مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:25 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ

أحمد الخميسي يكتب: لاعبون بالأقدام .. ومبدعون بالأقلام

يبدو أن الحياة قادرة على إدهاش الانسان مهما تقدم به العمر. هذا ما حدث عندما قرأت أن المسئولين في النادي الأهلي يتفاوضون مع أحد نوادي الكرة القطرية على بيع لاعب مصري لقطر بأربعة مليون دولار، أي بنحو 130 مليون جنيه. خطر لي أن أدباء مصر ومفكريها جميعا لم يتلقوا معا ومجتمعين، مثل ذلك المبلغ مقابل عملهم الأدبي والفكري، منذ نهضة الحركة الثقافية في عشرينيات القرن الماضي وإلى يومنا، أي على مدى مئة عام. ويمكن أن نحسب مصاريف توفيق الحكيم في حياته ومصاريف يحيي حقي والمازني وطه حسين والفريد فرج ويوسف ادريس وغيرهم، والمؤكد أنها لن تصل مجتمعة إلى ربع الرقم الذي حصل عليه لاعب كرة قدم في دقائق. هناك فرق مهول بين الذين يبذلون عصارة أقدامهم وبين الذين يبذلون عصارة فكرهم. وعندما توفي عباس العقاد عام 1964، لم يجدوا لديه سوى خمسة وعشرين قرشا ورقية تحت وسادته بعد أن ترك نحو مئة كتاب وأكثر من 15 ألف مقال! والسبب الحقيقي في تلك الفوارق الضخمة هو قوانين السوق، ذلك أن السوق يغدق على من يشتغلون في الأنشطة التجارية الرائجة شعبيا القادرة على حصد الأموال، وبداهة فإن مباريات كرة القدم تحصد الملايين بحكم أعداد من يحضرونها ومن يشاهدونها وأسعار البطاقات، وعائد البث التلفزيوني، ولأنها علاوة على كل ذلك ترفع أرباح الفنادق والمطاعم وخدمات أخرى حيث تجري. لكن أي ربح كان يمكن أن يجنيه كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي" عام 1926؟ أو رواية بهاء طاهر" خالتي صفية والدير" عام 1991؟ لا شيء ما عدا المتاعب مقترنة أحيانا بملاحقة السلطات، ذلك أن الأدب سلعة غير رائجة في السوق، الاقبال عليها ضئيل جدا، عكس الرياضة التي يدفع الملايين لأجل حضورها الكثير، لأنها تخاطب في الناس شيئا أصيلا خلق معهم وهو حب اللعب دفعا لأعباء الحياة. ولا يمكن للثقافة أن تكون نشاطا جماهيريا جذابا إلا في مناخ يقدس الثقافة وينشرها بين الناس منذ الصغر، في التعليم، والتلفزيون، والصحف، بحيث يستطيع أصحاب الأقلام أن يحصلوا على بعض مما يحصل عليه أصحاب الأقدام، حين تصبح الثقافة سلعة رائجة، وليس مجرد بضاعة صغيرة من نخبة كتاب قليلين الى نخبة أقل من القراء. من ناحية أخرى فإن الأجور الخيالية التي يحصل عليها اللاعبون والمدربون تجعل الشبان ينظرون إلي اللاعبين بصفتهم نموذج النجاح المادي والمعنوي الذي ينبغي أن يتتبعوا خطواته. وبطبيعة الحال فلا أحد ضد الرياضة ولا ضد إشباع الميول الجماهيرية للعب والاسترخاء وفورات حماسة تشجيع الفرق الرياضية، لكن إلى جانب ذلك يجب أن نشق الطريق لكي يصبح أصحاب الأقلام أيضا قدوة يتطلع إليها الشبان. ومنذ زمن كتب توفيق الحكيم يقول" انتقلنا من عصر الأقلام إلى عصر الأقدام"، وقد آن الأوان لكي نوازن ما بين الهموم الفكرية والهموم الجماهيرية، بحيث لا تدهشنا الحياة بأن ثمن أحد اللاعبين يصل الى أربعة ملايين دولار، بينما عاش معظم الأدباء في ضائقة مست أهم مستلزمات حياتهم، حتى أن شاعرا مثل عبد الحميد الديب كان يسكن حجرة في باب اللوق ولم يكن قادرا على دفع ايجارها وهو ثمانون قرشا، فكتب يقول: " ثمانون قرشا أهلكتني كأنها .. ثمانون ذنبا في سجل عذابي"، وكتب يصف حالته على العموم: " هام بي الأسى والبؤس حتى .. كأني عبلة والبؤس عنتر " !