أكرم القصاص يكتب: نتنياهو .. حرب على غزة وجنون وخوف داخل المجتمع الإسرائيلى
رغم فرق القوة، واتجاه الاحتلال الإسرائيلى إلى مضاعفة الهجمات بتوظيف كل أنواع الأسلحة، فإن الاحتلال يواجه أزمات ومشكلات اقتصادية واجتماعية ونفسية كرد فعل لتفاعل الغضب الفلسطينى، وافتقاد المجتمع الإسرائيلى إلى الشعور بالأمان، وازدياد الخوف، بما يعنى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو الذى يرتكب جرائم حرب، ويمارس حرب إبادة ضد غزة، يعجز عن تقديم أى بيانات عن تحقيق انتصارات، باستثناء المزيد من الشهداء الأطفال والشيوخ، بينما تتواصل خسائر قوات الاحتلال داخل غزة، فى مواجهة المقاومة، وارتفاع كلفة الحرب بجانب العجز عن تحقيق أى أمان للمجتمع الإسرائيلى الذى تتضاعف مخاوفه مع استمرار حرب بلا هدف غير استمرار نتنياهو فى الحكم بالرغم من فشل تحقيق أى نتيجة.
ماديًا، اعترف جيش الاحتلال بمقتل ضابطين وجندى ليرتفع عدد قتلاه إلى أكثر من 500 ضابط وجندى منذ «طوفان الأقصى»، منهم 173 قتيلا منذ بدء هجومه البرى على غزة فى 27 أكتوبر الماضى. بجانب ارتفاع أعداد الجرحى بجروح خطيرة، ورصد رئيس منظمة المحاربين القدامى المعاقين الإسرائيلية فى الجيش الإسرائيلى، عيدان كاليمان، الارتفاع الكبير فى أعداد المصابين فى صفوف الجيش الإسرائيلى، خلال العدوان الجارى على قطاع غزة، وقال فى تقرير نشرته «أسوشيتد برس»، إنه لم يسبق أن رأى كثافة بإصابات الجنود كما يحدث الآن، ونقلاً عن وسائل إعلام إسرائيلية تستقبل المستشفيات 20 جنديا مصابا كل 48 ساعة، مع ارتفاع احتمالات زيادة أعداد القتلى مع استمرار عملية برية بلا هدف.
أما اقتصاديّا، فإن استمرار العدوان يضاعف من الصعوبات التى يواجهها الاقتصاد الإسرائيلى منذ 7 أكتوبر، مع استمرار الخسائر بين قوات العدوان، واستمرار استدعاء نحو 900 ألف للجيش، وتوقف المدارس والجامعات، وتضاعف البطالة، وقد طلبت وزارة المالية الإسرائيلية زيادة إنفاقها الدفاعى بنحو 30 مليار شيكل «8.3 مليار دولار» خلال العام المقبل، بالإضافة إلى 10 مليارات شيكل «2.7 مليار دولار»، لتغطية نفقات إجلاء نحو 120 ألف شخص من الحدود الشمالية والمناطق الجنوبية فى البلاد، وزيادة ميزانية الأمن، كما تسبب منع 150 ألف فلسطينى من الدخول إلى إسرائيل من الضفة الغربية للعمل كالمعتاد، فى تكليف الخزانة أكثر من 800 مليون دولار شهريا، حسب وزارة المالية الإسرائيلية.
نفسيّا، وبالرغم من حرب الإبادة التى يشنها الاحتلال، فقد عجز عن تحقيق الأمن، بل على العكس، تزايدت التقارير التى ترصد تفشّى الأمراض النفسية والعقلية، وانتشار الهلع والرعب داخل المجتمع الإسرائيلى، وارتفاع الإقبال على استهلاك المهدئات والمخدرات والمشروبات الكحولية، بحسب دراسات وتقارير نشرتها وسائل إعلام عبرية فى الأيام القليلة الماضية، وعودة جنود الاحتلال من ميادين القتال مصابين بقائمة من الأمراض النفسية.
وحسب تقرير الزميلة نهال أبوالسعود فى «اليوم السابع»، وتحت عنوان «التكلفة العقلية للحرب» سلطت صحيفة «إسرائيل هايوم» العبرية، فى تقرير لها، الضوء على الآثار الذهنية والنفسية للحرب على الجنود الإسرائيليين، وكشفت عن إقدام أحد جنود كتيبة لواء مظليين كان ضمن العائدين من قطاع غزة على مهاجمة زملائه من جنود الكتيبة، وذلك بإطلاق رشقات نارية من سلاحه الشخصى. وبخلاف الجنود النظاميين والاحتياط، يبدو أن المجتمع الإسرائيلى بأكمله يعانى، وبحسب دراسة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن هناك ارتفاعا كبيرا فى عدد الإسرائيليين الذين يستخدمون الحبوب المنومة والحشيش والكحول والأدوية المسببة للإدمان منذ 7 أكتوبر، وهو ما يحمل آثارا عقلية بعيدة المدى على الإسرائيليين، وفى دراسة لجامعة يافا، بأن 60% من المجتمع الإسرائيلى بات يعانى من اضطرابات التوتر الحاد، ارتفعت بشكل غير مسبوق عن حروب أخرى.
وبالتالى فإن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بينما يقود حرب إبادة ضد غزة، هو أيضا يقود المجتمع الإسرائيلى إلى الجنون ويضاعف من الانقسام والمعاناة، عاجزا عن تحقيق الأمن، وكل هذا من أجل الاستمرار فى الحكم.
نقلا عن اليوم السابع