شيخ الأزهر يتحدث عن حقوق الزوج على زوجته
تحدث فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، عن حقوق الزوج على زوجته وأوَّلها: أنْ تُطيعه في نفسِها، وتحفظَه في بيتِه ومالِه وعيالِه، وألَّا تأذنَ لأحَدٍ أنْ يدخل بيت زوجها وهو كاره. ولا يَنبغي أن يَتبادَرَ للأذهان أنَّ هذا الحق يعني عبوديةَ الزوجة للزوج، وأنَّ أمرَ الأُسرة في الإسلام دائرٌ بين سَيِّدٍ يَأمُر وأَمَةٍ تُطيع، فمثلُ هذا الفَهْم لا يصدُر إلَّا من عقل مُغيَّب عن القرآن الكريم وأحكام شريعته، والصَّحيحُ أنَّ طاعةَ الزوجة هنا مُقيَّدةٌ «بالمعروف» الوارد في قولِه تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وفي قوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.
معنى طاعة الزوحة لزوجها
وأشار أن الطاعةُ بمعنى الاستبداد نقيضُ المعروف الذي أمَر الله به، ومعاذَ الله وتعالتْ حكمته أن يأمُرَ بالشيء ونقيضه، وقد فَسَّرَ العلماء: «المعروف» المأمور به في مُعامَلة الزوجة بأمرين: الأوَّل: أن تُطيعه فيما هو مُباح شَرْعًا. الثاني: الأمر الذي لا يَلحَقُ الزوجةَ منه أذى أو ضررٌ؛ للقاعدة الكلية التي ورد بها الحديثُ الشريف: «لا ضَررَ ولا ضِرارَ». وإذن فالأمرُ المنهيُّ عنه شَرعًا ليس للزوج حقٌّ في أن يطلبه من زوجته، وإذا طلبه لا تُطيعه، وإذا أطاعته تكونُ آثِمة؛ لقوله ﷺ: «لا طاعةَ لمَخلوقٍ في مَعصيةِ الخالِقِ».
حقوق الزوج على زوجته
وأضاف شيخ الأزهر خلال برنامج “الإمام الطيب” أنَّ من حقوق الزوج كذلك حقُّ حفظِ الزوجة مالَ زوجها، فإنَّه وإن كان محلَّ اتفاق بين علماء الأُمَّة، إلَّا أنَّهم استثنوا بعضَ حالاتٍ مُعيَّنة، منها أن تَتصدَّق من مال زوجها بغير إذنه، ولكن بشرط ألَّا يكون القصد من وراءَ التصدُّق الإضرارَ بمال الزوج، أو تقليلَه خوفًا من أن تدفعه كثرةُ ماله إلى الاقتران بأخرى، ففي هذه الحال لا يجوزُ للزوجة أن تتصدَّق من مال زوجها، وأصلُ هذا الحُكْم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا أنفقتِ المَرْأَةُ مِن بَيْتِ زَوْجِها، غيرَ مُفْسِدَة له، كان لها أجْرها بما أنفقت، ولزوجها أجرُه بما كسب»، وهذا استثناءٌ من أصلٍ ممنوع هو: «التصدُّق من مال الغير بغير إذنه»، لكنْ لما كانت الزوجة لها حقٌّ في مال زوجها، وكان لها التصرُّف في بيتها - جاز لها ذلك، ولكنْ بشرط عدم الإسراف، وبما لا يكون إضاعةً للمال، وعلمها أنَّ ذلك مِمَّا تطيب به نفس الزوج.
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها البخيل
وتابع أنَّ من الحالات المستثناة في مسألة حفظ مال الزوج حالة بُخل بعض الأزواج، وتقتيرهم على زوجاتهم وأولادهم، ففي مثل هذه الحال يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغير إذنِه لتُنْفِقَ على نفسها وعلى أولادها، ولكن -أيضًا- بشرط المعروف وعدم الإضرار؛ وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنَّ هِنْدًا زوجةَ أبي سفيان قالت للنبي ﷺ: «إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ، لا يعطيني ما يَكفيني وولَدي، إلَّا ما أخذتُ من مالِهِ وَهوَ لا يعلَمُ، فقال ﷺ: خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ».
وأشار شيخ الأزهر إلى أنَّ من الحقوق الشرعيَّة للزوج على زوجته، ألَّا تخرج من بيتِها إلَّا بإذن زوجها، اللهمَّ إلَّا فيما جرى به العُرْف من الخروج للعمل، أو لقضاء حاجات المنزل أو حاجاتها، أو زيارتها لأبويها مرةً كل أسبوع حتى ولو لم يأذن الزوج بذلك. وأخيرًا من حقِّ الزوج على زوجته أن تُراعي حالته عُسْرًا ويُسْرًا، وألَّا تُرهقه بمطالب تعلم أنَّها فوق طاقته وقُدْرَته، وأنْ تكفكف من التعلُّق والجري وراء الموضات والإعلانات، وأن تقتصر مطالبها على ما تمسُّ إليه حاجتها الحقيقية.