فلسطين.. إطلاق سراح عميد الأسرى كريم يونس بعد 40 عاما بسجون الاحتلال
أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن الأسير كريم يونس بعد قضاء 40 عاما على التوالي في سجونها.
وبدا الأسير المحرر متماسكا رغم ما تعرض له من تنكيل وظروف قاسية داخل سجون الاحتلال، وقال في تصريحات له عقب الإفراج، إنَّه على أتم استعداد لقضاء 40 سنة أخرى أسير دفاعا عن شعبه.
40 عاما في السجون
وأشار إلى أنه لم ير ضوء الحرية على مدار 40 عاما كاملة، آملا أن يساعده من حوله في تجاوز تلك الفترة الصعبة، والتعايش وسطهم في الحياة الجديدة.
وقالت هيئة شؤون الأسرى، إن سلطات الاحتلال أفرجت عن عميد الأسرى كريم يونس في مدينة “رعنانا” وذلك في محاولة لإفشال استقباله الحاشد.
ويقطن يونس في بلدة عارة في الداخل الفلسطيني المحتل.
ويعد يونس أول أسير يمضي أربعة عقود من الزمن متتالية في سجون الاحتلال، ما يمثل أعلى مدة أسرا متواصلة دون انقطاع.
واعتقل الاحتلال الإسرائيلي كريم يونس (مواليد عام 1958) في السادس من يناير/كانون الثاني 1983 وحكم عليه بالإعدام شنقا ومن ثم بالسجن المؤبد (مدى الحياة) وجرى تحديد المؤبد لاحقا ب40 عاما بتهمة قتل جندي إسرائيلي وحيازته لأسلحة والانتماء لحركة فتح.
وفي عام 2013 في ذكرى اعتقاله ال30، توفّي والده، واستمرت والدته في زيارته، رغم مرضها وكبر سنها، إلى أن توفيت في مايو/ أيار الماضي، أي قبل 7 أشهر من الإفراج عنه.
والأسير يونس تجاوزته صفقات التبادل والإفراجات السياسية، وهو واحد من 25 أسيرا فلسطينيا واصلت إسرائيل اعتقالهم منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، إذ رفضت على مدى عقود الإفراج عنهم، رغم مرور العديد من صفقات التبادل والإفراجات الجماعية التي كان آخرها في عام 2014، حيث كان من المقرر أن تفرج عن الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى القدامى، إلا أنها تنكرت للاتفاق الذي تم في حينه في إطار مسار المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.
في وداع الزنزانة
قبل أيام كتب عميد الأسرى كريم يونس رسالة في وداع زنزانته قائلا: “ها أنا أُوشك أن أغادر زنزانتي المُظلمة، التي تعلمتُ فيها أن لا أخشى الظلام، وفيها تعلمتُ أن لا أشعرَ بالغربة أو بالوحدة، لأنني بين إخوتي، أخوةُ القيد والمعاناة، أخوة جمعنا قسمٌ واحد، وعهدٌ واحد”.
وأضاف:” أُغادر زنزانتي، ولطالما تمنيتُ أن أغادرها منتزعًا حريتي برفقةِ أخوة الدّرب، ورفاق النّضال، متخيلًا استقبال يعبر عن نصرٍ وإنجازٍ كبير، لكني أجد نفسي غير راغبٌ، أحاول أن أتجنب آلام الفراق، ومعاناة لحظات الوداع لإخوةٍ ظننتُ أني سأكمل العمرَ بصحبتهم، وهم حتمًا ثَوَابِت في حياتي كالجبال، وكلما اقتربت ساعة خروجي أشعر بالخيبةِ وبالعجزِ، خصوصًا حين أنظر في عيون أحدهم، وبعضهم قد تجاوز الثلاثة عقود “.
وتابع:” سأترك زنزانتي، وأغادر لكن روحي باقيةٌ مع القابضينَ على الجمر المحافظين على جذوة النّضال الفلسطينيّ برمته، مع الذين لم ولن ينكسروا، لكن سنواتِ أعمارهم تنزلق من تحتهم، ومن فوقهم، ومن أمامهم، ومن خلفهم، وهم لا زالوا يطمحون بأن يروا شمس الحرّيّة لما تبقى من أعمارهم، وقبل أن تصاب رغبتهم بالحياة بالتكلفِ والانحدار.
وواصل: “سأترك زنزانتي، والأفكار فجأة تتزاحم، وتتراقص على عتبة ذهني وتشوشُ عقلي فأتساءل محتارًا على غير عادتي إلى متى يستطع الأسير أن يحمل جثته على ظهره، ويتابع حياته والموت يمشي معه، وكيف لهذه المعاناة، والموت البطيء أن يبقى قدرهُ إلى أمدٍ لا ينتهي، في ظل مستقبلٍ مجهول، وأفق مسدود، وأمل مفقود وقلقٌ يزداد مما نشاهدُ، ونرى من تخاذلٍ، وعدم اكتراث أمام استكلاب عصاباتٍ تملك دولة، توحشت، واستقرت بخذلان العالم، على شعب أعزل، حياته تَنْهَش كل يوم دون أن يشعر أنّ جروحه قد لا تندمل، وأن لا أمل له بحياةٍ هادئة، ومستقرة، ومع ذلك بقي ند، وقادر على الاستمرار”.
بدوره، أكد عبد الناصر فروانة المختص في شؤون الأسرى والمحررين أن ملف الأسرى القدامى وذوي الأحكام العالية يجب أن يبقى مفتوحا باستمرار.
وقال فروانة: “على كافة الأطراف الفلسطينية العمل في جميع الاتجاهات وعبر كافة الوسائل الممكنة لضمان الإفراج عن الأسرى”.
وأوضح أن أرقام الأسرى القدامى باتت صادمة واستمرار بقائهم طوال هذه الأعوام داخل السجن لم يعد مقبولا، وتحقيق حريتهم هي مسؤولية الجميع.
وتفيد المعطيات الإحصائية أنه مع نهاية العام المنصرم ارتفع عدد الأسرى الذين مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاما إلى 330 أسيرا بينهم 19 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 30 عاما ومن بينهم 9 أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من 35 عاما على التوالي، وهذه أرقام غير مسبوقة في تاريخ الحركة الأسيرة ومرشحة للارتفاع مع قادم الأيام وفق فروانة.