جمال حسين يكتب: «تحرير زياد ..للبطولة رجال»
عندما شاهدت مقطع فيديو اختطاف الطفل زياد، الذى يبلغ من العمر 8 سنوات، على يد عصابة المُلثَّمين الثلاثة، تلك الواقعة التى سجَّلتها كاميرات المراقبة، انقبض قلبى، مثلما انقبضت قلوب كل المصريين؛ خوفًا على حياة الطفل.. لقطات الاختطاف المُؤلمة والمُوجعة، التى اصبحت تريند صفحات التواصل الاجتماعى، أظهرت جبروت الاوباش الذين اقتحموا محل الزيوت، الذى يمتلكه والد الطفل، أثناء وجود زياد مع والدته، حيث اختطفوه بالقوَّة إلى سيارتهم، ولم يرحموا توسلات أمه، التى تشبَّثت بمُؤخِّرة السيارة، فسحلوها ولاذوا بالفرار.
كنتُ على يقينٍ تام بأن رجال الشرطة لن يهدأ لهم بالٌ؛ حتى يُحرِّروا الطفل، ويُلقون القبض على هذه العصابة، التى لم تُروِّع أسرة الطفل فقط، بل روَّعت كل المصريين.. هذه الثقة فى قُدرة حُماة الأمن لم تأتِ من فراغٍ؛ بل ايمان بقدرات رجال عايشتهم عن فرب أكثر من ثلاثةِ عقودٍ وكانوا بحق رجالٍ صَدقوا ما عَاهدوا الله عليه وحققوا نجاحات تلو الأخرى، وفكوا طلاسم قضايا ظنَّ الجميع أنها ستُقيَّد ضد مجهولٍ، لكن هذه العبارة لم يعد لها وجودٌ الآن فى قاموس وزارة الداخليَّة، وشرطتها العصريةً التي تستخدم أحدث وسائل التقنيات الحديثة.
فور وقوع الجريمة مباشرةً، وجَّه اللواء محمود توفيق، وزير الداخليَّة، بتشكيل فريق بحثٍ على أعلى مستوى، بإشرافٍ اللواء علاء سليم، مساعد أول الوزير لقطاع الأمن العام، ضم عددًا من فرق البحث والمساعدات الفنيَّة، وتم تفريغ الكاميرات، وتتبُّع خط سير سيارة الجناة، والاستماع لأقوال والدة زياد، وخط سيرها منذ أن خرجت مع ابنها؛ مُتوجِّهين صباح الأحد الماضى إلى المحل الخاص بزوجها، الكائن على الطريق الدائرى بالمحلة الكبرى، قبل أن تُفاجئ العنصرين الإجراميين المُلثمين، وهما يقومان بخطف ابنها أمام عينيها، فيسحلانها أثناء محاولتها إنقاذه من بين أيديهما.
خلال 34 ساعة من البحث، عَثرت أجهزة الأمن على السيارة المسروقة، التى استخدمها المُلثَّمون فى تنفيذ الجريمة مُتفحمةً، حيث أضرم فيها الجناة النيران؛ لإخفاء معالم جريمتهم.. كان رجال المباحث فى سباقٍ مع الزمن؛ من أجل إنقاذ زياد حيًا، خاصةً بعد أن أكَّدت التحريات أن حياته مُهدَّدةً بالخطر إذا لم يُسدِّد والده مبلغ الفدية للخاطفين. وبالفعل توصَّل رجال المباحث إلى مكان إخفاء الطفل، وتوجَّهت قوةٌ مُكبَّرةٌ تضم فريقًا من ضُباط الأمن الوطنى، والأمن العام، ورجال المباحث والعمليات الخاصة، وتمَّت مُداهمة المنزل، وتحرير زياد، حيث عَثروا عليه مُوثَّق الأيدى، مُكمَّم الفم.. وهنا سادت حالةٌ من السعادة والشعور بالأمن والاطمئنان لدى جميع المصريين، وتجمَّع الآلاف أمام منزل الطفل زياد البحيرى؛ للتعبير عن فرحتهم وشكرهم لرجال الشرطة.
واقعة خطف زياد لا يجب أن تمرَّ مرور الكرام، بل يجب أن نستخلص منها العِبر والعِظات.. أولًا: بالتأكيد يعلم الجميع أن الأمن سلعةٌ غاليةٌ، ويجب على الدولة تعميم الكاميرات فى جميع الشوارع الرئيسة والفرعية، والحارات والأزقَّة؛ كما هو متبعٌ فى كل دول العالم، ويجب إلزام أصحاب المحال والمنازل والكمبوندات بتركيب الكاميرات إجباريًا؛ لأن الكاميرات أصبحت من أهم العوامل المساعدة فى كشف الجرائم، وتتبُّع اللصوص والبلطجيَّة والقتلة والإرهابيين أيضًا.
ثانيًا: يجب تغليظ عقوبات خطف الأطفال، وجرائم البلطجة والسرقة والنصب؛ لأن تلك الجرائم تُروِّع الآمنين، وآن الأوان أن يتصدَّى البرلمان بإصدار التشريعات اللازمة، لتحقيق ذلك، وأسعدتنى تلك المبادرة الرائعة من النائب الشاب محمد تيسير مطر، عضو مجلس النواب، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والذى طالب بتغليظ عقوبة مُرتكبى جريمة اختطاف الأطفال، واصفًا إياها بالجريمة التى تُعادى الإنسانيَّة وتُؤلم القلوب، ولنا فى الصين، صاحبة المليار ونصف مليار نسمة، عبرةٌ وعِظة، حيث أصبحت مجتمعًا بدون جريمةٍ تقريبًا؛ بعد تغليظ العقوبات جدًا جدًا فى كل الجرائم، لتصل إلى الإعدام؛ فتلاشت الجرائم تلقائيًا.
ثالثًا: يجب أن نكون إيجابيين فى مواجهة هؤلاء المُجرمين والتصدِّى لهم، والتاريخ خيرُ شاهدٍ على شهامة المصريين فى منع الجرائم، حتى لو كلَّفهم ذلك حياتهم، وقد آلمنى كثيرًا أننى لم أُشاهد فى فيديو الواقعة أحد المارة يُطارد المُجرمين؛ رغم أن الجريمة وقعت فى شارعٍ حيوىٍّ وفى وَضح النهار، وتركوا والدة الطفل التى تشبَّثت بمُؤخِّرة السيارة، وكادت تفقد حياتها سحلًا !!.
بالتأكيد نجاح وزارة الداخليَّة فى تحرير الطفل زياد وضبط مُختطفيه، يُؤكِّد مدى قُدرة الشرطة على تحقيق الأمن والأمان للمواطنين، وبث الطمأنينة، وفرض هيبة القانون، ويُؤكِّد أيضًا أن الشرطة المصرية قادرةٌ على ردع كل مَنْ تُسوِّل له نفسه المساس بأمن وأمان الوطن والمواطن..
كل الشكر لوزير الداخليَّة الكفؤ الخلوق اللواء محمود توفيق من كل المصريين، والشكر موصولٌ لرجاله أبطال الشرطة، الذين أثلجوا قلوبنا بحُسن صنيعهم، وإعادة الطفل المخطوف لأسرته، وضبط المُلثَّمين الثلاثة، الذين يستحقون الإعدام فى ميدانٍ عام.
نقلا هن اخبار اليوم