كرم جبر يكتب: إلى اللقاء فى البحرين !
أعطانا الله وأعطاكم طول العمر، لنتابع بعد عام بالتمام والكمال القمة العربية القادمة فى البحرين، ونسأل أنفسنا: هل مازالت قضايا العرب الكبرى على قوائم الانتظار؟
عندنا القضية الفلسطينية المزمنة منذ 75 عامًا، والقضية السودانية عمرها شهران ولكنها مرشحة للاستمرار، وبينهما قضايا أخرى كثيرة تحتاج عملا عربيًا شاقًا لتصل إلى بر الأمان.
القضية الفلسطينية هى سبب وجود جامعة الدول العربية وربما بقاؤها، فهى الراية التى يجتمع تحتها الزعماء العرب، ليصدروا توصيات وقرارات سنوية، تصطدم دائمًا بحائط الرفض الإسرائيلي، حتى دخلت القضية غرفة الإنعاش فى السنوات الأخيرة، بسبب تشتيت التركيز العربى فى قضايا أخرى تمس بشدة أمنها القومي.
جاء الإرهاب على حساب القضية الفلسطينية، خصوصًا الدول التى استهدفها الربيع العربي، وجعل أزماتها الداخلية أكبر بكثير من الاهتمام بالقضية الفلسطينية، ولها كل العذر فكيف تدافع عن حق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة، بينما تصارع دولها من أجل البقاء.
لم تصل القمم العربية إلى نقطة تخيير إسرائيل بين الأرض والسلام كما قررت مبادرة السلام العربية، ولم تصل إلى آلية تفاوض جماعى مع إسرائيل حتى لا تحصل على السلام مجانًا دون أية التزامات، وبالتالى أصبحت القضية الفلسطينية مرشحة للانتقال بنفس بنودها من قمة جدة الحالية إلى قمة البحرين القادمة.
إلا إذا تحقق المستحيل ووضعت حماس يدها فى يد فتح وبقية الجماعات الجهادية، وقرروا تصعيد الجهود الدبلوماسية تحت مظلة عربية، لإجهاض المبررات الإسرائيلية الواهية بأنها لا تجد من تصافحه أو تتفاوض معه.. وصارت وحدة الصف الفلسطينى هى الموضوع الأكثر تعقيدًا على قوائم الانتظار.
أما السودان فكان الله فى عون أهله الطيبين حتى لا تظل النار تحرق بلدهم إلى ما لانهاية، وتصل القضية إلى درجة الحل المستحيل.
قمة جدة أثنت على التهدئة ووقف إطلاق النار، ولكن فى نفس توقيت انعقاد القمة -الجمعة- اشتعلت المواجهة من جديد، مع تصريحات متشددة من الطرفين بالقدرة على حسم الموقف عسكريًا.
وتلك هى الأزمة بتنامى الثقة لدى كل طرف بقدرته على المواجهة بالسلاح، ووقوف المساعى الدبلوماسية عند حد الاعتبارات الإنسانية وتأمين المدنيين والممرات، وصار تثبيت وقف إطلاق النار هو المعادلة الصعبة وليس الاتفاق حول حلول شاملة للأزمة.
نقول دائمًا إن الحل هو "سودانى - سوداني"، ولكن كيف وكثير من الأصابع داخليًا وإقليميًا ودوليًا تمارس لعبة إشعال الفتائل من وراء وأمام الستار، لتصل خيوط النار إلى القنابل المعدة للانفجار؟
وليس من قبيل التشاؤم أن يتكهن البعض بأن تكون القضية السودانية فى صدارة جدول أعمال قمة البحرين 2024، إلا إذا اتفق طرفا النزاع -وهذا صعب جدًا- على ترك الصراع على كعكة السلطة من أجل وحدة السودان وشعب السودان.
نقلا عن اخبار اليوم