مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الجمعة 22 نوفمبر 2024 01:55 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ

جلال عارف يكتب: إفريقيا.. فى قلب العاصفة

الحرب الباردة وعواصفها تضرب فى كل أنحاء العالم. أوروبا التى كانت تطمع فى فترة سلام طويلة بعد حربين عالميتين مدمرتين تجد نفسها الآن فى قلب حرب أوكرانيا التى لا تبدو لها وحتى الآن- نهاية قريبة. وآسيا التى كانت متفرغة لصنع معجزاتها الاقتصادية التى تنتشل دولها من دائرة الفقر الذى عاصرته طويلا، أصبحت ميدان المعركة الأساسية على زعامة العالم بين الصين وأمريكا والآن يبدو أن الإعصار الذى كان متوقعا أن يداهم أفريقيا بعد فترة قد وصل مبكرا«!!» ونظرة واحدة لأحداث «النيجر»، وردود الفعل عليها تقول الكثير فى هذا الشأن!!

«النيجر» هى أفقر دول أفريقيا، ومع ذلك فإن الانقلاب العسكرى الذى وقع فيها تحول إلى قضية عالمية. أمريكا تراقب، وفرنسا تهدد، وروسيا تحسب خطواتها بدقة، ودول غرب أفريقيا تضع التدخل العسكرى كواحد من خياراتها. والحديث عن الديمقراطية لا يخفى أن المصالح هى التى تتكلم، وأن جوهر الصراع ليس على الحريات وإنما على اليورانيوم والليثيوم والمعادن الثمينة التى تزخر بها أفريقيا، ويتصارع عليها الأقوياء!!

يكشف الصراع- أولا- عن جريمة الاستعمار القديم الذى استسلم للهزيمة بعد نضال بطولى لشعوب أفريقيا كانت مصر فيه بمثابة رأس الرمح فى معركة التحرر. ولعلنا نذكر ما قاله العظيم «مانديلا»، بأنه كان يقف فى جنوب القارة ويرفع رأسه لعل جمال عبدالناصر يراه.. أما «الجريمة» فهى أن الاستعمار رحل مهزوما لكنه ترك وراءه دولا لا تملك أى مقومات لبناء الدولة. وليتهم اكتفوا بذلك، بل سعوا لاستغلال ضعف الدول التى استقلت لكى يواصلوا نهب ثرواتها، ولكى تزدهر الصناعة عندهم اعتمادا على مواد أولية يأخذونها من افريقيا وباقى دول العالم الثالث بأقل الأسعار!!

بعد أكثر من ستين عاما على موجة التحرر الأفريقى التى أعقبت حرب السويس التى كتبت نهاية آخر الإمبراطوريات الاستعمارية، مازالت دولة مثل «النيجر»، هى الأفقر رغم أنها أحد الموردين الأساسيين لمعدن مثل «اليورانيوم» الأساسى لتوليد الطاقة النووية اللازمة لتشغيل معظم محطات الكهرباء فى دولة مثل فرنسا«!!» وستجد نفس الوضع فى معظم دول افريقيا.. قد تختلف المعادن الثمينة عند دولة عن أخرى، وقد تختلف جنسية الشركات التى تنهب الثروات الافريقية، لكن النتيجة واحدة.. المزيد من النهب والاستغلال، والكثير من المعاناة الافريقية والاحتياج لتنمية حقيقية تنهى سنوات القهر والحرمان الطويلة.

وجه آخر تكشف عنه أحداث النيجر، وهو أن القوى الكبرى لا تتحرك إلا وراء مصالحها، وأن دول الاستعمار القديم لم تشعر يوما بأن عليها أن تعوض الشعوب التى أخضعتها بالقوة عن سنوات الاحتلال. وأن القوى التى ورثت الإمبراطوريات الاستعمارية التى سقطت، كان همها أن ترث النفوذ والقوة والهيمنة الاقتصادية ولو كان الثمن أن تستمر معاناة الشعوب التى قاست من الاحتلال ومن النهب والاستغلال.. أما الشعارات البراقة فهى فقط لخدمة المصالح قبل أى شىء آخر!!

انتظرت افريقيا طويلا أن تساعدها القوى الكبرى على التنمية الحقيقية والمستدامة، لكن هذه القوى كانت مشغولة بمعاركها وبصراعاتها على ثروات افريقيا.

كان الصراع أولا بين قوى الاستعمار القديم وهى تحاول الحفاظ على نفوذها. ثم دخلت أمريكا على الخط، وبعدها دخلت الصين بينما كانت روسيا تحاول الاستفادة من ميراث الاتحاد السوفيتى فى مساعدة الافريقيين أثناء حروب التحرير فى منتصف القرن الماضي. وكان الصدام حتميا لكن أحداث «النيجر»، وتوابعها الخطيرة تقول إن الحرب الباردة قد أسرعت بالصدام، وأن أفريقيا قد أصبحت فى قلب العاصفة!!

مصر التى كانت طليعة حروب الاستقلال فى أفريقيا والعالم الثالث، كانت أيضا سباقة فى تقديم نموذج فى التنمية المستقلة، ولهذا تم استهدافها فى مؤامرة 67، ومصر لا تستطيع أن تغمض عينيها عما يجرى فى القارة السمراء.

فى العام الماضى قدمت مصر قائمة باحتياجات القارة الافريقية التى تشمل 200 مليار دولار للتنمية وأكثر من مائة مليار دولار للبنية التحتية، و70 مليارا لتعويض خسائر انخفاض الإنتاج الزراعى بسبب التلوث المناخى الذى تسأل عنه الدول الصناعية الكبرى. وقالت مصر إن افريقيا لا تحتاج للمزيد من القروض المرتفعة الفوائد، بل للاستثمارات والتمويل من المؤسسات الدولية بتكلفة قليلة.

لكنهم كانوا حريصين على ابقاء افريقيا تعانى من الديون، وتصدر المواد الأساسية للصناعات العالمية بأقل الأسعار، وكانوا مشغولين بالصراعات فيما بينهم على النفوذ والهيمنة بعد أن عادت الحرب الباردة بين أمريكا التى تدافع عن هيمنتها، والصين الطامحة لوراثتها فى زعامة العالم، وروسيا التى تريد الانتقام ممن أذلوها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي!!

وأيا كانت التطورات فى «النيجر»، فإن العاصفة قد بدأت، والصراع «الساكت»، من قبل بين الأقوياء لم يعد كذلك، وتحويل افريقيا إلى ساحة لتصفية الصراعات بين القوى الكبرى ستكون له عواقب وخيمة على الجميع.

ومصر- وهى الدولة القائدة فى أفريقيا- لا يمكن أن تتجاهل ما يحدث ولا تأثيره القريب والمباشر فى دول الجوار.. اليقظة والحذر مطلوبان. فأفريقيا أصبحت فى قلب العاصفة!!

نقلا عن اخبار اليوم