أكرم القصاص يكتب: مصر والدائرة الأفريقية.. التعاون والشراكة من أجل العدالة والتقدم
العلاقة بين مصر وأفريقيا تنمو بشكل استراتيجى، من خلال شعار «الاتحاد والشراكة والتعاون»، الذى أصبح واقعا خلال السنوات الأخيرة فى العلاقة بين مصر وأفريقيا، ولا تتوقف القاهرة عن طرح المبادرات وتقديم الأفكار، وعقد المنتديات، واستضافة الفعاليات المختلفة، التى تتعلق بتبادل وجهات النظر أو حوار حول الحاضر والمستقبل.
وبعد أيام من انعقاد منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائى بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذى شهد حضورا ومشاركة أفريقية ودولية، جاء اجتماع القاهرة السادس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الأفريقية، الذى يعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتنظمه المحكمة الدستورية العليا المصرية.
منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائى جاء فى إطار الاستعداد لانعقاد المؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، الذى تستضيفه مصر فى نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ، وشهد المؤتمر تأكيدا على أن أفريقيا أكثر قارة تدفع ثمن الانبعاث الحرارى وتغيرات المناخ، رغم أنها أقل القارات فى المسؤولية عن ذلك، وهو ما يستلزم مساندة دولية من الدول الصناعية التزاما بتوصيات مؤتمر باريس.
وفى اجتماع القاهرة السادس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا، أكد الرئيس حرص مصر على دعم دور السلطة القضائية فى المجتمعات الأفريقية، فى إطار سيادة الشرعية الدستورية، وبما يحقق التوازن بين حقوق وحريات المواطنين، وبين مباشرة السلطات العامة لوظائفها، خاصة أن الجهود القضائية أصبحت تكتسب أهمية خاصة فى ضوء التحديات التى تواجهها الدول الأفريقية، فيما يتعلق بحقوق المواطنة، وحقوق اللاجئين والمهاجرين، وحماية الهوية الثقافية، وحقوق الشعوب فى مواردها الطبيعية المشتركة، وجهود التنمية الاقتصادية.
وشدد الرئيس أيضا على أهمية الوعى الشعبى لتعزيز دور القانون والمؤسسات القضائية بغرض تمكين الدول من التصدى بفاعلية للتحديات التى تهدد كيانها، وأخطرها الفكر المتطرف والتمييز بين المواطنين على أساس دينى أو عرقى أو طائفى، فضلا عن صون أمنها واستقرارها.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء استقباله لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة، أكد أهمية اضطلاع القضاء الأفريقى بدور مؤثر فى تفعيل التنسيق بين الدول الأفريقية نحو بناء بيئة تشريعية موحدة ومتجانسة، للتعامل مع التحديات الدولية التى تواجه عملية صياغة مستقبل مشترك للقارة.
والواقع أن الدائرة الأفريقية تمثل أحد ثوابت السياسة المصرية، ولا تتعلق فقط بمحددات الأمن القومى والمصالح الاقتصادية فقط، لكنها تقوم على انتماء مصر لقارتها الأفريقية، وتقديم كل ما تستطيع لدعم التعاون، وتحرص مصر على نشر سياستها القائمة على تدعيم الدولة الوطنية، والدفع نحو الحل السياسى للصراعات والخلافات، سواء داخل الدول، أو بين الدول الأفريقية، والبعد عن سياسات الصدام والصراع، مع تمسك واضح بحقوقها وثوابت أمنها القومى، وهى نفس الأسس التى يؤكد عليها الرئيس فى كل الفعاليات الأفريقية.
وتنطلق مصر من إدراك لقدرات أفريقيا وأهمية انطلاق القارة بشكل يقوى قدراتها التنموية والاستثمارية، تنطلق أيضا من إدراك لحجم التحولات الاقتصادية والجيوسياسية فى العالم التى يتم من خلالها إعادة بناء التكتلات الاقتصادية التقليدية بناءً على القوى الجديدة، وحتى أوروبا نفسها تواجه اختبارات كبرى فيما يتعلق بشكل ومضمون هذه التكتلات.
ويظل شعار «التكامل من أجل النمو» عنوانا للتعاون من أجل الاستثمار فى أفريقيا، وتصر الدولة المصرية على استكمال دائرتها الأفريقية، باعتبار مصر بوابة لأفريقيا على العالم، وجسرا بين العالم والقارة السمراء، ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، حدد استراتيجية مصر الأفريقية من واقع إعادة تحديد المصالح المشتركة لمصر وأفريقيا، أهمها حق القارة فى ثرواتها وفى تنمية عادلة لمواردها، وفرض أسس الاستقرار فى المناطق الساخنة، إدراكا لتحولات اقتصادية وسياسية تدور على خارطة العالم.
الحضور المصرى فى أفريقيا يقوم على استراتيجية تستهدف الصالح الأفريقى، لكل دولة على حدة، ولمجموع الدول الأفريقية، حتى يمكن أن تحصل أفريقيا على ما يليق بها من فرص وعوائد، وفى الوقت ذاته تحرص مصر على تأكيد شعارات التعاون والشراكة، وتنمية هذه العلاقات مع السعى لمواجهة التحديات المشتركة، وإزالة أى حواجز أمام التعاون أو حقوق القارة، وهو ما يؤكده الرئيس، فى كل مناسبة.
نقلا عن اليوم السابع