متجاهلا تحذيرات من ”حمام دم”.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح بريا
أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لجيش الاحتلال، بتجهيز خطة لإخلاء السكان من مدينة رفح الفلسطينية في جنوب قطاع غزة، قبل الشروع في اجتياحها بريًا، رغم التحذيرات الدولية من التبعات الكارثية لهذا الهجوم على المنطقة المكدسة بالنازحين.
وطلب "نتنياهو" من جيش الاحتلال وضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح، على ما أفاد مكتبه في بيان، أمس الجمعة.
وقال رئيس حكومة الاحتلال، إنه "من غير الممكن تحقيق هدف الحرب المتمثّل في القضاء على حماس، وإبقاء أربع كتائب لها في رفح".
وأضاف أنه "من ناحية أخرى، فمن الواضح أن عملية واسعة النطاق في رفح تتطلب إخلاء السكان المدنيين من مناطق القتال".
وتابع البيان: "لهذا السبب أوعز رئيس الحكومة للجيش وأجهزة الأمن، بتجهيز خطة مزدوجة على الكابينيت، لإخلاء السكان من رفح وتفكيك كتائب حماس فيها".
وكثف جيش الاحتلال القصف الجوي على رفح، أمس الجمعة، مع التلويح بهجوم بري على المنطقة، فيما تحذر جهات دولية من التبعات "الكارثية" لهذا الهجوم.
مليون و300 ألف نازح في رفح
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر الماضي، نزح أكثر من 85% من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة- من منازلهم، وتدفق ما يزيد على مليون و300 ألف شخص إلى رفح الفلسطينية، حيث يعيش كثيرون منهم في خيام مكتظة بمساحات شاغرة في العراء أو على الشواطئ، وفقًا لوكالة "رويترز".
ونشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، صورًا ملتقطة من الفضاء لإحدى المناطق في رفح، والتي تكدست فيها الخيم في العراء بشكل كبير، وآثر العديد من النازحين البقاء في غرب المدينة القريب من البحر، خشية تعرضها لاجتياح من الجهة الشرقية، بحسب وكالة "فرانس برس".
التهجير القسري يتعارض مع القانون الدولي
ويأتي التهديد الإسرائيلي باجتياح رفح، رغم التحذيرات الدولية من العدوان على المنطقة المكدسة بالنازحين، إذ حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من "تداعيات إقليمية لا تحصى" للهجوم البري الإسرائيلي على رفح، ورأى أن "عملًا مماثلًا سيزيد في شكل هائل ما هو أصلًا كابوس إنساني".
وذكرت الأمم المتحدة، أن المدنيين في رفح يحتاجون إلى الحماية، لكن لا ينبغي تنفيذ أي تهجير قسري جماعي. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم المنظمة، أمس الجمعة: "نحن قلقون جدًا على مصير المدنيين في رفح، ولن ندعم بأي شكل التهجير القسري الذي يتعارض مع القانون الدولي".
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن "الكثافة غير المسبوقة لسكان رفح تجعل من شبه المستحيل حماية المدنيين في حالة وقوع هجمات برية"،بينما قال موظفون في مجال الإغاثة، إن أي تقدم عسكري إسرائيلي في رفح، قد يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الشهداء بين أكثر من مليون فلسطيني محاصرين هناك، في الوقت الذي قد تتوقف فيه المساعدات الإنسانية تماما، وفقًا لـ"رويترز".
وتقول وكالات الإغاثة إنها لا تستطيع نقل الناس إلى مناطق أكثر أمنًا، لأن قوات الاحتلال متمركزة في الشمال، وإن المساعدات المسموح بدخولها إلى القطاع لا تكفي.
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أمس الجمعة، من أن أي عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في رفح، قد تجلب المزيد من الدمار للسكان المدنيين.
الوضع الإنساني ميؤوس منه
وقال المفوض العام لـ"الأونروا" فيليب لازاريني، إن الوضع الإنساني في رفح ميؤوس منه بشكل متزايد، وإن المدينة تشهد الآن اكتظاظا مع أكثر من مليون و300 ألف شخص أي نصف سكان قطاع غزة، حيث ينام الناس في العراء أو في أماكن إقامة مؤقتة، في ظل ندرة للمياه والطعام.
وقال "لازاريني"، للصحفيين في القدس المحتلة، إن "أي عملية عسكرية واسعة النطاق بين هؤلاء السكان لن تؤدي إلا إلى مزيد من المأساة.
وأضاف: "هناك شعور بالقلق والذعر المتزايد في رفح.. ليس لدى الناس أي فكرة على الإطلاق عن المكان الذي سيذهبون إليه بعد رفح".
و في وقت سابق، حذرت الولايات المتحدة، من أن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، دون تخطيط أو بالقليل من التفكير ستكون "كارثة".
وقال فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، للصحفيين: "لن ندعم القيام بشيء كهذا دون تخطيط جاد وموثوق به، لأنه يتعلق بأكثر من مليون شخص يحتمون هناك، وأيضًا دون النظر في آثاره على المساعدات الإنسانية والمغادرة الآمنة للأجانب".
وذكر البيت الأبيض، أنه لن يدعم أي خطط إسرائيلية للقيام بعمليات عسكرية كبيرة في رفح، مؤكدًا أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أوضح مخاوف الولايات المتحدة بشأن مثل هذه العمليات.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، للصحفيين: "أي عملية عسكرية كبيرة في رفح في هذا الوقت، وفي ظل هذه الظروف، ومع وجود أكثر من مليون وربما أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يلتمسون اللجوء ويبحثون عن مأوى في رفح دون إيلاء الاعتبار الواجب لسلامتهم ستكون كارثة، ولن نؤيدها".
آخر ملاذ للنازحين
من جهته، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن الخطة الإسرائيلية لاجتياح مدينة رفح، آخر ملاذ للنازحين، تثير القلق، بحسب تقرير لوكالة "فرانس برس".
وكتب "بوريل" على منصة "إكس"، أن "المعلومات التي تتحدث عن هجوم عسكري إسرائيلي على رفح تثير القلق"، مضيفًا أن "هذا الأمر ستكون له تداعيات كارثية، تفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلا، فضلا عن خسائر لا تحتمل في صفوف المدنيين".
حمام دم
وحذر الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيجلاند، مما قد يفعله جيش الاحتلال في رفح المكتظة بالفلسطينيين، مذكرًا بما حدث في خان يونس جنوبًا ومدينة غزة شمالاً.
وقال "إيجلاند" في حديث لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إنه إذا قررت إسرائيل ملاحقة مقاتلي حماس في مدينة رفح، فإن ذلك سيؤدي إلى "حمام دم"، وأضاف: "إذا فعلوا في رفح ما فعلوه في خان يونس ومدينة غزة وأماكن أخرى، فسيكون حمام دماء بين الأطفال والنساء وبين الأبرياء".