أكرم القصاص يكتب: الحوار الوطنى والإدارة والمحليات وحياة الناس
كل المحاور والموضوعات مهمة فى الحوار الوطنى، وهناك من يركز على المحاور السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ومن بين نقاط مهمة كثيرة فى الحديث لاقت فكرة الحوار اهتماما وتركيزا من الأطراف الجادة، أو حتى الأطراف المهتمة بالحاضر والمستقبل، وترى أن الوقت مناسب لطرح ومناقشة القضايا المرتبطة بالسياسة ودور التيارات السياسية والأحزاب، بجانب التركيز على مناقشة قضايا تتعلق بالمجتمع والمستقبل، ومن بين نقاطكثيرة تبقى هناك قضيتان تحظيان بشبه اتفاق بين الكثير من المشاركين، وهما الإصلاح الإدارى، والمحليات، وهنا قضيتان تدخلان فى النقاش السياسى، لكنهما تتطلبان الكثير من الخبرة، والنقاط الفنية.
الرئيس يتحدث عن «جمهورية جديدة» مع بدء انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية، وأهم ما يجب توافره هو تغيير طريقة الإدارة بشكل تام، عاصمة من الجيل الرابع، لا تتناسب مع أسلوب إدارة قديم، حسب ما أعلنه الرئيس هناك تغيير شامل فى طريقة الإدارة والتواصل بين المركز والأطراف، وأن يمارس المسؤولون مهام وظائفهم بشكل مؤسسى ومستمر، وهو ما يشير إليه الرئيس فى أحاديثه عن دولة حديثة قادرة على تلبية حاجات مواطنيها بسرعة وكفاءة.
مرات كثيرة يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى، موجهًا كلامه للمسؤولين فى كل مكان، أن يؤدوا دورهم كممثلين للدولة وأصحاب قرار، أن يتحرك المحافظ، ورئيس المدينة، والحى، والقرية، باتجاه الحل والسرعة وتسهيل العمل، وتجاوز الإجراءات البيروقراطية، ومع الحرص على حماية حقوق الدولة والمجتمع ومواجهة المخالفات، يفترض أن يكون عمل الإدارة هو تحسين جودة الحياة، وتلبية مطالب المواطنين ومصالحهم، من دون انتظار.
ربما تكون الإدارة والمجالس المحلية واحدة من أهم النقاط التى يجب أن تخضع للحوار السياسى، وتمثل مطلبًا يفرض نفسه منذ سنوات، ويحرص الرئيس فى كل حوار أو مناسبة على التذكير به ومخاطبة البرلمان لمناقشة وطرح قانون تشكيل وعمل المجالس المحلية، ويفترض أن تكون قضية المجالس المحلية هى النقطة الأولى بالاهتمام ضمن أى حوار يتعلق بالمستقبل، وهل يمكن للأحزاب أن توفر 60 ألف شاب وأكثر يمكنهم الدخول للمجالس المحلية؟ وكيف يمكن انتقاء شباب يمثلون رصيدًا لعمل سياسى مستقبلى؟
هناك حاجة لتوسيع الحوار حول شكل المحليات، وحسم القانون مع التيارات السياسية المختلفة، ليخرج القانون مناسبًا، وعقد حوار مجتمعى حول القانون مهم ومفيد، فى شكل ومضمون القانون.. قانون المحليات لا يرتبط فقط بانتخابات المجالس الشعبية المحلية، لكنه يتشابك مع عدد من الوزارات مثل الإسكان والنقل والمالية والصحة والتضامن والداخلية، وسلطات المجالس الشعبية وحق الرقابة والمساءلة وحصانة العضو، وسلطات المحافظين ورؤساء الأحياء والمدن، خاصة أن منح سلطات للمحليات هو أحد أهم أسس الإدارة الحديثة، ومن شأنه أن يخفف العبء على الحكومة والبرلمان.
لقد تأخر إصدار القانون، وأكثر من مرة وجه الرئيس مجلس النواب للانتهاء منه حتى يمكن أن تجرى انتخابات المجالس المحلية، لتحمل عبء الرقابة والمتابعة بالشكل الذى ينهى مشكلات متراكمة من عقود، قانون الإدارة المحلية قطع رحلة مضنية طوال عقود، ورغم الاتفاق على أن أكثر من نصف مشكلات مصر حلها فى المحليات، فقد ظل مشروع القانون يراوح مكانه.
المحليات فى حال قيامها بدورها ترفع العبء عن البرلمان والحكومة، وأيضًا يمكنها أن تحل التفاصيل الخاصة بالبناء والتصاريح والمخالفات والإشغالات، وما يتعلق بالتصاريح وإنهاء أى مخالفات أو تلاعب فى هذه الملفات المهمة.
وفى حال أخذ موضوع المحليات حقه فى المناقشة والحوار الوطنى، مع الاستفادة من تجارب الدول المختلفة، مع الأخذ فى الاعتبار أن لكل دولة ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، هناك ثوابت تتعلق بتنظيم البناء والتراخيص والمرور، والأرصفة والإشغالات، وما يتعلق بالكثير من التفاصيل الخاصة بحياة الناس.