أحمد عبد الرحمن يكتب: الطماطم والخِيَار
رغم أن وسائل الرفاهية في حياة البشر أصبحت متعددة ومتنوعة بشكل لم يكن متوفر عن ذى قبل إلا أن تعقيدات تلك الوسائل جعلت منها وسائل عذاب وليست وسائل رفاهية ..
فى أوائل القرن الماضى كانت الأسرة المصرية تجتمع فى جلسات للإستماع إلى جهاز الراديو لمعرفة الأخبار وسماع الأغانى وخلال الستينيات والسبعينيات كانت الأسرة التى تمتلك جهاز تلفزيون يعتبروها من الطبقة الراقية ونفس الحكاية مع التليفونات والسيارات والمراوح الكهربائية والتكييفات ..
كانت الحياه بسيطه وفيها ترابط عجيب وكانت طموحات الفرد محدودة وكان لما يسرح بخياله يوصل إلى آخر الطموحات وهو إنه يقضى يوم ولا إتنين على شواطىء راس البر أو جمصه ولما كانت الطموحات دى تبقى متطرفه قوى توصله لشاطىء سيدي بشر او ميامى فى الأسكندريه ..
الفرد المصرى فى حقبة الثمانينيات من القرن الماضى وحتى الآن إختلفت طموحاته 180 درجه بعد ماكان بيحلم براس البر بقى بيفكر فى مارينا وهايسيندا وشرم الشيخ ، وبعد ماكانت الأسره بتجتمع يوميا أمام مسلسل الساعه السابعه أصبح كل فرد من أفراد هذه الأسره يمتلك جهازه الخاص وبيشوف إللي على مزاجه براحته ، ده غير إن أجهزة الكمبيوتر والتليفونات المحموله جعلت أفراد الأسره الواحده يعيشون فى جزر منعزله ولايكادون يجتمعون إلا فى الشديد القوى .
أصبحت الرفاهيه وسيله للتنافر والتفريق وزيادة الفجوه بين أفراد المجتمع ، حتى إجتماعات الأسرة حول مائدة أو طبلية الطعام أصبحت نادرة بسبب الوجبات السريعة و الجاهزه ، والنتيجه أسره مفككه تفتقد إلى حكمة ووجود الأب وحنان الأم ووجباتها الساخنه .
نفسنا نرجع نتلم تانى زى زمان ونعلم أولادنا معنى الأسره المترابطه المتعاونه ، نحن فى حاجة إلى وطن ناجح وهذا النجاح لن يتحقق بالأحلام بل يجب أن نعمل لكى يتحقق هذا النجاح ، محتاجين الأبواق الإعلاميه والحزبيه والسياسيه في الداخل والخارج و التى تنادى كل يوم بالفشل أن تتقى الله فى هذا الوطن وأن تحول مصالحها الشخصيه إلى المصلحة العامه ، محتاجين لما نشوف حاجة حلوة وناجحة نفتخر بها ونشجعها ، محتاجين نرسم صوره جميله للمستقبل ليست صوره مشوهه تعتمد على الكذب والتزوير الذي يتعمد الكثير أن يمارسوه.
من الآخر محتاجين حافز علشان ننجح ، وعن نفسى كنت زمان لما أقرر أذاكر بذمة وضمير علشان أنجح طبعا ، كانت أمى رحمة الله عليها لكى تكافئنى على إجتهادى كانت تقدم لى سندوتشات الجبنه الرومى مع الخس والطماطم من غير ( خِيَار ) ، مش عارف ليه من غير ( خِيَار ) لغاية يومنا هذا ، لكن هذه السندوتشات كانت بتخليني أفضل قاعد ( مرزوع فى مكانى ) وعمري ما سألت إيه العلاقة بين الطماطم و( الخِيَار )، واقنعت نفسي إنه مجرد وجودهم في سندوتش واحد هيبقى نوع من أنواع الرفاهية الزيادة .
ومن موقعى هذا أدعو حكومتنا الموقره إن كانت تريد النجاح هى ومن معها أن تجهز للشعب المصرى سندوتشات الجبنه الرومى مع الخس وأن تستبدل الطماطم ( بالخِيَار ) ده على سبيل التغيير على الأقل بالنسبة لي ، أو على سبيل التوفير ، باعتبار أن الطماطم سُمْعِتها إنها مجنونة وسعرها ساعات يبقى أغلى من ( الدهب ) !!!
إنما لو عايزين طماطم براحتكم خالص ، بس المهم يبقى هو ده الخِيَار للنجاح وميبقاش الخِيَار لحاجة تانية ...
وربنا يسترها علينا وعليكم