كرم جبر.. يكتب.. إنها مصركل يوم فتنة !
أولاً: أصبح الناس متحفزين وكأنهم يضعون أصابعهم على الزناد، وينصبون أنفسهم حراساً على الفضيلة، ويطلقون الاتهامات دون سند أو دليل، وغير مستعدين أن يستمعوا لبعضهم البعض.
ثانياً: وأصبحت القضايا المثارة مثل حقول الألغام، من عروس الإسماعيلية حتى الإسراء والمعراج وما بينهما، وتتخذ شكل الصراع التناحري، وكل يوم فتنة مفاجئة ومن نوع جديد.
ثالثاً: بين «أولاً» و»ثانيا» يظهر الكائن الشرير «فيس بوك» ويمنح للناس ساحات مفتوحة للتراشق دون ضوابط أو إفساح مسافة للعقل، لإبداء الآراء بهدوء وعقلانية.
شجار وليس حوارًا، صراع وليس كلامًا، افتعال وليس انفعالًا، وأسهل طريقة لكسب المبارزة هى سب وقذف الآخرين وتشويه صورتهم، وقد يصل الفعل إلى حد الجرائم المعاقب عليها قانونياً.
والجميع ضحايا فى معارك ليس فيها منتصر والكل مهزوم، ففى كارثة البنات المنتحرات بسبب نشر صور فاضحة، ماتت البنت وتجنى أسرتها الألم والحزن، وحصدت الأسرة التى قامت بالتشهير الخزى والعار، ودخل الشباب السجن ينتظرون مصيرهم المظلم.
وفى قضايا الزواج والطلاق تظهر النساء فى صورة سيئة لا تمت للحقيقة، وتبتعد المعالجة عن المهنية والمصداقية، وهى فى النهاية ليست ظواهر مجتمعية، ولا تحدث إلا على نطاق ضيق، وتبتعد تماماً عن هموم ومشاكل الناس، ولا تعكس واقعاً ملحاً فى المجتمع.
الأزمة ليست زواج المطلقات ولكن بالدرجة الأولى العنوسة وعزوف الشباب والشابات عن الزواج، وارتفاع سن الزواج.
ونستيقظ كل يوم أو ننام على فتنة جديدة تحقق أعلى درجات المتابعة والتعليق، وتشغل مساحات كبيرة من اهتمامات الرأى العام.
أما القضايا المهمة والملحة والتى تتعلق بهموم الناس ومشاكلهم الحقيقية، فلا نجد قبولاً ولا متابعة، ويقولون عنها «موضوعات دمها ثقيل».
وفى زمن القنوات المفتوحة لا يستطيع أحد أن يمنع أو يحجب، وإذا أُغلق موقع بإجراءات قانونية، يستطيع صاحبه أن يفتح موقعاً وأكثر بعد لحظات، وأحياناً بأسماء وهمية.
المجتمعات تحمى نفسها بالوعى والقانون.
الوعى بإعادة إحياء القيم الأخلاقية، وبثها فى النفوس، ليعلم كل من يستخدم الجهاز الصغير، أن فى يده سلاحاً قوياً، إما أن يكون صالحاً أو فاسداً، يجلب الدفء أو يشعل الحرائق.
والقانون، بنشر الثقافة القانونية، ونصوص المحاسبة والعقوبات حال ارتكاب الجريمة، وبالعدالة الناجزة التى تسير عجلتها الآن بمعدلات كبيرة، وإذا جاء العقاب، فسوف يفكر من يسيء الأدب ألف مرة.. نقلا عن بوابة أخبار اليوم