حمامات عفرا.. ملاذ الرومان للعلاج ومقصد الأنباط عقب الحج
في درجة حرارة تصل إلى أكثر من 50 مئوية، وعلى الطريق الرئيسي بين محافظتي الكرك والطفيلة جنوبي الأردن أي على بعد 26 كم إلى الشمال من الطفيلة، و40 كم عن شمال مدينة الكرك، وسط حالة جبالية لها سحرها وتضاريسها الشاهقة، ووادي تفوح منه رائحة الفواكه النادرة، توجد "حمامات عفرا"، حيث السيول والشلالات التي تتجمع في برك مائية تمتلئ بالمعادن الشافية ذات خصائص علاجية مميزة في معالجة العقم وتصلب الشرايين وفقر الدم والروماتيزم والكثير من الأمراض المزمنة، فيما يعتبرها البعض مياه مباركة وفرصة للنزهة واسترخاء للجسم، ومعالجة من الاكتئاب.
تاريخياً وقديماً، يقال إن "حمامات عفرا" استخدمت لغايات العلاج في زمن الرومان، حيث كانوا منذ عام 106 ميلادية ومن قبل بعض الميسورين من الشعب الروماني وطبقة الحكم الأرستقراطية، يستخدمون المياه المعدنية للعلاج، فيما تدور الأحاديث أن الأنباط كان يقومون بزيارة الحمامات في طريق عودتهم من الحج.
خالد الخوالدة المشرف على إدارة الحمامات من قبل قطاع خاص، يستحوذ على إيجار "حمامات عفرا" لمدة 5 سنوات من الحكومة الأردنية، قال لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، خلال زيارة هذه الحمامات ضمن جولة ملتقى الطفيلة الإعلامي والسياحي الدولي، إن هذه الحمامات لها تاريخ طويل ومواقف كثيرة مع الشفاء من بعض الأمراض.
وأضاف "الخوالدة"، أن شركته تعمل على تطوير الحمامات وجعلها وجهة سياحية عالمية ومحلية باعتبار أن هذه الحمامات لها خصوصيتها وتعد الأبرز في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن هناك إقبالا محدودا من الزائرين المحليين أو الأجانب نظراً لعدة أسباب تتعلق بالبعد عن عمان وكذلك الطريق ربما لم يعد مؤهلا بشكل يشجع على الزيارات المتكررة.
وأشار إلى أن مقدار الشفاء من هذه المياه كبير، وهناك حالات جاءت بأمراض وخرجت منها بشفاء، موضحا أن الأكثر تأكيدا هو أن من يزور الحمامات ويستجم بها يعود إلى حالة نفسية فريدة جدا، وتعالج الاكتئاب بشكل كبير وعن تجربة شخصية.
وعرض "الخوالدة" مجموعة من المميزات للزائرين من خلال وجود شاليهات للمبيت والاستراحة لا تتجاوز 30 دينارًا أردنيًا، بالإضافة إلى تخصيص مواعيد لأماكن النزول في الحمامات خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء.
ولفت إلى أن تأثير الوضع الاقتصادي المحلي والدولي واضح على التشغيل داخل الحمامات، مناشدا الحكومة بالعمل على الاهتمام بالمنطقة والطرق فيها من أجل تسهيل الوصول والتشجيع على زيارة "حمامات عفرا"، والتي لا تقل أهمية وجودة عن حمامات ماعين القريبة من العاصمة عمان.
وعن تأثير التغيرات المناخية والجغرافية على مياه "حمامات عفرا".. أوضح الخوالدة أنه ربما لا يوجد تأثير يذكر وخصوصًا أنه لم يتم عمل دراسات حديثة بهذا الشأن، مؤكدا أن المياه لم تتغير في درجة حرارتها وربما أيضا ما بها من معادن.
ونوه بأن المياه المفقودة من "حمامات عفرا"، والتي بحكم أنها تخرج من الجبال وتسير في أحواض تم تصميمها من أجل الاستجمام بها ، تذهب إلى مسار ينتهي في البحر الميت، مشيرا إلى أن هذا المسار موجود منذ الأزمنة القديمة ولم يتم عمل أي تعديلات عليه.
وعن الأجواء الدينية بالمنطقة أيضاً، قال "الخوالدة" إن منطقة "حمامات عفرا" بها تاريخ ديني، حيث يتواجد مقام الصحابي فروة بن عمرو الجذامي الذي يعد أول شهيد في الإسلام، خارج حدود الجزيرة العربية، فيما تضم أيضا الكنيسة البيزنطية التي تعود إلى القرن السادس الميلادي، والتي تتكون من ثلاثة كهوف متلاصقة توجد بداخلها رسومات ومظاهر دينية.
وتتدفق المياه المعدنية الساخنة في "حمامات عفرا" من 15 ينبوعًا مختلفًا من بين صخور وادي عفرا وعلى امتداده، ويصل ارتفاع تلك الينابيع إلى نحو 270 مترًا فوق مستوى سطح البحر، فيما تقارب كمية المياه المتدفقة على امتداد الوادي نحو 500 لتر في الثانية، ويطلق عليها عادة اسم المياه الرادونية لارتفاع تركيز عنصر الرادون فيها، إذ تبلغ نسبته نحو 18.3 نانوكوري/ لتر.
وأضاف "الخوالدة" أن المياه المتدفقة من تلك الينابيع تشكل سيولا وشلالات تتجمع في النهاية في برك مائية معدنية، وعادة ما يقصدها السياح والمواطنون بقصد علاج الأمراض الجسدية المزمنة مثل آلام الظهر والعضلات، والمفاصل والعظام، وأمراض الجلد والدورة الدموية، حيث يعتقد أن هذه المياه الساخنة والغنية بالمعادن تساعد في علاج تصلب الشرايين، والروماتيزم والكثير من الأمراض المزمنة، لما تضمه من عناصر ذات خصائص علاجية مثل الصوديوم والكالسيوم، والكلور، وكبريتيد الهيدروجين، والرادون، وثاني أكسيد الكربون.