كرم جبر يكتب: لا تخافوا على مصر
استعادت القوات المسلحة الثقة بعبارة رائعة قالها وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى يوم 28 أبريل 2013 "تتقطع إيدينا قبل ما تتمد على واحد فيكم"، وحدث هذا على أرض الواقع قولاً وفعلاً، وكان الجيش هو الدرع الواقية لحماية المصريين من بطش الجماعة الإرهابية.
لعلنا لا ننسى الأداء الرائع للجيش عندما أعلن أهالي مدن القناة التحدي الكبير لقرار حظر التجوال، وتصدى الجيش لمهام حفظ الأمن وحماية المنشآت العامة، وانحاز للشعب ولم تحدث أي مواجهة ولم يطلق رصاصة أو خرطوشا، رغم ضخامة التظاهرات ومضت الأزمة بسلام دون إراقة دماء أو سقوط شهداء، ولم تأخذ هذه المعالجة الحكيمة حقها من الدراسة والتحليل.
وفي ذلك اليوم سطر الفنانون رسالة بالدموع للفريق عبد الفتاح السيسي في احتفالية تحرير سيناء، كانت أقوى من رصاص الإرهابيين ، وقالوا له: "خايفين على مصر وقلبنا وجعنا عليها".. رسالة عفوية مفاجئة لم يكن مُرتباً لها، وإنما جاءت وليدة اللحظة، لكنها أبكت أيضاً من شاهدوها لعدة أسباب.. فقد كانت تجسد الإحساس بالخطر على مصر ومستقبلها والخوف من المجهول.. وتؤكد الثقة الكبيرة في القوات المسلحة وأنها المنقذ والأمل، وتعظّم المكسب الكبير الذي تحقق للقوات المسلحة وهو "استعادة الثقة"، واختفاء الهتاف السخيف الذي روج له الإخوان لهدم الثقة بين الجيش والشعب.
"خايفين على مصر" ليست عبارة إنشائية قالها أحد الفنانين في لحظة انفعالٍ، لكنها جسدت الخوف المشروع عندما تتعقد المشاكل والأزمات ويفشل النظام السياسي في احتوائها ومواجهتها والتصدي لها، خوف من الأزمة الاقتصادية والانفلات الأمني والأخونة والمستقبل المجهول وعلى سلامة الوطن ووحدة أراضيه.. خوف القضاة والإعلاميين والسياسيين والمعارضين ومصر كلها.. خوف من الكيانات السياسية التي انخرطت فيما يشبه لعبة "شد الحبل" مع الإخوان في حلبة المصالح الشخصية.
الإخوان وشركاؤهم كانوا يعملون على ضرب الثقة بين الجيش والشعب، بينما المصريون يبحثون عن طوق إنقاذ عن طريق الجيش وعبرت عنها دموع الفنانين، وأن يعود هذا الوطن آمناً ومستقراً وهادئاً، بعيداً عن التشدد والتطرف والتناحر والصراع والتكالب والتفتيت، وهي المعاني التي التقطها بسرعة الفريق السيسي، موجهاً رسائل شديدة الدلالة بأن جيش مصر لن يكون إلا لمصر، محافظاً على وحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ولن يرفع سلاحاً إلا في وجه أعداء مصر التي يجرى حبها في عروق الضباط والجنود.
بما يعنى أن جيش مصر لن يكون طرفاً في الصراع السياسي الدائر في ذلك الوقت، ولن يعمل لصالح فريق ضد فريق، وتحملت القوات المسلحة ما لا يُطاق لتجتاز البلاد زلزال الفوضى وتوابعها، وجاهدت جهاداً مريراً حتى تمنع الأذى عن المصريين، وكانت خط الدفاع الذي جنب الوطن مخاطر السقوط، ونجحت في أن تنأى بنفسها عن حروب الاستنزاف السياسي، التي اشتد وطيسها بين الخصوم السياسيين، كل يبكي على ليلاه، دون أن يكونوا مهمومين بليل مصر الطويل المظلم.
دموع الفنانين قالت للسيسي: "خلى بالك من مصر".. ورد عليهم: "لا تخافوا على مصر" فلها درع وسيف وأبناء مخلصون لا يبخلون عليها بأرواحهم ودمائهم.. أما الرسالة التي لم ينطق بها بلسانه بل بمشاعره: خلوا بالكم انتم من مصر.. يا مصريين !
نقلا عن اخبار اليوم