الاحتلال في مفترق طرق.. الانسحاب من غزة أو مواجهة حرب واسعة
وصل الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، إلى حد "الصراخ" في ما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، وتبادل المحتجزين في القطاع مقابل أسرى في سجون الاحتلال.
وكشف موقع "أكسيوس" الأمريكي، أن "صراخًا غير مسبوق" اندلع بين نتنياهو وجالانت خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني المصغر، مساء أمس الأول الخميس.
ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين، أن جالانت دعا خلال الاجتماع للمضي قدمًا نحو التوصل إلى اتفاق مع حماس، في أقرب وقت ممكن. وقال المسؤولون إن وزير الدفاع الإسرائيلي قال إن الصفقة لا تتعلق فقط بإطلاق سراح المحتجزين، بل إنها أيضًا "منعطف استراتيجي" لإسرائيل.
وأضاف جالانت أنه إذا اختارت الحكومة الإسرائيلية المسار الذي يؤدي إلى اتفاق، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل التوترات الإقليمية مع إيران وحزب الله والسماح لقوات الاحتلال بإعادة التسليح والتفكير في استراتيجيتها وتحويل تركيزها من غزة إلى تهديدات إقليمية أخرى.
وتابع: "لكن إذا اختارت إسرائيل عدم المضي قدمًا في صفقة، فإنها ستترك الجيش متورطًا في غزة بينما يؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط والتي قد تؤدي إلى حرب إقليمية".
وتحدث وزير الدفاع الإسرائيلي عن مواجهة إسرائيل خطر اندلاع حرب واسعة على جبهات متعددة في آن واحد.
ونقلت "القناة 12" الإسرائيلية عن مصادر، أن جالانت أعرب عن هذا التقييم خلال اجتماع لمجلس الوزراء الحربي، وجرى ذكر ذلك في محضر الاجتماع.
وتقول الوثيقة التي أعدها العسكريون الإسرائيليون إنه من وجهة نظر القيادة العسكرية، فإن إبرام الصفقة لن يسمح بعودة الأسرى فحسب، بل قد يخفف أيضًا من حدة التوتر على الحدود مع لبنان بسبب المواجهة المستمرة مع "حزب الله".
وفي الوقت نفسه، تنص الوثيقة على أن الفشل في التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يخلق تهديدًا بـ"التدهور الفوري للوضع القائم إلى حالة الحرب على عدة جبهات".
مفترق طرق
كما أشارت القناة الإسرائيلية إلى أنه جرى عرض الوثيقة على نتنياهو وعلى الدائرة الضيقة من المسؤولين رفيعي المستوى، وقالت إن إسرائيل تقف على "مفترق طرق استراتيجي" وعليها أن تختار.
وخلال المناقشة، أطلع نتنياهو الوزراء على موقف المفاوضات، وأظهر لهم خرائط انتشار جيش الاحتلال على محور فيلادلفيا، وزعم أن تل أبيب رسمتها وأقرتها إدارة بايدن، مضيفًا أن مطلبه هو أن يظل جيش الاحتلال منتشرًا بالكامل على طول محور فيلادلفيا.
وكشف المسؤولون أنه في تلك اللحظة تدخل جالانت واتهم نتنياهو بفرض الخرائط على الجيش، على الرغم من أن موقف الأخير هو أنه يمكن تخفيف مخاطر سحب القوات من المنطقة من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين.
وأدى تدخل جالانت إلى غضب نتنياهو وضرب بيده على الطاولة، واتهم وزير جيشه بالكذب، وأعلن أنه سيعرض الخرائط للتصويت في مجلس الوزراء على الفور، حسب المصدر نفسه.
كما ردّ جالانت بهجوم حاد وقال لنتنياهو: "بصفتك رئيسا للوزراء، فأنت مخول بطرح أي قرار تريده للتصويت، بما في ذلك إعدام المحتجزين".
وصوت نتنياهو وسبعة وزراء آخرين لصالح الحفاظ على سيطرة الاحتلال الكاملة على محور فيلادلفيا، وقال مسؤولون إن جالانت كان الوحيد الذي صوّت ضد القرار.
خلاف مستمر
وأوضح "أكسيوس" أن المواجهة غير المسبوقة تكشف الخلاف السياسي المستمر والمتزايد والعداء الشخصي بين نتنياهو وجالانت.
وأضاف الموقع: "كما تظهر الخلاف العميق بين نتنياهو والأغلبية العظمى من مؤسسة الدفاع الإسرائيلية ومجتمع الاستخبارات حول ما يجب أن تكون عليه استراتيجية إسرائيل في غزة بعد مرور ما يقرب من عام على هجمات 7 أكتوبر".
وقال الموقع إن "الصدام بين نتنياهو وجالانت يمكن أن يؤدي إلى تعقيد جهود إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق".
ولفتت صحيفة" تايمز أوف إسرائيل" إلى أن الصدام بين نتنياهو وجالانت يعد أحدث دليل على الانقسام بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية.
وأشارت الصحيفة إن جالانت ورؤساء الأمن حثّوا نتنياهو مرارًا وتكرارًا على تقديم المزيد من التنازلات في المفاوضات، وخاصّة فيما يتعلق بممر فيلادلفيا، خوفًا من أن تؤدي مواقف رئيس الوزراء المتشددة إلى إفشال الصفقة.
ونقلت الصحيفة ما قاله مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنياع، الذي قاد فريق التفاوض الإسرائيلي، خلال اجتماع الكابينيت: "لا يوجد منطق وراء هذا التصويت في الوقت الحالي.. على أية حال، تركز المفاوضات حاليًا على قضايا أخرى وليس على ممر فيلادلفيا".
وكان جالانت هو من صوّت ضد اقتراح احتفاظ الاحتلال بالسيطرة على محور فيلادلفيا، وامتنع وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير عن التصويت.
ممر فيلادلفيا
ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن مصدر مقرب من بن جفير قوله، إن هذا يرجع إلى أن الاقتراح تضمن انخفاضًا تدريجيًا في عدد الجنود على طول ممر فيلادلفيا في حالة التوصل إلى اتفاق، بينما يدعم بن جفير الحفاظ على الوجود العسكري الكامل في الممر وفي جميع أنحاء غزة.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أمس الجمعة، أن مضمون القرار يدعو عمليا جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تقليص وجوده تدريجيًا على طول ممر فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى التي تستمر ستة أسابيع من اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل، وبحلول نهاية هذه المرحلة لن يبقى على طول الممر سوى الجنود في أبراج المراقبة.
لكن الصحيفة نقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير، إنه حتى مع تقليص وجود الجيش الاحتلال، فإن إسرائيل ستحافظ على السيطرة الفعلية على الممر.