أندرو ميلر أحدث المستقيلين.. سياسة ”عناق الدب” تعمق جراح إدارة بايدن
عزز أندرو ميلر، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية-الفلسطينية، التحولات المثيرة للاهتمام على الساحة الدبلوماسية الأمريكية، باستقالته، وسط تزايد الانتقادات لسياسة الرئيس جو بايدن تجاه تل أبيب، والتي وصفها البعض بـ"عناق الدب"، في إشارة إلى الدعم الشديد والمطلق لإسرائيل.
وتسلط استقالة "ميلر" الضوء على الانقسامات العميقة داخل الإدارة الأمريكية حول كيفية التعامل مع الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، إذ تعد إحدى حلقات انسحاب الدبلوماسيين الأمريكيين المتواصلة منذ بداية العدوان على غزة.
وسبق أندرو ميلر عدد من مسؤولي الإدارة الأمريكية، من بينهم مدير الشؤون العامة والكونجرس في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية، جوش بول، وأنيل شيلين من مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية، والمتحدثة الناطقة بالعربية باسم وزارة الخارجية، هالة غريط.
استقالة أندرو ميلر
وفقًا لما نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، فإن "ميلر"، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية-الفلسطينية، أبلغ زملاءه اليوم الجمعة بقرار مغادرة منصبه، مستشهدًا بأسباب عائلية نظرًا لأنه لم يتمكن من رؤية أسرته إلا نادرًا خلال الأشهر الثمانية الماضية منذ اندلاع الحرب على غزة.
وتعد استقالة ميلر هي الأرفع مستوى حتى الآن لمسؤول أمريكي يتركز عمله على القضايا الإسرائيلية-الفلسطينية، ووصفه المطلعون على قراره بأنه داعم مبدئي لحقوق الفلسطينيين وإقامة دولتهم، ومفكر متبحر في شؤون الشرق الأوسط.
وتمتع "ميلر" بخبرة واسعة في شؤون الشرق الأوسط قبل توليه منصبه الأخير، إذ عمل سابقًا مستشارًا سياسيًا أول للسفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، وخلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، شغل منصب مدير الشؤون العسكرية لمصر وإسرائيل في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.
وسابقًا، أشاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، بالمسؤول المستقيل قائلًا: "جلب أندرو خبرة عميقة ومنظورًا حادًا إلى الطاولة كل يوم.. الجميع هنا آسفون لرؤيته يغادر، لكننا نتمنى له التوفيق في مساعيه القادمة".
خلافات مع استراتيجية عناق الدب
رغم أن "ميلر" أرجع قرار استقالته إلى أسباب عائلية، إلا أن مصادر أشارت لـ"واشنطن بوست" إلى وجود خلافات بينه وبين سياسة إدارة بايدن تجاه إسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن ميلر كان "متقدمًا على المنحنى منذ البداية" في إدراك مخاطر ما بات يعرف باستراتيجية "عناق الدب" التي اتبعها بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووفقًا لمسؤول أمريكي مطلع، فإن ميلر كان يعتقد أن النفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة على إسرائيل باعتبارها أكبر داعم عسكري واقتصادي وسياسي لها، كان يمكن استخدامه بشكل أكثر فعالية.
تأثير الاستقالة على السياسة الأمريكية
يرى خبراء أن استقالة ميلر تعد مؤشرًا مهمًا على حجم الضغوط التي يتعرض لها الدبلوماسيون الأمريكيون العاملون على تداعيات الصراع.
وعلقت سوزان مالوني، نائبة رئيس ومديرة السياسة الخارجية في معهد بروكينجز، على الاستقالة قائلة: "سيكون رحيله خسارة للإدارة بشكل عام ووزارة الخارجية بشكل خاص.. إنه مؤشر دال على التأثير العام الذي أحدثه الصراع على أولئك الذين كانوا يعملون للتعامل مع آثاره الأمنية على الولايات المتحدة وحلفائها".
فيما وصف آرون ديفيد ميلر، خبير الشرق الأوسط الذي قدم المشورة لإدارات ديمقراطية وجمهورية، "ميلر" بأنه دبلوماسي "ذكي" و"مبدع"، لكنه أشار إلى أنه أصبح من الصعب على المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية التأثير في السياسة.
انقسامات بالإدارة الأمريكية
تأتي استقالة ميلر في وقت تتزايد فيه الانتقادات داخل وخارج الحكومة الأمريكية بشأن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في العدوان على غزة، التي بلغت أكثر من 37,000 شهيد، وفقًا للسلطات الصحية الفلسطينية، مما أدى إلى انقسام المسؤولين عبر الحكومة الأمريكية حول الاستجابة المناسبة.
ورغم الدعم الكامل الذي قدمه بايدن لإسرائيل في بداية الصراع، بما في ذلك إرسال الأسلحة وتوفير الغطاء الدبلوماسي والسياسي في المؤسسات الدولية، إلا أن نتنياهو تجاهل مرارًا المطالب الأمريكية باتخاذ نهج أكثر دقة في غزة والامتناع عن تصعيد التوترات مع الفلسطينيين.