الأسبق بمواطن أمريكى ليحثه على التصويت للديمقراطيين فى الانتخابات الأخيرة، واعتبر هذا من مظاهر التباهى مع علمه أن المرشحين فى أى انتخابات «يبوسون الناخب من بقه».
وهذا لا يمنع أن التجربة الأمريكية تحمل الكثير من عناصر التشويق، لذاتها وتعقيدها وتأثير الولايات المتحدة فى سياسات العالم شرقا وغربا، وأيضا لحجم الخيال الذى تثيره أفلام هوليوود حول القيم الأمريكية، وأتذكر أن عددا من كبار الخبراء السياسيين انخرطوا يوما فى تأييد الغزو الأمريكى للعراق، وجورج دبليو بوش، وبشروا بالرخاء والسعادة بعد إزالة صدام حسين والعراق، يومها كان هؤلاء الخبراء الاستراتيجيون يرافقون الكاتب الأمريكى «توماس فريدمان» وهو يبشر الشرق الأوسط بـ«السيارة الليكزس وغصن الزيتون» على أنقاض الطغيان، ثم بشروا بمجىء باراك أوباما لرئاسة أمريكا، وكيف أنه يحمل للعالم نوعا جديدا من القيم الأمريكية، وكان « داعش» أهم ما أنتجته سياسات باراك أوباما على أنقاض بقايا ممالك.
وبصرف النظر عن مبشرى العصور، فقد شارك الجمهوريون والديمقراطيون فى مرحلتين متتاليتين 16 عاما فى مساندة إسرائيل، بينما انخرط العرب فى تخريب حياتهم انتظارا لمُخَلِص، وما زال هناك من ينتظر سيناريوهات طيبة أو شريرة على طريقة استديوهات التحليل الرياضى.
الانتخابات الأمريكية مثل كرة القدم، مجال يحق لكل واحد على الكوكب أن يدلى برأيه فيه، ولهذا فإن عدد محللى السياسات الأمريكية أضعاف عدد سكان الاستديوهات التحليلية، ولا يختلفون كثيرا عنهم، وقبل 4 سنوات كتبت عن «كحيت ومنص» فى الانتخابات الأمريكية، شخصيات ابتكرها الساخر العظيم أحمد رجب، «كحيت» فقير ليس له عمل، ولكنه مدعٍ، يصادق المليونير «عزيز بيه الأليت»، ويجلس كحيت بملابسه المقطعة وفى يده سيجار أخذه من عزيز بيه، وأمامه زوجته أمام طشت الغسيل وابنه «منص» دون بنطلون، كحيت يفتى لامرأته فى شؤون العالم، بناء على أفكار وهواجس «عزيز بيه الأليت» مع السيجار وارتفاع أسعار الكافيار ولا يهتم بمصالح أسرته مثلما ينشغل بأسعار الذهب والنفط البورصات العالمية، ونقص السيمون فيميه، أو تراجع تجارة البن فى العالم، وكيفية إصلاح منظومة التجارة الدولية. وها هم يرسمون أعمق سيناريوهات مستقبل الكرة الأرضية قبل نهاية الانتخابات الأمريكية.
ومن فكاهية المفارقة أن الفنان الراحل «حسن كامى» قام بدور عزيز بيه الأليت، وهو يشبه بشكل حاد «دونالد ترامب»، والذى كان رئيسا من خارج الصندوق، يصعب توقعه، فهو الأكثر إثارة وتصادما وإطاحة بمساعديه، فضلا عن صراحته فيما يتعلق بانتهازية السياسات الأمريكية، كان يقول علنا ما يفعله كل رئيس أمريكى من دون إعلان.
وها نحن أمام «كحيت» الجمهورى، وزميله الديمقراطى، ينخرطان فى عراك «فيسبوكى تويترى» حول الانتخابات، ويرسم كل منهما بعين خبير، وقلب ناشط، سيناريوهات المستقبل، لا فرق كبيرا بين ناشط درس وتعلم فى صفوف العلوم السياسية، وآخر بالكاد يمتلك عدة حسابات على مواقع التواصل، التى تساوى بين «خبراء كل حاجة» وزملائهم فى «الولا حاجة»، وكلاهما يتحصن بحساب فيس بوك يمنحه عمقا ويقينا، مثلما فعل صديقى هاتفا مرة جمهورى وأخرى ديمقراطى، ناسيا ما سبق وأعلنه على صفحته بالفيس بوك.
نقلا عن اليوم السابع.