إسلام عبد الهادي يكتب : ”أنا الوحيد” قصة قصيرة
استيقظ كل يوم كعادتي مفزوعًا مضطربًا
تجول عيناي أرجاء الغرفة وأركانها بحثًا عنه
فيهدأ روعي عندما لا أجده ظنًا مني أنه لم يعد موجود
أقوم لأحتسي قهوتي فأشعر به يجالسني
فتسري قشعريرة عنيفة في جسدي حتى تتملكني
فتتسارع رشفاتي حتي أُنهي قهوتي لأرحل
أريد أن أبدو طبيعيا .. أُوئِدُ خوفي بداخلي أكتم أنفاسه بيدي
انتعل حذائي في عَجل مُتظاهرًا بأن لهفتي سببها تأخري عن العمل
ولكني اتسائل .. كيف لا يلاحظ رهبتي وها هي علامات خوفي تفضحني!
فأنفاسي تتسارع .. يعلو صدري ويهبط بجنون.. يكاد قلبي يتوقف لقسوة خفقانه
ولكن لا وقت للتفكير..
أستجمع أشلائي وحواسي وما بقي من شجاعتي وأخرج هاربًا من خوفي
أنزل الدرج فأجد مع صوت خطواتي خطوات أخرى تطأ الأرض بنفس سرعتي
أُسرع فتُسرع معي.. اُبطئ فتُبطئ معي لأتيقن من أنه خلفي
أخرج لضوء الشمس كأنني كنت في نفق مظلم حالك فألتقط أنفاسي
ظنًا مني أن الضوضاء ستحميني وسيتلاشي خوفٌ قد تملكني
انخرطُ بين الناس كي أتوه منه أبتعد عنه.. ولكنه خلفي
ها هو خلفي يتبعني.. ينتقل إلي يميني.. ثم إلي يساري
يسبقني أحيانًا! لكنه يعلم أين وجهتي
يختفي عن نظري بعض الوقت.. عندما أنغمس في العمل وتسرقني ضوضاء الحياة
ولكني واثق من وجوده معي
كأنه يعيش بداخلي.. كأنه "أنا"
فلقد لاحظت أكثر من مره أنه يقلدني بعض الأحيان
يقلدني في مشيتي في حركاتي في إشاراتي
وأتعجب كثيرا عندما يتغير طوله .. فيبدو أطول مني وأبدو أطول منه أحيانٌ أخرى
ولكني لا أتذكر ملامحه لا أذكر ماذا يرتدي .. لكنه يتبعني
أرهقني التفكير وآلمني الخوف.. بل ألم الوحدةِ أعنف
اسأل نفسي طوال الوقت هل هو موجود؟ أهو مخلوق مثلي أم أنا خالقه؟!
هل نالت الوحدة من عقلي وسيطرت على حواسي فحولتني إلى مريض
فأقنع نفسي بأن هناك من يأبه بي.. من يراقبني ..من يرصد تفاصيلي!
هل هو موجود حقًا.. أم "أنا الوحيد"؟!